الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الأخلاقية @ 1ـ قضية الإختلاط بين الجنسين
· لا يختلف اثنان في أن الأصل في العلاقة بين الجنسين الفتنة, بمعنى أنه يصعب قيام علاقة نزيهة بين رجل وامرأة, تخلو من المعنى الشهواني, بحيث تصبح المرأة الشابة الأجنبية أختاً للرجل كأخته من النسب «.
· قال الله تعالى : ) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ (.
· وفي الحديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: » ما تركت بعدي فتنة أخوفُ على الرجال من النساء «.
· وقال الإمام طـــــاووس في تفسير قوله تعالى: ) وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ( : أي إذا نظر إلى النساء لا يصبر .
· ولقد فُطر الإنسان على استحسان الصور الجميلة, وهذا امتحان من الله للمجاهدة , فزودهم الله – مقابل ذلك - بالعبادة والأذكار ليصبروا.
· ولهذا يعجب الرب من شاب ليست له صبوة – يعني سقْطة - من عظيم الفتنة المركبة فيه.
· إن ترك الشهوة، وضبط النفس أمامها أنفع بكثير من طول الصيام والقيام، فأي انتصار أعظم من الانتصار على الشهوات ، والصمود لها.
· ولهذا جاءت التوجيهات الشرعية بأمر النساء بالقرار في البيت, وفُضِّل لهن الصلاة فيها على المسجد, ومنعن من السفر بدون محرم, وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم عليهن العهد بأن لا ينفردن بحديث الرجال, وجعل لهن باباً خاصاً في المسجد, ومنعهن من وسط الطريق ، وكلُّ هذه التوجيهات لا يفهم منها إلا منع الاختلاط بين الجنسين.
· وكان عمر رضي الله عنه في زمنه يمنع سكنى الشباب العزاب في مناطق المتزوجين.
· وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: » لأن أزاحم بعيراً مطلياً بقِطْران : أحبُّ إليَّ من أن أزاحم امرأة «.
· وكان يقول: » إنما النساء عورة ، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها من بأس ، فيستشرفها الشيطان فيقول : إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه, وإن المرأة لتلبس ثيابها فيقال : أين تريدين ؟ فتقول: أعود مريضاً أو أشهد جنازة أو أصلي في المسجد ، وما عبدت امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها «.
· وأما ما ورد من مواقف الاختلاط بين الجنسين في السيرة النبوية فغالبها قبل الحجاب, أو خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم , أو من أمةٍ مملوكة, أو أمر قد نُسخ.
· فإن الحياة الاجتماعية منذ آخر أيام ا لرسول صلى الله عليه وسلم بدأت في الفصل بين الجنسين, وظهر ذلك جلياً في نسائه, واستمر الفصل عبر قرون الأمة الإسلامية المتلاحقة إلى قبل خمسين عاماً حين بدأت الدعوة للاختلاط في التعليم.
· وكان نساء السلف حتى عند البيت ومظنَّة الاختلاط يطفن بعيداً عن الرجال, ولا يستلمن الحجر خشية المزاحمة مع الرجال , وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها على من استلم الحجر من النساء.
· وكان النساء يطالبن الرسول صلى الله عليه وسلم بمجلس خاص بهن لأنهن لا يستطعن مزاحمة الرجال في مجالسهم.
· وسارت الأمة على ذلك حتى مع العالمات بالحديث ، فكنَّ يحدِّثن من يدخل إليهن من وراء حجاب, كحال عائشة رضي الله عنها, وفاطمة بنت المنذر.
· يقول النووي وهو من علماء القرن السابع: » وقد ثبت أن كثيراً من راويات الحديث يُسْمِعْنَ الأجانبَ عنهن من وراء حجاب «.
· وقال الذهبي: » قد سمعنا من عدة نسوة وما رأيتهن, وكذلك روى عدة من التابعين عن عائشة وما رأوا لها صورة أبداً «.
· وكانت النساء يحضرن مجالس الأئمة يسمعن العلم, ولكن من وراء حجاب, في قسم خاص بالنساء.
· والعجيب أن الفصل بين الجنسين مسلك قديم, حتى قيل إن نوحاً عليه السلام حين حمل معه الرجال والنساء فصل بينهما.
· وأعجب من هذا أن الفصل بين الجنسين كان معلوماً عند أهل أوروبا, وكان بعض النساء إذا حضرن مجالس الرجال وُضعن خلف ستارة, وكان استنكار الاختلاط بين الجنسين في الاجتماعات معروفاً عند أهل أوروبا حتى منتصف القرن التاسع عشر.
· وبعض الأوروبيين حين بدأ الاختلاط في التعليم : رَفض ذلك وسحب بناته, وهذا الوضع الاجتماعي لا يزيد عن مائة وخمسين عاماً.
· ولم يعرف النساء الخروج بالليل في أوروبا, ولم يكن يتحدث الرجل مع المرأة الأجنبـية في القضايا الجنسية ، كلُّ ذلك كان مستهجناً عندهم .
· ثم تدرج الناس في الغرب، وتبعهم أهل الشرق نحو مزيد من الاختلاط بين الجنسين في التعليم والنوادي والمراكز والأندية والعمل.
· فكان من جراء ذلك: ظهور الزنا, وأبناء الزنا, والأمراض الجنسية, والتفكك الأسري ، والفواحش ، والاغتصاب.
· فماذا يريد أهل الاختلاط من بلاد المسلمين المحافظة ؟ وهل يضمن أحد إذا عمَّ الاختلاط ألا يصيبنا ما أصابهم من الفساد.
· تقول فتاة عربية عن أثر الاختلاط عليها: » عملي مع الرجال أعطاني قوة, أنا الآن أقعد مع أيِّ رجل كأني رجل, ما صرت أهاب الرجال, أتكلم معه نداً لند, أحترمه ولكن لا أخافه«.
· وهذه الآثار هي أول خطوة في طريق الانحراف.
^ ^ ^
· قصَّتان إحداهما من عصر النبوة والأخرى في زماننا هذا , أما الأولى فقـد روى أبو داود والبيهقـــــي أن رجلاً مقعد مريض ، لا يُعرف له مثيل في البلاء ، كأنَّه جلد على عظم ، دخلت عليه فتاة مملوكة ، فإذا به ينشط لها ، ويقع عليها حتى يظهر حبلُها ، فلم يمنعه مرضه من الفتنة بها.
· والقصَّة الأخرى ذكرها مصطفى المنفلوطي عن صديق له زمن فتنة تحرير المرأة في بداية القرن العشرين الميلادي ، حيث سافر في بعثة خارجية ، وتأثر بدعوى تحرير المرأة, وأخذ يجمع أصحابه بزوجته, وفوجئ يوماً - وقد تأخرت زوجته عن المنزل- بالشرطة تدعوه, فإذا بها زوجته مع صديق له قد ضُبطا في لقاء مشبوه , فدخله الحزن والألم والمرض حتى مات كَمَداً, وقد أنكر أولاده من زوجته .
· إن هذه صورة من صور مفاسد الاختلاط بين الجنسين.