الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الاجتماعية @ 1ـ وسائل التربية الأسرية في الإسلام
· نظام الأسرة هو أقدم نظام اجتماعي عرفه الإنسان, وهو النظام الوحيد الذي أقرَّته الشرائع السماوية منذ آدم عليه السلام .
· حيث يقوم نظام الأسرة على عقد صحيح مشروع بين رجل وامرأة, ويكون من ثمار ذلك الذرية الصالحة من الأبناء ثم الأحفاد.
· ولقد كلَّف الله تعالى الوالدين في الأسرة بثلاث مهمات عظيمة, عليها مدار صلاح الإنسان وفلاحه في الدنيا والآخرة.
· المهمة الأولى: مسؤولية نقل أصول العقيدة الإسلامية إلى الأبناء, وتربيتهم عليها.
· المهمة الثانية: مسؤولية نقل أصول الأخلاق والآداب الاجتماعية العامة إلى الأبناء، وتدريبهم عليها, وضبط سلوكهم بها.
· المهمة الثالثة: مسؤولية تعليم وتدريب الأبناء على ما يُصلح أحوالهم في صحتهم ومعاشهم, وكيف يعيشون في هذه الحياة، ويقوموا بأنفسهم.
· إن هذه المهمات الثلاث لابد لها من وسائل تربوية لتحقيقها ومن أهمها:
1- القدوة الصالحة, فالأبناء في حاجة ملحَّة ليشاهدوا في المربين التطبيق العملي للمبادئ والقيم التي يتحدثون عنها، والتي ينادون بها.
– لن يكون لكلام الآباء والمربين عموماً أيُّ معنىً إذا لم يقترن بالعمل والتطبيق الواقعي .
- إن كلامنا مهما كان جميلاً وحسناً فلن يؤثر في أبنائنا مهما كررناه عليهم حتى يمتزج بأرواحنا ، ويصبح جزءاً من سلوكنا اليومي الذي نعيش به.
- إن المربي القدوة لا يحتاج إلى مواعظ كثيرة ، وتوجيهات متكررة ؛ لتربية أبنائه, فإن سلوكه الواقعي يكفي للتربية والتأثير.
2– ومن الوسائل أيضاً: العدل بين الأبناء, فإن الله يحب أن نعدل بين أبنائنا كما يحب أن نعدل بين أنفسنا.
- وكما يحب أحدنا البرَّ من جميع أبنائه فلابد أن يعدل بينهم ولا سيما في العطايا والنفقات، فإن ترك العدل يثير البغضاء في النفوس.
3– ومن الوسائل أيضاً: التلطُّف بالأبناء وعدم القسوة المفرطة عليهم , فإن الإفراط في القسوة يترك كدمات في نفوس الأبناء ، ويصعب عليهم مستقبلاً التخلص منها.
- وتتمثل القسوة في : العقوبة البدنية الشديدة, والهجر الطويل, والحرمان من الطعام, وكذلك الحرمان من الحب والعطف والحنان.
4– ومن الوسائل أيضاً: مراعاة تفاوت الاستعدادات بين الأبناء, فكلُّ واحد منهم له قدرة وطاقة تخصُّه, تشمل الجوانب الخلقية والعقلية والجسمية، فلابد من مراعاة هذا التفاوت في تعاملنا معهم ، فلا نطالبهم بمعيار واحد.
- فمن الأبناء الذكي ومنهم الغبي ومنهم بين هذا وذاك, ومنهم السهل ومنهم الصعب ومنهم بينَ بين, ومنهم القوي ومنهم الضعيف ومنهم بين بين، فليسوا كلُّهم في درجة واحدة.
- لا يمكن في عالم الإنسان أن تجد اثنين ينطبق أحدهما على الآخر بصورة كاملة حتى التوائم, فلابد من مراعاة هذه الفروق ، ومساعدة المتعثر، والصبر عليه.
5– ومن الوسائل أيضاً : الاستقرار الأسري, بحيث ينشأ الأبناء في أسرة مستقرة يمارس كلٌ من الأب والأم دوره المناط به, ويقوم كلُّ منهما بواجباته الزوجية والأسرية.
- في الأسرة المستقرة يجد الابن أفضل مكان يشبع فيه حاجته للسعادة والأمن, فإذا فقد ذلك في أسرته فأين يجده ؟.
6– ومن الوسائل أيضاً: ممارسة الآباء لسلطتهم التربوية؛ فإن الأبناء بالفطرة في حاجة إلى من يقوم عليهم ، ويضبط سلوكهم.
- وأفضل من يقوم بهذه المسؤولية الضابطة هم الآباء, فقد استقر في نفوس الأبناء أن رمز السلطة والقوة للأب, ورمز الحنان والعطف للأم.
- لقد ثبت أن غالب الانحرافات التي يقع فيها الأبناء تحصل بسبب فقدان سلطة الآباء في البيوت.
7– ومن الوسائل أيضاً: استغلال عاطفة الأمومة في تربية الأبناء, فهم يفتقرون إلى عطفها وحنانها, وكثيراً ما يلجأون إليها في حل مشكلاتهم.
- من خلال هذه العاطفة تستطيع الأم الصالحة أن تغزو أبناءها في عمق نفوسهم, فتبذر في قلوبهم المعاني الصالحة ، والقيم الفاضلة.
- وكم من عالم ومفكِّر وصالح كانت هدايته وصلاحه بسبب أمِّهِ وما كانت تبثُّه فيه من الفضائل والأخلاق والقيم.
8– ولعل من أهم الوسائل: الدعاء الصادق من القلب الخاشع، ومن النفس المشفقة على الأبناء: ) رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ (.
- ) رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (.
- ) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء (.
^ ^ ^
· أيها المسلمون : سؤال مهم لابد أن يسأل الآباء أنفسهم: من المسؤول عن تربية الأبناء إذا تخلى الآباء عنها ؟.
· إن جمعاً من الآباء يظنون أن مسؤوليتهم تنتهي عند حدِّ الرعاية البدنية والصحية والتعليمية, فإذا كان الأمر كذلك فلمن يترك الآباء مسؤولية التربية ؟.
· هل يترك الآباء مسؤولية التربية للمدرسة التي شهد الواقع بتعثُّرها في نقل وتدريب الطلاب على أبسط القيم الخلقية, وانحصار دورها في نقل المعلومات.
· هل تُعطى مسؤولية التربية للمسجد الذي انحصر دوره في أداء الصلاة, ثم تُغلق أبوابه, وقد تعثَّر في أعمال الصيانة والنظافة.
· هل تُعطى مسؤولية التربية للمجتمع الذي عجَّ بالمخدرات والخمور, والمحتالين واللصوص, والمخادعين والمتسولين, والضائعين من الساقطين والساقطات.
· أم هل تُعطى مسؤولية التربية لوسائل الإعلام التي تكفلت نيابة عن الأعداء في تحطيم الأمة من داخلها ؛ حين تنشر الصورة العارية, والأغنية الماجنة, والتمثيلية الساقطة, والفكرة الضالة.
· فإلى من يُعطي الآباء مسؤولية التربية ؟ إلى من يُوكلوا بفلذات أكبادهم, أي جريمة يمارسها الآباء حين يتخلون عن التربية ؟.
· إن من الحقائق الكبرى التي لابد أن يُوقن بها الآباء أنه » لن يربي أبناءَكُم غيرُكُم« . فانظروا لأنفسكم, والله سائلكم عما استرعاكم حفظتم أم ضيَّعتم, والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.