الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ تراجم وشخصيات @ 1ـ عائشة أم المؤمنين
· امرأة مرت على التاريخ الإنساني ، سجَّل لها التاريخ من العلم والمكانة والدعوة ما لم يُسجِّله لامرأة أخرى عبر التاريخ.
· إنها السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومحبوبته, المبرَّأة من فوق سبع سماوات ، الموفَّقة, الصديقة بنت الصديق الأكبر ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشية التيمية المكية النبوية.
· أبوها خير خلق الله بعد الأنبياء, وأمُّها حورية من حوريات الجنة, وُلدت بعد البعثة فلا تعرف الجاهلية، وإنما نشأت في الإسلام .
· عقد عليها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة رضي الله عنها بمكة وهي بنت ست سنوات ، ودخل بها في المدينة وعمرها تسع سنوات , وكانت تلهو بالدُّمى والأرجوحة.
· من فضائلها: أنها البكر الوحيدة التي تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم, نزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معها في لحافها, نزل عذرها من السماء حين تكلم في عرضها أهل الإفك , رأت جبريل عليه السلام , وقرأ عليها السلام, نزلت رخصة التيمم بسببها, اختلط ريق الرسول صلى الله عليه وسلم بريقها عند موته, مات في يومها, وعلى صدرها, ودفن في بيتها، فهذه فضائل لم تجتمع لغيرها من النساء.
· قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: »فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام« ؛ لكونه مفيداً ومشبعاً، وهو من أنفع أنواع الطعام.
· قبل أن يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم رآها في المنام أكثر من مرة، يُؤتى بصورتها في قطعة حرير, ويُقال له: » هذه زوجتك في الدنيا والآخرة «.
· وكانت قد برعت في جميع علوم عصرها في : رواية الحديث, والطب, والأنساب, والشعر, واللغة, ولو أتيح لها شيء من العلوم الطبيعية لبرعت فيه ؛ وذلك لفرط ذكائها ، وشغفها بالعلم .
· قال عروة بن الزبير: »ما رأيت أحداً من الناس أعلم بالقــــــرآن، ولا بفريضـة ، ولا بحلال ، ولا بحرام ، ولا بشعر ، ولا بحديث العرب ، ولا بنسب ، من عائشة «.
· سأل معاوية رضي الله عنه زياداً »: أيُّ الناس أعلم ؟ قال: أنت يا أمير المؤمنين , قال: أعزم عليك ، قال : أمَّا إذا عزمت عليَّ فعائشة «.
· قال الذهبي: » لا أعلم في أمَّةِ محمد ، بل ولا في النساء مطلقاً امرأة أعلم منها «.
· وكانت من أفصح الناس, قال الأحنف بن قيس: » سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، والخلفاء بعدهم ، فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه من في عائشة«، وقيل إنه لم يثبت عنها أنها لحنت قطُّ في كلامها.
· تأهَّلت للتعليم والفتوى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة وعمرها ثمانية عشر عاماً, قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: »ما أشكل علينا أصحاب محمد حديثٌ قطُّ فســألنـا عائشــة إلا وجدنا عندها منه علماً «, وقال مسروق: » والله لقد رأيت أصحاب محمد الأكابر يسألونها عن الفرائض «، يعني يسألونها في علم المواريث, وهي من العلوم العقلية الرياضية والحسابية المعقَّدة.
· والعجيب رغم هذه المكانة العلمية الرفيعة كانت ضعيفة القراءة ، ولا تكتب مطلقاً، وهذا من أغرب أمورها وأحوالها.
· وكانت أحب خلق الله للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقد سُئل: »أيُّ الناس أحبُ إليك يا رسول الله ؟ قال : عائشة«.
· وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلطَّف بها: يسمح لها باللعب بالدمي, والنظر إلى الحبشة يلعبون بحرابهم في المسجد, وثبت أنه سابقها أكثر من مرة على الأقدام في بعض أسفاره , وربما يأكل ويشرب من موضع أكلها وشربها من الإناء والطعام.
· وقد أوقف الرسول صلى الله عليه وسلم مسيره أكثر من مرة بسبب عائشة حين فقدت بعض حُليِّها.
· وكانت مع ذلك شديدة الغيرة من باقي نساء النبي صلى الله عليه وسلم , فكانت تغار من خديجة رضي الله عنها , وربما كسرت إناء طعام لضرَّتها, وحرَّم الرسول صلى الله عليه وسلم على نفسه العسل بسببها, وحرم على نفسه جاريته بسببها.
· وكانت كثيراً ما تختلف مع الرسول صلى الله عليه وسلم فيعلو صوتها, وربما دخل أبو بكر رضي الله عنه عليها فوعظها ، وربما ضربها.
· أيها الإخوة : لقد ابتليت بالحياة في الفترة المكية, وبحفظ أسرار الهجرة النبوية, ثم ابتليت بالهجرة إلى المدينة, وابتليت بالضرائر, وابتليت بالحرمان من الذرية, وابتليت بالقذف في حادثة الإفك, وابتليت بوفاة حبيبها عليه الصلاة والسلام على صدرها, وابتليت يوم الجمل حين خرجت للإصلاح فكانت معركة عظيمة, أول اصطدام مسلَّح بين المسلمين كانت رضي الله عنها سبباً فيه, ندمت عليه ندماً عظيماً وتابت منه , وعكفت بعد ذلك في بيتها حتى ماتت لم تخرج إلا للحج والعمرة, وأغلقت بذلك باب السياسة على النساء.
· أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا(.
^ ^ ^
· لم يكن لعائشة بعد فراق الرسول صلى الله عليه وسلم إلا العبادة والتنسُّك والتعليم, فكانت تصوم الدهر, وتكثر الصلاة بالليل والنهار ، لم تفارق ذلك حتى آخر عمرها.
· وكانت لا تدَّخر شيئاً من المال أو الطعام ، أرسل إليها معاوية رضي الله عنه مائة ألف ففرَّقتها من يومها, وكانت لا تشبع بعد الرسول صلى الله عليه وسلم من الطعام , وكانت كثيراً ما ترقع ثوبها.
· وكانت شديدة الخوف من الله تعالى ، لا ترى نفسها شيئاً ، دخل عليها ابن عباس رضي الله عنها يثني عليها فقالت: » يا بن عباس دعني منك ومن تزكيتك ، فوالله لوددت أني كنت نسياً منسياً «، وكانت تقول: » يا ليتني كنت حيضة ملقاة «, »يا ليتني كنت ورقة من هذه الشجرة «.
· ولما قربت وفاتها رضي الله عنها ، وقد كانت من قبل تحدِّث نفسها أن تُدفــن في الحجــرة بجوار الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم قالت: » إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثاً ، ادفنوني مع أزواجه«، فدفنت في البقيع.
· توفيت رضي الله عنها ليلة السابع والعشرين من رمضـــــــــــان عام سبعة وخمسين من الهجرة، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، وحضر دفنها خلق كثير.
· عاشت رضي الله عنها ثلاثاً وستين عاماً, بقيت خمساً وأربعين عاماً منها بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، قضتها في العبادة والعلم.
· قال مسـروق متأثراً بوفاتها : » لولا بعض الأمر لأقمت المناحة على أم المؤمنين عائشة «.
· وقال عبد الله بن عبيد بن عمـير: » أما إنه لا يحزنُ عليها إلا من كانت أمُّهُ «.