الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الجهادية @ 9ـ غزوة الخندق
· في السنة الخامسة من الهجرة النبوية سعى جمعٌ من اليهود لدى المشركين بمكة والقبائل العربية في الجزيرة لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن معه من المسلمين في المدينة.
· وذلك بعد أن ثبت لديهم قوة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، لاسيما بعد معركتي بدر وأحـد، وخروجـه إلى حمـراء الأسد, فلابد – حسب زعمهم - من قوة كبيرة لاستئصاله.
· وقد استخدم اليهود كلَّ وسائل الإقناع لحثِّ المشركين على القتال, حتى إنهم سجدوا لأصنام أهل مكة، تأييداً لمعتقداتهم الباطلة على دين الإسلام .
· اجتمع عشرة آلاف مقاتل من : قريش وغطفان وغيرهم من قبائل الجزيرة، وساروا إلى المدينة لغزوها.
· علم الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الجمع الكبير، واستشار أصحابه كعادته, فأشار عليه سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر الخندق، ليحول دون التقاء الجيشين غير المتكافئين.
· وزَّع الرسول صلى الله عليه وسلم حفر الخندق ، أربعون ذراعاً لكل عشرة رجال, وكان يعمل معهم، ويحمل بنفسه التراب، ويرفع صوته يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا
فأنزلن سكيــــنة علينـــا وثبِّت الأقدام إن لاقينا
· خرج الرسول صلى الله عليه وسلم مرَّة وهم يحفرون، وقد أجهدهم التعب والجوع، فقال: »اللهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة«.
· فردوا عليه: » نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً «.
· حاول بعض الأطفال أن يشاركوا في معركة الخندق فردهم الرسول صلى الله عليه وسلم, وقبل من هو في الخامسة عشرة.
· عرضت لهم أثناء الحفر صخرة عظيمة فضربها الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: » الله أكبر أُعطيت مفاتيح الشام, الله أكبر أُعطيت مفاتيح فارس, أُعطيت مفاتيح اليمن «.
· ولما رأى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما شدة الجوع على الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد ربط حجرين على بطنه : دعاه إلى طعام قليل, فنادى الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش يدعوهم إلى طعام جابر, وكانت المعجزة.
· أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يُشرف بنفسه على توزيع الطعام، حتى أكل الجميع، ووزَّعوا باقي الطعام على الناس في المدينة ، وكان عددهم ثلاثة آلاف مقاتل.
· وصل المشركون مشارف المدينة، ففوجئوا بالخندق, فلم يكن لهم سوى الحصار، فحاصروا المدينة قريباً من شهر.
· وكان الفريقان يتراميان بالنبل والخندق يحول بينهما , إلا عمرو بن وُد لم يتحمل هذا المقام حتى اقتحم الخندق إلى صف المسلمين، فبارز علياً فقتله عليُّ رضي الله عنه.
· كان الخوف شديداً ، والرعب قد ملأ النفوس, والقلوب بلغت الحناجر, والمؤمنون على ثقة من النصر, والمنافقون في خذلان.
· في هذه الأثناء الحرجة نقض بنو قريظة العهد مع المسلمين ،وهم داخل المدينة, وليس في المدينة إلا النساء والذرية، فكان نقضهم في غاية الشدة على المسلمين.
· بعد أن طال الحصار طلب الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة شديدة الظلمة أن يذهب أحد المسلمين ليأتي بخبر القوم ، فلم يقم أحد, وكان الرسول عليه الصلاة والسلام في كل مرة يعرض عليهم مكافأة ، ومع ذلك لم يقم أحد، فأمر حذيفة رضي الله عنه بهذه المهمة.
· فلم يجد حذيفة بُداً من أن يُجيب الرسول صلى الله عليه وسلم, فخرج وكأنَّه في حمام من الدفء, وأتى القوم فإذا هم في ضجر شديد، فتلطَّف وعاد بالخبر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
· عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على إعطاء بعض القبائل المقاتلة شيئاً من ثمر المدينة على أن يرجعوا ، فلم يوافق الأنصار على ذلك وصمدوا للقتال.
· في هذه الأثناء أسلم نعيم بن مسعود رضي الله عنه فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدفع المشركين بأيِّ وسيلة, فسعى بالوقيعة بين قريش واليهود حتى ثار بينهم الخلاف.
· وأرسل المولى عز وجل على الأحزاب ريحاً شديدة، خلعت خيامهم، وقلبت قدورهم، حتى عزموا على الرحيل بعد أكثر من عشرين يوماً.
· ) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (.
· ولما رجع المسلمون إلى المدينة، ووضعوا السلاح جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بالخروج إلى بني قريظة للانتقــــــــام منهم على نقض العهد , فحثهم على الخروج, وقال : »لا يصلينَّ أحدٌ منكم العصر إلا في بني قريظة «.
· حاصر الرسول صلى الله عليه وسلم بني قريظة خمساً وعشرين يوماً, فلمَّا أجهدهم الحصار عرض عليهم كعب بن أسد الدخول في الإسلام , أو أن يقتلوا نساءهم وأولادهم، ثم يخرجوا للحرب فأبوا.
· ثم كانت نهاية أمرهم الاستسلام، ليحكم فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· وأعطى الرسول صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم لسعد بن معاذ رضي الله عنه وكان جريحاً, فحكم فيهم بقتل الرجال، وسبي النساء والذرية، وتوزيع الأموال.
· وكان هذا هو حكم الله فيهم من فوق سبع سماوات نطق به سعد بن معاذ رضي الله عنه.
· أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ) وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (.
^ ^ ^
· أيها المسلمون : هؤلاء هم اليهود في كلِّ عصر، هدفهم استئصال أهل الحق, بكلِّ الوسائل, وتحريض الضالين والمشركين لحرب المسلمين.
· إن الكفر ملَّة واحدة ، ففي هذه الغزوة تحالف كلُّ المشركين ضد المسلمين, وكذلك هم في كل عصر.
· عناء اليهود عن الإذعان للحق, فلو أسلموا ولو نفاقاً لنجوا من القتل, ولكن أراد الله هلاكهم كفاراً.
· لا خير في المنافقين، فهم أهل خذلان وتثبيط وخوف وشك، فعدمهم أفضل من وجودهم.
· لابد لطول الليل أن ينجلي, ولابد لهذا الظلم من زوال, وغالباً
ما يأتي الفرج بعد الشدة, ولم يبقَ لليهود على أرض فلسطين من أعمال يعملونها, فإذا انسحبوا وانخذلوا فسوف تكون صفحة جديدة معهم، لتصفية الحساب، كحال أسلافهم من بني قريظة.