الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإيمانية @ 22- ضرورة الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم والتأسي به.
-
أيها الإخوة : لقد تقرر عند جميع المسلمين أنه لا فلاح ولا هداية ولا سعادة إلا باتباع
سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
- فطريقه هو الطريق الوحيد
إلى رضوان الله تعالى والجنة ، وصراطه هو الصراط المستقيم إلى الله تعالى.
- فكل البشرية منذ بعثته
عليه السلام ، حتى آخر إنسان يُولد في الأرض هو ملزم بالإيمان به واتباعه .
- وكل البشرية في حاجة
ملحَّة إلى بعثته عليه الصلاة والسلام ، وهي أعظم لهم من طعامهم وشرابهم ومساكنهم
، والدنيا وما فيها .
- فما قيمة ألف عام يعيشها
الإنسان في هذه الدنيا على الكفر ، ثم تكون عاقبته إلى نار جهنم .
- إن خسارة الدنيا شيء
مؤلم ، ولكن أعظم منها خسارة الآخرة ، حين يكون الإنسان في عذاب الله تعالى .
- " إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا
أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ".
- فالدنيا بكل ما فيها
متاع زائل هش ، توشك أن تنجلى عن أمر عظيم ، وأما الآخرة فمتاعها دائم كامل لا ينقطع.
- فكيف يسوغ للعاقل أن
يقدم الزائل على الباقي ، والعاجل على الدائم ؟.
- أيها الإخوة : النبي
محمد صلى الله عليه وسلم هو معجزة الله تعالى للناس ، وآية من آياته العظيمة ، وبرهان من براهين الحق الكبرى .
- فكل آية من الآيات التي
نصبها الله تعالى ليعرفه الناس بها تأتي في الدرجة الثانية بعد الآية المحمدية
الكبرى .
- فالآيات التي خلقها الله
في الكون تدل عليه سبحانه ، كالشمس والقمر والحيوان والنبات ، وأعظم الآيات على الإطلاق : محمد صلى الله عليه وسلم
.
- فهو المثال الكامل
للإنسان الكامل ، الذي خلقه الله تعالى وصنعه ، وأعدَّه ، وهيأه كما يريد ويحب
سبحانه وتعالى .
- قد يشبهُهُ بعض الناس في
صفاته الخَلْقية والجسمية ، ولكن أنَّى لبشر أن يشبهَهُ في كمال خُلُقه وشمائله
وسلوكه .
- لقد بلغ النبي محمد صلى الله عليه وسلم
الكمال البشري المطلق في شخصه الكريم ، حتى أسرت شخصيته العظيمة المحبين والكارهين
.
- حتى قال أحد المهتدين من
النصارى وهو الدكتور دوراني : « أخذت أدرس حياة محمد صلى الله عليه وسلم ، فأيقنت أن من أعظم الآثام أن نتنكَّر لذلك
الرجل الرباني ، الذي أقام مملكة لله بين أقوام كانوا من قبل متحاربين ،
لا يحكمهم قانون ، يعبدون الوثن ،
ويقترفون كل الأفعال المشينة »، إلى أن قال : «أستطيع أن أقول
بكل قوة : إنه لا يوجد مسلم جديد واحد
لا يحمل في نفسه العرفان بالجميل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو القدوة الطيبة التي أرسلها الله رحمة لنا ، وحباً بنا » .
- أيها الإخوة : لقد ضعف
الإيمان برسول الله في نفوسنا ، حتى أصبح باهت اللون ، لا معالم له ولا تأثير .
- لم تعد - للأسف - شخصيته
– عليه الصلاة والسلام - تملك علينا تفكيرنا ومشاعرنا ، كما كانت تملك على الصحابة
مشاعرهم وتفكيرهم .
- يعيش أحدهم دهره كلَّه
حتى يموت ، لا يعرف عن شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا القليل المتناثر
من أخباره وأحاديثه .
- كم هم الذين يعيشون
بيننا ، لا يرون في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من رجل صالح محبوب ،
وُلد في مكة ، ومات في المدينة .
- لا يقتفي أثره ، ولا
يستنُّ بسنته ، ولا يحكِّم شريعته، لا يُميِّزه شيء عن القوم الضالين إلا اسمه في
بطاقته .
- وربما اكتفى بعضنا بذكرى
مولده ، يرددها كلَّ عام ، دون أن يكون لشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم تأثير فاعل في
حياته وأخلاقه وسلوكه .
- أيها الإخوة : لنسأل كم
هو نصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامنا وسلوكنا ووقتنا
؟ كم أعطيناه من حياتنا ومن نفوسنا ؟.
- إن المحبَّ من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمنى أن يُقَطَّعَ
، ولا يُشاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة، فهل يظن الذي تنكَّر
لسنته صلى الله عليه وسلم ، وأعرض عن هديه
أنه بهذه المنزلة من المحبة؟
- يخطئ من يظن أن شخصية
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطت مداها
في السابق ، ولم يبق ما تقدِّمه هذه الشخصية للأجيال المعاصرة والقادمة .
- إن شخصيته – عليه الصلاة
والسلام - بحرٌ زاخرٌ من العطاء العام والشامل، الذي لا ينضب ولا ينتهي، يرتوي كلُّ جيل من
معاني شخصيته – جمالاً وكمالاً - بما يفتح الله به عليهم .
- فما تزال الأجيال
المتعاقبة تنظر إلى جديد من معاني شخصيته العظيمة ، يُلهمهم الله بجانب من جوانب
الكمال المحمدي الذي خفيَ على غيرهم .
- أيها الإخوة : قد يبرز
شخص في جانب من جوانب الشخصية ويتألق ، ولكن من المستحيل أن يبرز في كل الجوانب ،
وتكتمل شخصيته من كل وجه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول
المرتضى من رب العالمين في كل جوانب شخصيته ،
فأينما جال البصر في شخصيته: وجد الكمال البشري المطلق .
- وصدق الله إذ يقول فيه : " يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا
إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا "
.
* * *
- أيها الإخوة : إن حقوق
رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيمة وكثيرة ،
إلا أنه يمكن أن تُلخَّص في ثلاثة حقوق رئيسة:
- الأول : هو
الإيمان الصادق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإجلال مقامه ، وصدقُ
محبته، المحبة الراشدة لشخصه الكريم .
- الثاني : التعرف
بعمق على شخصيته ودينه، الذي جاء في القرآن والسنة، والعمل به .
- الثالث : نشر
رسالته على العالمين ، والدفاع عنها بالنفس والمال ، وتقديمها على كل غالٍ ونفيس .
- هذه حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ،
فلينظر كل منا في نفسه ماذا حقق منها في واقع حياته.