الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الأخلاقية @ 3ـ موقف الإسلام من فاحشة الزنى


معلومات
تاريخ الإضافة: 25/8/1427
عدد القراء: 1942
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·    لا يشكُّ عاقل من المسلمين أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح العباد ، ودفع المضار عنهم في الدنيا والآخرة.

·    فما من أمر أو نهي في هذا الدين إلا وهو يحقق مصلحة أو يدفع مضرة، وهذا أمر عام في الشريعة ، معلوم من طبيعتها.

·    وقد جاءت الشريعة الإسلامية بحفظ الأنساب من الاختلاط, فحرمت كلَّ اتصال جنسي خارج نطاق الزوجية, أو ملك اليمين.

·          فحفظ النسل ورعايتُهُ : مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، جاءت بحفظه ورعايته.

·    وللعاقل أن يتخيَّل كيف يكون حال الناس حين تختلط الأنساب فيما بينهم , كيف يكون الإرث, كيف تكون القرابة, كيف يكون الزواج ؟

·    ومن هنا جاءت الشريعة بتحريم الزنا المؤدي لاختلاط الأنساب, فقال تعالى: )وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَـى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً( .

·          وقال تعالى: )وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ(.

·   وقال أيضاً مهدداً الزناة: ) وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (.

·   وجاءت الشريعة بالحدِّ في حال الزنى, فالجلد للبكر الذي لم يسبق له الزواج , والرجم للثيب الذي سبق له الزواج , وأن يشهد تلك العقوبة طائفة من المؤمنين للعبرة والعظة .

·   والشريعة حين حرَّمت الزنى: حرمت مقدِّماته ودواعيه ووسائله: فحرمت الخلوة بالأجنبية, والاختلاط بين الجنسين لغير ضرورة, وحرمت التبرج على النساء, وأمرتهن بالقرار في البيت, ووجهت الجميع بغضِّ البصر.

·   ومقابل ذلك أمرت الشريعة بالزواج المبكر ، والتوسع في ذلك، وتسهيل أمر المهور, وإباحة التعدد والتسري؛ وذلك حتى تُفَرَّغَ الطاقة الجنسية في الاتجاه الصحيح.

·   ولكن الواقع الاجتماعي يسير في غير هذا الاتجاه الإسلامي, فالزنا ومقدماته تكاد تكون مباحة في كثير من المجتمعات الإسلامية, فغالب القوانين العربية تُبيح الزنى للعزاب فوق الثامنة عشرة مادام يحصل بالتراضي, ولا تحرِّم الخلوة ولا الاختلاط, وتسمح بدور الزنا والمراقص والملاهي، وتترك لوسائل الإعلام العنان في نشر الفواحش، وما يثير الشهوة.

·   ومقابل كلِّ هذا لا تشجع الزواج المبكر بل تمنعه بالقانون, وتحارب التعدد للزوجات ، ولا تحارب تعدد الخليلات ، وكأن القانون يقوم على حراسة الرذيلة ، ومحاربة الفضيلة.

·   أيها المسلمون : إن موقف الشباب في غاية الخطورة حين نفتح أمامه أبواب الشهوات, والإثارة الجنسية ثم بعد ذلك نمنعه من الزواج بالعقبات الكثيرة التي نضعها أمامه , ثم بعد هذا كلِّه نأمره بالتقوى والاستقامة ، فكيف يكون هذا ؟

·   إن العاقل ليتعجَّب : أيُّ تقوى هذه التي  يحتاجها الشاب حين يجتمع في حافلة بصدر فتاة متبرجة حسناء, قد ألجأه الزحام إلى الالتصاق بها ؟ أيُّ تقوى هذه التي يحتاجها لضبط نفسه ؟

·   وإن العاقل ليتعجب كيف يختلي الطبيب بالممرضة الشابة لوقت طويل في آخر الليل ، في مكان آمن  من نظر الآخرين ، ثم يُطالب كلٌ منهما بالتقوى.

·   وإن العاقل ليعجب كيف يختلي ربُّ الأسرة بالخادمة الشابة, ويختلي أولاد الأسرة البالغون بها, ثم يزعم الجميع أنهم أتقياء، لا يصدر عنهم الخطأ.

·   إن الشريعة المباركة حين تحرم أمراً من الأمور : تأخذ بالمسلم بعيداً عنه, وتضع بينه وبين ذلك الأمر الممنوع مسافة كبيرة حتى لا يقع فيه، وتعطيه من البدائل المباحة ما يُغنيه عن الالتفات إلى المحرم.

·   أيها المسلمون : إن الشهوة الجنسية عنيفة وعميقة في النفس الإنسانية, يصعب التصدي لها بصورة كاملة ؛ فهذا المجتمع النبوي، أنقى وأفضل المجتمعات, فرغم كلِّ الوسائل التربوية التي اتخذها الرسول صلى الله عليه وسلم لمنع الانحرافات السلوكية فقد وقعت بعضها, وما ذلك إلا لعنف هذه الغريزة, وعمقها وشدَّتها في النفس ، ومن هذه الأخبار:

·   امرأة خرجت إلى الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي الطريق اغتصبها رجل رغماً عنها, ثم صاحت فوجدوا الرجل، وأُقيم عليه الحد.

·   عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في معركة جلولاء ، وقعت في نصيبه أمَةٌ جميلة حسناء ، فلم يتحمَّل حتى قبَّلها أمام الناس.

·   الفضل بن عباس رضي الله عنهما رديف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر يتلفت على النساء والرسول صلى الله عليه وسلم يحوِّل وجهه من هذا الجانب إلى الآخر، والشاب يُصرُّ على النظر ، والرسول صلى الله عليه وسلم يحول وجهه.

·   فإذا كان هؤلاء الأطهار من ذلك الجيل المبارك يحصل هذا من بعضهم, فكيف بزماننا مع كلِّ هذه الفـتن والإغــــــــراءات، كيف لا يحصل مثل هذا أو أشد ؟ ولهذا ما ينشر عن الجرائم الجنسية في المجتمع المسلم المعاصر : أمر في غاية الشناعة والخطورة.

·   فاتقوا الله أيها الناس ، وارحموا أنفسكم, وارحموا الشباب, فإن الذي يستقيم في هذا الزمان من الشباب فهو وليٌ من الأولياء.

^   ^   ^

·        أيها المسلمون : هناك بعض الوسائل المهمة للحفاظ على المجتمع من هذه الفاحشة ، ومن أهمها:

·   التربية الإيمانية, فضعف الإيمان هو العنصر الرئيس في كلِّ انحراف، والرســول صلى الله عليه وسلم يقــول: » لا يزني الزاني وهو مؤمن « ، فالإيمان هو العاصم الأهم للحفاظ على العفة.

·        التوعية الفكرية بالأمراض الجنسية ؛ فإن المطلع عليها قد يمتنع عن الفاحشة خوفاً من المرض.

·        التأكيد على الزواج المبكر, والسعي في مساعدة الشباب اقتصادياً لتمكينهم من الزواج.

·   إقامة الحدود والتعزيرات الشرعية كما أمر الله ، فهو العليم الخبير, فإن القوانين الوضعية لم تخدم شيئاً، فلم تؤدِّب فاسقاً ، ولم تُصلح مجرماً.

·        تأديب الفتيات والنساء بعدم التبرج والاختلاط بالرجال.

·        منع الشباب من السفر للخارج حيث المفاسد الخلقية ، والانحرافات السلوكية.