الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ تربية الشباب @ 7ـ دوافع الغلو عند الشباب وواجبنا في الإصلاح
· إن الناظر في تاريخ الأمة الإسلامية من أولها إلى هذا العصر يجد أن عافية الأمة كانت في أولها ، وقد أصاب آخرها بلاء عظيم.
· لقد سَعِد الجيل الأول بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم سَعِد من بعدهم بصحبة أصحابه الكرام , وتشرَّفوا بقربهم من عصر النبوة.
· ثم تتابعت الأجيال المسلمة يخلف بعضهم بعضاً, يتقدمون تارة ويتخلفون تارة أخرى, حتى جاء العصر الحديث بما فيه.
· جاء هذا العصر بكلِّ ما يحمله من إخفاق المسلمين الذي شمل كلَّ جوانب الحياة, وبدا المسلمون وكأنهم لا يحسنون شيئاً.
· فأما الدين فجهل مطبق, حتى إنك لترى الرجل الذي حصل على أعلى الشهادات العلمية لا يحسن الصلاة ولا الوضوء، فضلاً عن غيرها من الأحكام والواجبات الشرعية.
· وأما الشريعة الإسلامية فقد نُحِّيت عن الحياة, وقام مقامها القانون الوضعي ليُبيح الخمر والزنا، والربا ، ويحكم بالطاغوت.
· وأما الميدان الاقتصادي فإنَّ الأمة أصبحت عالة على المجتمع الدولي ، تأكل مما ينتجه الآخرون, وتلبس مما يصنعه غيرها.
· أعداد كبيرة من الأمة تعيش دون مستوى الكفاف، لا يملكون شيئاً, قد أنهكهم الفقر والمرض والجهل.
· وأما الجانب الإعلامي وهو لسان الأمة الذي يُعبِّر عن دينها وأخلاقها – كما هو مفروض- فقد انشغل بإبراز مفاتن النساء, وبثِّ الأغنية الماجنة، والتمثيلية الساقطة, والدعاية للمستهلكات التجارية, وتتعجب أن جلَّ ساعات البث الإعلامي العربي تُقضى في أقلِّ ما يُقال عنه أنَّه سخيف, فضلاً عن المحرم شرعاً بالإجماع.
· وأما الميدان السياسي فإنَّ الأمة المسلمة بكلِّ دولها لا تعدو أن تكون أعداداً بلا معنى في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، صور بلا حقيقة ولا وزن.
· أيُّ خذلان أصاب الأمة أن تأتي جحافل الكفر إلى بلد من بلاد المسلمين، تحاصر مدنه، وتدكُّهُ على أهله, ثم لا يؤذن للناس حتى بالقنوت، فضلاً عن المقاومة والمدافعة.
· إن هذا التخاذل من المسلمين يُعطي صلاحية لدول الكفر أن تستفرد بكلِّ دولة على حدة، تدكُّها وتؤدب أهلها.
· إن هذا الوضع المؤلم الذي أحاط بالمسلمين, فشلَّهم عن الحركة, والدَّفع عن أنفسهم : هو السبب في خروج شرذمة من الشباب, أحداث الأسنان سفهاء الأحلام, يظنُّون أنهم يستطيعون عمل شيء في مواجهة دول الكفر والطغيان.
· فانطلقوا هنا وهناك يحاولون أن ينالوا من هذا المارد الغربي الطاغي, ولو باليسير الذي يزعجه, فتصدت لهم دولهم – حسب الاتفاقيات الدولية – فتوجَّه هؤلاء الشباب للانتقام من دولهم، ومن رجال الأمن فيها.
· لقد يئس هؤلاء الشباب من مجتمعاتهم, فلم يعودوا يرون فيها أملاً للإصلاح, ولهذا يسعون في تقويض المجتمع وتحطيمه.
· لقد فقد الشباب القدوة الصالحة في غالب المربين من : العلماء والآباء والمعلمين , فلم يعودوا يثقون في أحد, الكلُّ في نظرهم متآمر خائن.
· لقد يئسوا من الشعارات البراقة, وخطب الشجب والاستنكار، دون عمل جاد لإنقاذ الأمة من أزماتها، والخروج بها من اختناقاتها.
· لقد أبى الشباب الظلم الذي تمارسه كثير من الدول الإسلامية ضد رجالها, يُؤخذ أحدُهم بالتهمة شاباً في ريعان شبابه، ثم يخرج من السجن شيخاً هرماً، لا يعرف تهمته ، ولا يعرف ذنبه.
· لقد مُلئت سجون كثير من الدول العربية والإسلامية بالدعاة والعلماء، وقادة العمل الإسلامي فخلت الساحة للسفهاء من الشباب صغار السن ليجتهدوا ويتصرَّفوا ، فجاؤوا بالطامات الكبرى, واستطاع المتربصون أن يستخدموهم ضد مصالح بلادهم.
· وتتعجَّب من بعض الناس يقولون إنهم شباب غسلت أدمغتهم, والسؤال الذي يطرح نفسه : كيف استطاع أناس بإمكانيات بسيطة أن يغسلوا أدمغتهم, وأنتم بكلِّ مؤسسات المجتمع التعليمية والإعلامية والشرعية ما استطعتم ذلك؟.
· لقد علَّمنا ديننا ، وأدَّبنا عند المصائب أن نرجع إلى أنفسنا، ونلومُهَا كما قال تعالى: ) قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ (.
· فعودوا أيها الناس إلى ربِّكم ، واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
^ ^ ^
· إن الواجب علينا معشر المسلمين هو التوبة إلى الله تعالى مما فرطنا فيه في جنب الله تعالى, فما أُصبنا إلا من أنفسنا، وليس هناك أحد يستطيع أن ينال منا ما نكره إلا بإذن الله تعالى.
· إن من واجبنا إشاعة العدل فيما بيننا؛ فإن الله لينصر الدولة الكافرة بالعدل, ويخذل الدولة المسلمة بالظلم.
· إن من واجبنا تطهير أموالنا، واقتصادنا من لوثة الربا، وغسل الأموال, والتبذير, مع ضرورة إخراج الزكاة والصدقات للمحتاجين والضعفاء.
· ضرورة تلمُّس أصحاب الحاجات في ا لمجتمع ، ولا سيما الشباب والفقراء، وتوفير الوظائف، وتأمين الحاجات لهم.
· لابد من تطهير وسائل إعلامنا من السخافة والقباحة, وما يغضب الله تعالى من : تبرج النساء، والغناء الفاحش، والتمثيليات الساقطة.
· وأما ما يتعلق بهذه الفئة المفتونة، فلابد من الوصول إليها بالوعظ والنقاش والحجة حتى يعودوا إلى الصواب.
· ومن ثبت صلاحه منهم خُفِّف عليه الحكم، وقُبلت توبته، مع حسن المعاملة معه.
· مع ضرورة تلمُّس الأيدي الخفية من داخل البلاد وخارجها، ممن يستغلُّون جهل هؤلاء الشباب، فيجندوهم ضد بلادهم.
· الاستفادة من طاقات هؤلاء الشباب، وتوجيهها في الجهاد ضد أعداء المسلمين في ثغور الإسلام، التي ترفع راية الجهاد الإسلامي الواضحة.
· اللهم لا تسلط علينا أبناءنا, اللهم اجعلهم قرة عين لنا, اللهم أصلحهم وأصلح بهم, واجعلهم ذخراً لأوطانهم.