الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ تربية الشباب @ 5ـ الموقف الصحيح من أحداث الرياض 1424هـ
· إن ما وقع في بلادنا قبل أيام أمر شنيع عظيم, ومصيبة كبرى يرفضها الدين والعقل، ولا يرضاها شرع ولا منطق.
· إن مثل هذه الحوادث الشنيعة المؤلمة لا تصبُّ في مصلحة المسلمين, ولا تحقق لهم أملاً يرجونه, ولا خيراً يطلبونه.
· ومما لا شكَّ فيه أن هناك أناساً من الكفار والمنافقين ، ممن يكرهون مصلحة هذه البلاد : يحققون مصالح من وراء هذه الحوادث الشنيعة.
· إن المسلم الحق إذا نزلت به المصيبة علم أنها بقضاء وقدر, وأنها
ما نزلت إلا بذنب وقع فيه, فهي كفارة من الكفارات.
· وإن المسلم العاقل لتهون عليه هذه المصيبة حين يتذكَّر ما نزل بالمسلمين في العراق وفلسطين والبوسنة والشيشان وغيرها, ومن تذكر مصيبة غيره هانت عليه مصيبته.
· إن حجم مصيبتنا في بلادنا لا يكمن في حجم الخسائر في الأرواح والممتلكات، وإنما يكمن في خطر الدوافع والغايات من وراء هذا الحادث المؤلم.
· أيها المسلمون : إذا كان الذين قاموا بهذا العمل الإجرامي هم من أهل الكفر, فإنه ليس بعد الكفر ذنب, فلعنة الله على الكافرين.
· وأما إن كان الذين قاموا به هم من أهل الفرق الإسلامية الضالة، ممن لا يعتمد الكتاب والسنة على الوجه الصحيح فسُحقاً لهم.
· وأما إن كان الذين قاموا بهذا العمل الشنيع هم من أهل السنة والجماعة، ممن يدينون بديننا ويعتقدون عقيدتنا، فإن مصيبتنا كبيرة وعظيمة.
· إن مصيبتنا حينئذٍ أكبر بكثير من خسائرنا في الأرواح والأموال, فالمسلم المظلوم الذي مات في هذا الحادث عُجِّل به –إن شاء الله- إلى رضوان الله, وأما الكافر الذي قُتل في هذا الحادث فقد عجل به إلى سخط الله, وأما الأموال فالله يعوِّضها, وأما الأمن فإنه يتجدد بإذن الله تعالى.
· وإنما المصيبة الكبرى ، والطامة العظمى : أن ينطلق تيار ماردٌ جارف في أهل السنة والجماعة, يعتقد بعقيدتهم ويدين بدينهم , ثم يسعى لحصدهم وتدميرهم.
· أيها المسلمون : إذا كان الذين قاموا بهذا العمل القبيح الشنيع هم من أهل السنة والجماعة فلابد من أسئلة نوجهها إلى أنفسنا:
· ألم يبقَ لأهل السنة والجماعة أسلوب للتعبير والنقد إلا بالعنف والتدمير والقتل؟.
· ما هي الانحرافات والأخطاء التي وقعنا فيها فسلَّط الله علينا أبناءنا ورجالنا يُهلكوننا ويحصدوننا؟.
· ما هو الخلل في مؤسساتنا التربوية حين خرَّجت بعض الشباب الذين لا يشعرون بالانتماء لهذا البلد؟.
· كم هو حجم الإثم الذي يتحمَّلُه كلُّ مسؤول مكلَّف مقصِّر من: الحكام والعلماء والدعاة والآباء والمعلمين؟.
· ما هي مطالب هؤلاء الشباب التي دفعتهم إلى هذه الجريمة النكراء, فإن كانت حقاً فنحن أولى بالحق منهم, وإن كانت باطلاً فيُردُّ عليهم؟.
· أيها المسلمون : لقد أدَّبنا الله حين تنزل بنا المصائب أن نرجع فنسأل أنفسنا, ونبحث عن الخلل فينا, قبل أن نضعه على غيرنا.
· ففي يوم أحد لما هُزم المسلمون وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعجبــــــوا وقالوا: ) أَنَّى هَذَا ( ، فأنزل الله: ) قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ( .
· فإذا كان خير الخلق بعد الأنبياء يُحمِّلُهم الله سبب مصيبة الهزيمة، فماذا تراه سبحانه يقولُ لنا ويوبِّخنا، لو قُدِّر أن ينزل قرآناً في هذا الزمان؟
· أيها المسلمون : إن من الحقائق التي لا بد أن ندركها ونعرفها عن الإنسان المتدين ولا سيما من الشباب ما يلي:
· إن الإنسان المسلم المتدين لا يرضى بالحكم بغير ما أنزل الله في أيِّ صورة من الصور ، وتحت أي ظرف من الظروف.
· إن المسلم المتدين لا يُحبُّ موالاة الكفار، أو نصرتهم على المسلمين، تحت أيِّ مسوِّغ من المسوِّغات.
· إن المسلم المتدين لا يرضَى : تبديد ثروات المسلمين، أو سوء توزيعها، أو المحاباة فيها، أو استخدامها في غير رضى الله.
· إن المسلم المتدين يمقت غالب ما تنشره وسائل الإعلام من المفاسد والقبائح الخلقية، والتضليل الفكري.
· إن المسلم المتدين يغضب لانتشار الملاهي والمغاني والمزامير في بلاد المسلمين، والتبرج والسفور في النساء.
· إن المسلم المتدين لا يقبل الظلم الاجتماعي، وضياع الحقوق، وتحكُّم الوجهاء، واعتماد الواسطة في المعاملات.
· إن المسلم المتدين لا يثق في توجيهات المربين من : العلماء والمعلمين والآباء إذا كانوا يقولون ما لا يفعلون.
· إن المسلم المتدين يعتقد أن الدين كلٌ لا يتجزأ، فلا بد من أخذه بكامله وعدم تقطيعه، أو تعطيل بعضه.
· إن هذه المفاهيم هي الغالبةُ عند المسلمين المتديِّنين، إلا أن بعضهم لا يعرف كيف يعبِّر عنها، ولا يعرف كيف يطالب بها، فقد تصدر عن بعضهم مسالك منحرفةٌ وشاذة، فلا بد من الأخذ بأيديهم نحو حسن التدبير, والصبر والحكمة في أسلوب الدعوة.
· أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ) قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( .
^ ^ ^
· أيها المسلمون : إن التنديد والولولة على مثل هذه الأحداث لا تصنع شيئاً، وإنما المطلوب السعي الجاد في عدم تكرار مثل هذا الحادث الشنيع، وهذا يكون من خلال أمور من أهمها:
· تعاون الجميع في أن يكونوا عيوناً ساهرة على أمن وسلامة البلاد، فالأمن مسؤولية مشتركة.
· الإفساح بصدق للتيار الإسلامي المعتدل في غير تفلُّت، الحازم في غير تطرف.
· فتح قنوات واسعة ومباشرة للحوار البنَّاء بين الراعي والرعية، في غير خوف أو رهبة.
· محاسبة النفس عن تقصيرها، والمبادرة بالتوبة الصادقة من الأخطاء والذنوب في جنب الله.
· الحذرُ من أخذ بريء بجريرة غيره؛ فإن الله يقول: ) وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (.