الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الأخلاقية @ 24- منكرات الصيف
- أيها الإخوة : جاء الصيف بحرارة الجو ، التي تدفع كثيراً من الناس نحو المناطق الباردة والسياحية.
- جاء الصيف بحرارة الشمس، وشدَّة الحر، التي قد تدفع بعض الناس للضَّجر وضيق الصدر.
- جاء الصيف بوفرة الوقت والإجازات، فترى الناس يسعون لملء فراغهم بما يرونه مناسباً.
- جاء الصيف بالاحتفالات والأعراس، فترى الناس يخصِّصون الصيف لإقامة حفلات أعراسهم.
- أيها المسلمون : ليس بغريب أن يغيِّر الإنسان من نمط حياته في الصيف بشيء من الترفيه أو السفر أو الفرح ونحوها.
- إن الرتابة طول العام تدخل على الإنسان السآمة والملل، فيحتاج إلى تجديد وترويح يعيد إليه نشاطه وحيويته.
- وإنما الغريب المستنكر أن يكون الصيف سبباً لخروج المسلم عن أخلاقه وآدابه، والتزاماته الشرعية.
- فترى بعض الناس ما إن يحلَّ الصيف حتى يحزم أمتعته مسافراً إلى بلاد الكفار، أو بلاد تشبه بلاد الكفار ، حيث لا دين ولا خلق.
- فتراه يعيش صيفه في تلك البلاد وكأنه واحدٌ منهم ، لا يتميَّز بخلقه ولا بدينه عنهم، فالنساء ينزعن الحجاب ، والأولاد ينطلقون هنا وهناك بلا رقيب.
- بل ربما رأيت بعضهم يتخفَّف من أهله وأولاده فيسافر وحده ، ليأخذ راحته في السفر دون رقيب يزعجه.
- ومن الناس من تُخرجُهُ حرارة الصيف عن طبعه وأخلاقه، فتراه يُثار لأتفه الأسباب ، فلا يتحمَّل أحداً.
- ومن الناس من تكون وفرة الوقت عنده سبباً في هلاكه، فقد يملؤه بالباطل: المسكرات، المخدرات، التسكُّع، الجريمة، السرقة.
- وقد ثبت لدى الجهات الأمنية أن نسبة الجرائم والانحرافات تزيد في الصيف، لاسيما في المدن الكبيرة والسياحية.
- وأما الاحتفالات والأعراس؛ فإن بعض الناس يخرجون فيها عن طبائعهم واتزانهم.
- فمنهم من ينفق النفقات العظيمة على حفلة في ليلة، ويتكلَّف بعضهم ما لا يستطيع؛ ليظهر – حسب زعمه – بالمستوى اللائق به.
والبعض يجلب المُغَنِّين والمُغَنِّيَاتِ ويدفع لهم المبالغ الكبيرة.
- ومنهم من يخلط النساء بالرجال في العرس ، وأقلُّهم خطأ من يسمح للعريس بالدخول على النساء.
- فاتقوا الله أيها الناس ، واحذروا المفاسد، واحذروا ضغوط أحبِّ الناس إليكم ؛ فإن الله تعالى يقول: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ".
* * *
- أيها المسلمون: إن ثوابت الشريعة لا يغيِّرها الطقس بحره ولا ببرده.
- والمسلم الحق على استقامة دائمة في سلوكه لا تغيِّر أخلاقه وطباعه حرارة الجو أو برودته، فهو مربوط بالشريعة ظاهراً وباطناً.
- ومن القبيح والشنيع أن يكون المسلم كالحرباء ، يتلون في كلِّ موقع باللون الذي يناسبه، فلا شخصية تميزه ، ولا سلوكَ يُعرف به.
- إن الثبات على الأخلاق الإسلامية ، وانضباط السلوك بالآداب الشرعية: هو خلق المسلم الدائم في كل أحواله، لا يخرج عن ذلك، فإذا أخطأ عاد سريعاً : تائباً مستغفراً منيباً إلى الله تعالى.
- أيها الإخوة : إن ما أجمع عليه المسلمون بأنه منكر فهو منكر في أي مكان وفي أي زمان، لا يجوز تعاطيه داخل البلاد أو خارجها.
- فحضور مواقع اللهو الباطل، وأماكن تبرج النساء، وخلع الحجاب، وما شابه ذلك فهو حرام لا يجوز، في أي مكان وفي أي زمان.
- إن المؤمن في هذه الحياة ، ولاسيما في هذا العصر يعيش وكأنه في سجن، يخاف ربه، ويحفظ بصره، ويحمي أولاده من الفساد.
- وإن من الخيانة التربوية أن يزجَّ الرجل بأهله وأولاده في مجتمعات لا تحترم الآداب الإسلامية، ولا تراعي القيم الخلقية: بحجَّة الترفيه.
- فإن فيما أباحه الله تعالى من الترفيه البريء ما يمكن أن يُغني المسلم الصالح وأهله وأولاده عما حرمه الله.
- ولن يعجز الأب الغيور عن أن يجد من أسباب الترفيه المباح ، ووسائل ملء الفراغ : ما يُغني به أولاده وأسرته ، مادام صادق النية، حسن المقصد.