الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ تربية الشباب @ 1ـ الشباب المسلم وأعداء الخير
تعتمد الأمة في القديم والحديث على سواعد شبابها في قيام نهضتها, وازدهار حياتها ، وتطوير قدراتها
وبقدر ما يملك الشباب من قوة الأبدان ، وسلامة العقول ، وتنوع العلوم: تملك أممهم من النهضة والتقدم والازدهار بقدر ذلك .
وللناظر أن يحكم على أيِّ مجتمع بالخير أو الشر من خلال شبابه, فبصلاحهم صلاح المجتمع, وبفسادهم فساده.
ولقد أثمرت دعوات الأنبياء عليهم السلام في كثير من الشباب, حتى كانوا أساس الدعوات وعمادها وقوتها.
ولقد كان للشباب الأدوار الكبرى والمهمة في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم, فقد كان أكثر أتباعه من الشباب الناهض ، المتطلع إلى الخير.
ففي الوقت الذي تأخر فيه إسلام شيوخ قريش ، وتباطأوا عن الدعوة : سارع كثير من الشباب إلى الإسلام, وصبروا وصابروا.
ولقد كان للشباب عبر تاريخ الإسلام منذ النبوة إلى عهد الراشدين فما بعده الدور الأكبر في النهضة والازدهار.
ولم يكن واقع الشباب الجاد ومثابرته لتُسْعد أعداء الإنسانية والفضيلة , من أصحاب الأيدي الخفية الفاسدة المفسدة.
لقد انطلق أعداء الخير عبر خطط مدروسة ومرسومة ليُفسدوا شباب العالم بعامة ، وشباب المسلمين بخاصة.
ولقد تمكَّنوا منذ أكثر من خمسين سنة من العبث بشباب أوروبا وأمريكا حتى شكى عقلاؤهم ما حلَّ بشبابهم من الضياع والفساد.
وها هُمُ اليوم قد تمكَّنوا من كثير من شباب المسلمين, يعبثون بعقائدهم وأخلاقهم وسلوكياتهم.
فكم من الشباب الذين بدَّلوا دينهم, وتبنَّوا نحلاً ضالة باطلة, كالشيوعية والبهائية والقاديانية, وما بدعة عبدة الشيطان منا ببعيد.
وكم من شباب لم يبقَ لهم من الإسلام إلا الأسماء, أما الأخلاق والسلوك فشيء آخر.
لقد ضيَّع جمع هائل من شباب المسلمين الصلاة, حتى مرَّ على الأمة وقت - ليس ببعيد - يندر فيه وجود الشاب المصلي.
تدخل المسجد الجامع في بعض الأمصار الإسلامية الكبىرة ، فلا تجد إلا الهَرِمَ من الرجال, وعدد قليل من متوسطي العمر, أما الشباب فلا وجود لهم.
لقد انشغل الشباب بالملاهي والمراقص ودور السِّينما, ووسائل الإعلام المختلفة, ومواقع الانترنت المشبوهة.
وجمع من الشباب انشغل بالفتيات, في الأسواق والمنتزهات, وعبر الهواتف والجوالات, يفتن بعضهم بعضاً.
وجمع آخر من الشباب قد وقع فريسة المسكرات والمخدرات, فلم يبقَ له من الإنسانية إلا صورتها.
وجمع آخر من الشباب قد اعتاد الجريمة من السرقة, وترويج المخدرات, وهتك الأعراض, والجرأة على المحرمات.
ولقد كان للصحوة الإسلامية دورها الرائد في انتشال جمع من الشباب من طريق الغواية والضلال إلى طريق الهداية والاستقامة.
فكم من شاب ضال هداه الله، وكم من شاب هالك أحياه الله, وكم من شاب مدمن تاب الله عليه.
فعُمِرت المساجد بالشباب، وتستَّر الفتيات بالحجاب، وازدهر الكتاب والشريط والمنشور الإسلامي حتى غزت الأسواق والبيوت.
ولم يكن هذا الوضع الإيجابي ليُسعد أعداء الخير والفضيلة ، فعملوا على تغيير خططهم، وتطوير وسائلهم، والانطلاق ضد المسلمين من قوس واحدة، فبدأت الأحداث من غزو الروس لأفغانستان، ومروراً بحروب الخليج، وانتهاءً بأحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ولقد كان من ثمار هذه الأحداث المتلاحقة ظهور خللٍ واضطراب في غالب صفوف الأمة ، وفي وغالب فئاتها وطبقاتها.
حتى إنَّ الناظر المتأمل لا يكاد يجد شخصاً سَلِمَ من قليل أو كثير من رياح التغيير السلبي, إلا أن يكون شيئاً نادراً.
ولقد وصل نفوذ أعداء الخير ومكرهم إلى أن يصلوا إلى بعض أبناء الصحوة الإسلامية فيُغيِّروا اتجاهاتهم نحو التكفير والتفجير, فبدلاً من أن يكونوا عوناً لأمتهم يصلحون بالحكمة ما فسد فيها, فإذا بهم يسعون إلى هلاكها وتقويضها وتدميرها.
أيها المسلمون : إن ما لحقنا من أذى أعدائنا في أنفسنا وفي أبنائنا لم يكن ليصيبنا لولا تفريطنا في أخذنا لديننا بقوة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ) وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (.
^ ^ ^
إن الشباب في حاجة إلى التفاتة صادقة جادة من المجتمع, يتلمَّس حاجاتهم, ويعرف رغباتهم ، ويقف على مشكلاتهم.
وهذه الالتفاتة ليست اختياراً لنا, نأخذها أو نتركها, بل هي فريضة علينا, فإن انحرافات الشباب مؤلمة وخطيرة ، ومزعجة للمجتمع.
فلنرحم عواطف الشباب من الإثارة والفتن في تبرج النساء، والصور الخليعة، والأغاني الساقطة ، والملاهي الماجنة.
ولنرحم نفوس الشباب وعقولهم من الغزو الفكري والأخلاقي المدمر عبر وسائل الإعلام.
ولنرحم طاقات الشباب من البطالة ، وشحِّ الموارد الاقتصادية؛ فإن البطالة والفراغ أُسُّ الضلال والانحراف.
ولنرحم كرامة الشباب أمام أعداء الأمة الذين استباحوا حرمتها، وأذلوا كرامتها, فإن الشباب لا يطيق الذل.
اللهم ارحم شبابنا, والطف بهم, واحفظهم من الضلال والغواية والغلو يا رب العالمين.