الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الجهادية @ 5ـ تعظيم حرمة مكة المكرمة


معلومات
تاريخ الإضافة: 6/10/1427
عدد القراء: 6024
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله الذي رفعَ قدر البيتِ وجعلَهُ مثابةً للناس وأمناً, أحمده وأستعينه وأستغفره, وأعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيِّئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل لــه, ومن يضـــلل فلا هاديَ له, وأشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أفضلُ من عظَّمَ البيتَ, وأقامَ الشعائرَ, وبيَّن السننَ, فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.  أما بعد:

فاتقوا الله عبادَ الله, وارجوا اللهَ واليومَ الآخرَ ولا تعثوا في الأرض مفسدين.

) إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا (.

 ) وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (.

) وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (.

) إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْـمُسْلِمِينَ ( .

أيها الإخوة الكرام: هذه مكةُ وهي بكةُ، والحرَمُ, والبلدَةُ, والمسجدُ الحرام, وهي: البلدُ الأمينُ, وأمُّ القرى، التي عظَّمها الله تعالى, ورفَع قدرَهَا, واختارها على سائر البقاع؛ لتكونَ ملاذاً للناس وأمناً, تهفو إليها الأفئدةُ من كلِّ مكــان, حتى ما يكادَ يراها أحدٌ إلا ويشتاق إليها, ولا يشبعُ منها. حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »والله إنكِ لخيرُ أرضِ الله, وأحبُ أرضِ الله إلى الله, ولولا أني أُخرجتُ منكِ ما خرجتُ«, وقال مرة: »ما أطيبَكِ من بلدٍ, وأحبَّكِ إليَّ, ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرَكِ «.  وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: » لولا الهجرةُ لسكنتُ مكةُ, فإني لم أرَ السماءَ بمكانٍ أقربَ إلى الأرضِ منها بمكة, ولم يطمئنَّ قلبي ببلدٍ قطُّ, ما اطمأنَّ بمكة, ولم أرَ القمرَ بمكانٍ أحسنَ منه بمكة «.

أيها الإخوة الفضلاء: في مكةَ الكعبةُ المشرَّفةُ: صرَّةُ الأرض, وقبلَةُ الخلقِ, وفيها الحجرُ الأسود, يمينُ الرحمن, تنحطُ عنده الخطايا والذنوب, ويشهدُ يومَ القيامة لمن استلمهُ بحق. الصلاةُ فيها بمائةِ ألف صلاة. أفضلُ مُعْتَـكَفٍ للعاكفين, وأعظمُ جوارٍ للمجاورين. عندها ماءُ زمزمَ خيرُ ماءٍ على وجه الأرض, من شربَهُ للطعامِ شبعَ, ومن شربـــــــه للريِّ رويَ, ومن شَربَهُ للشفاء سَلِمَ بإذن الله تعالى.

أيها الناس: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ما أجازَ شدَّ الرحال للعبادة إلا لبيتِهِ الحرامِ والمسجدين, ولم يُلزمْ خلقَهُ القدومَ إلى أرض سوى مكةَ والمشاعرِ: ) وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (. ومن رحمته سبحانه وتعالى بخلقه أن جعلَ البلدةَ حَرَمَاً آمناً, يأمنُ فيه الخلقُ جميعاً: الصالحُ والفاسق, والطَّيرُ والدواب, والشجر والحجر, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إن هذا البلدَ حرَّمهُ اللهُ يومَ خلقَ السماواتِ والأرضَ, فهو حرامٌ بحرمةِ الله إلى يوم القيامــة, وإنَّــهُ لا يحلُّ القتالُ فيه لأحدٍ قبلي, ولم يحلَّ لي إلا ساعةً من نهار, فهو حرامٌ بحرمة اللهِ إلى يوم القيامة, لا يُعْضَـــدُ شوكُـــهُ – يعني لا ينزع – ولا يُنفَّرُ صيده«. وقال أيضاً: » إنَّ مكةَ حرَّمها الله, ولم يُحرِّمها الناس, فلا يحلُّ لامرئٍ يؤمـن بالله واليومِ الآخرِ أن يســفكَ فيها دماً, ولا يعضِدُ فيها شجرة«. فجعل سبحانه وتعالى حدودَ المسجدِ سياجاً لحرمةِ الكعبةِ المشرفة, وجعلَ حدودَ الحَرَمِِ سياجاً مُحرَّماً للمسجد, وجعل المواقيتَ حولَ مكةَ سياجاً آخرَ لتعظيم مكة. فلا يقربُها أحدٌ إلا وقد أمِنَ واستسلمَ لله تعالى, فأمِنَهُ الناسُ, وأمنَ هـو منهــم. فلا يحـلُّ حملُ السلاحِ فيها, ولا الاستمتاعُ بلقْطَتِها, ولا أكلُ صيدها, ولا تجويعُ أهلِها باحتكار الطعام, فإنَّ إيذاء الناسِ في الحرم من الإلحاد،  بل إن الذي يهمُّ فيها بالسيئةِ تُكتبُ عليه.  فالسيئةُ فيها عظيمةٌ, ليست كسائرِ البلاد, فإنَّ من يعصِ السُّلطانَ في دارهِ ليس كمن يعصيهِ في غير داره. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: »لا يحلُّ لأحدٍ أن يحمل السلاح بمكة «. ويقـــــول عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: »يا أهلَ مكة لا تحتكروا الطعامَ بمكةَ, فإن احتكار الطعام بمكةَ إلحادٌ «.

وإنَّ من مظاهر تعظيم البيت: حُرْمَةَ دخولِ الكفَّار إليه, فلا تحلُّ مكةُ ليهودي أو نصراني أو مجوسي, فالكفار نجسٌ لا يقربونها, قال الله تعالى: ) إِنَّمَا الْـمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْـمَسْجِدَ الْـحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا (. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »لا يحجُ بعد هذا العامِ مشركٌ «. فمُنع منهـــا الكفارُ حتى تبقــى خالصةً لأهل التوحيـد, بل إن رسـول الله صلى الله عليــه وسلم أمرَ بتطهــير الجزيـرة من كلِّ كافرٍ لا ضرورة في بقائــه- حتى يخلُصَ الحرمُ وحِماهُ للمؤمنين؛ فإن الكفار لا يقدِّرون الحرمات.

ومن فضلِ الله تعالى ورحمتِهِ بهذه البلدة وأهلِها: أن جعلها على الدوام في سلطان من يُعظِّمُها حتى من الكفَّار, ولم يجعلها قطُّ تحتَ سلطانِ الجبابرةِ العتاة, فهذا حالُها من أولِ الدَّهر, فإنَّ الحبشةَ لما أرادوا البيت بسوءٍ: أخذهُمُ اللهُ, وجعلهم نكالاً وعبرةً لغيرهم .  ولما جاءَ المستعمرونَ الأوربيُّونَ, فسيطروا على العالم الإسلامي: حَجَبَ الله عنهم هذه البلاد, وأعتقها من سلطانهم. وأما في مستقبلِ الحياةِ فإنها محميةٌ بسلطان الله تعالى الذي حفَّها بالملائكة من كلَّ صوبٍ ونَقَب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »المدينةُ ومكةُ محفوفتانِ بالملائكةِ, على كلِّ نَقَبٍ منها ملكٌ, لا يدخلُها الدجالُ ولا الطاعون«.  فحتى الدجال, الذي يَعُمُّ سلطانُهُ الأرض كلَّها: لا يستطيعُ هذه البلدة. وكلُّ جيشٍ يُحاول غزوها: فإنَّ مصيرَهُ الخسفُ؛ قال عليه الصلاة والسلام: » يغزو جيشٌ الكعبة, فإذا كانوا ببيداءَ من الأرضِ يُخسَفُ بأولهم وآخِرِهم «.  فلابد أن يبقى هذا البيتُ معْلَمَاً من معالم التوحيد, شامخاً, حتى إنه سوف يُحَجُّ بعد يأجوجَ ومأجوج, ويحُجُّه عيسى بنُ مريمَ عليه الصلاة والسلام. ولن يُخَرَّب البيتُ, ويُهدمَ إلا في آخرِ الزمانِ, قُبيل قيامِ الساعةِ على يد ذي السُّويْقتينِ من الحبشة. أما قبلَ هذا: فإنَّ هذا البيتَ في حمىَ الله تعالى وسلطانِهِ المنيع.

أعوذ بالله من الشيـطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: ) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (.

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيِّاكُم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم, من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا وسيِّدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ( ، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (.

أيها الإخوة: لقد كان للسلف الكرام مع هذا البيت شأنٌ عظيم, فقد كانوا يقدِّرونه قدرهُ, ويعرفونَ مكانَتَهُ, ويحترمون جواره, فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدخل مكةَ قطُّ إلا مُحْرماً في حجٍ أو عمرة, ولما دخلها عامَ الفتح في غير إحرامٍ, دخلها مطَأطِأً رأسَهُ, ذليلاً بين يدي ربِّهِ عز وجل, حتى إنَّ لحيته الشريفة لتمسُّ موقع رحْلهِ من شدة تواضعه لله تعالى, وتعظيمِهِ للبيت.

وكذلكَ السلفُ الصالحُ, من أصحابه الكرام رضيَ اللهُ تعالى عنهم, فقد كانوا يُراعون حرمةَ البيت, ويعظمونَهُ, فقد كان عمرُ رضي الله عنه يبكي ويشتدُّ بكاؤهُ عند الكعبة, وكان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه, ربما قامَ بكاملِ القرآنِ في ركعةٍ واحدةٍ عند الحجر الأسود.  وكان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما يجتهدُ في مكةَ بالعبادة حتى وصفَهُ الواصفونَ: بأنه كالعودِ من شدةِ خشوعه في صلاتهِ, وكان بين عينيه سجدةٌ عظيمةٌ من طولِ الصلاةِ عند البيت.

وكان عطاءُ بن أبي رباح رحمَهُ الله, في المسجدِ الحرامِ أربعينَ سنةً يُصلي بالليلِ ويطوفُ دونَ ملل, وكان طلْقُ بن حبيب رحمه الله إذا قامَ بمكةَ إلى الصلاة يفتتحُ البقرةَ فلا يركعُ حتى يبلغَ العنكبوتَ. وسافرَ المغيرةُ بن حكيمٍ رحمه الله إلى مكةَ أكثرَ من خمسينَ مرةً، صائماً مُحْرِمَاً في حجٍ أو عمرة.

وكانوا حريصينَ أن لا يخرجوا من مكةَ قبل أن يختِمُوا القرآن. وكلُّ ذلك اغتناماً منهم للأجرِ والثواب, وتعظيماً للبيت العتيق, وأخذاً منهم بنصيحةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: » لا تزالُ هذه الأمةُ بخير ما عظَّموا هذه الحرْمةَ حقَّ تعظيمها, فإذا ضيَّعوا ذلك هَلَكوا«. وصدق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم, فما ضاعت الأمةُ الإسلاميةُ اليومَ إلا بعد أن ضَعُفَ في نفوسِهِم التعلُّقُ بهذا البيت, والشعورُ بالانتماءِ إليه. حتى غدا بعضُ المسلمينَ لا يفرِّقون بين مكةَ وغيرِهَا من البقاع, ورَغِبَ كثيرٌ من الناس عن الحجِّ والعمرة رغمَ قدرتِهِم عليهما, وربما تجرَّأ بعضُهُم في حرمِ الله تعالى على اقترافِ المعاصي والمنكرات, بل حتى كبائرِ الذنوبِ والموبقات, متناسينَ حُرمةَ المكان, وشرفَ الزمانِ, وجِوارَ بيت الله الحرام.

أيها الإخوة الكرام : من حجاجِ بيت الله الحرام إن واجِبَكُم الحرصُ على أداء المناسك كما شرعَ اللهُ تعالى, وسؤالُ أهلِ العلمِ إن خَفِيَ عليكم شيء, وعليكم أن تتجنَّبوا المعاصيَ والمنكرات, وما لا يَعْنيكم في دينكم ودنياكُم: من البدعِ والأفكارِ المشبوهةِ, مع الحرص على استغلال الأوقات الثمينة في العبادة والذكر, والإحسانِ إلى الناس: فإن الأجرَ في هذه البلاد مُضاعف ولاسيما في العشر.

وأما أنتم يا أهلَ مكةَ, فأنتم أهلُ الله تعالى اختارَكُم لجوار بيته, وقُرْبِ كعبتهِ ليبتلِيَكُم: أتُحسنُونَ أم تُسيئون, فقد كان السلفُ يعظِّمونَ أهلَ الحرم, ويرونَ لهم فضلاً, فقد كانوا يقولون عنهم: أهلُ الله تعالى, وكانوا إذا رأوا أحداً منهم قالوا: هذا من أهلِ الله تعالى, فهذه منزلةٌ عظيمةٌ, ومكانةٌ جليلةٌ, ومازال الناسُ حتى اليوم يعظِّمون أهلَ مكةَ, ويرونَ لهم فضلاً عليهم, فلابدَّ أن تكونوا أهلاً لهذه المكانة, وهذا الاختيارِ من ربكم, من خلال الإحسانِ إلى الحجاج بالمال, والكلمةِ الطيبةِ, والإرشاد والتعليم, وعدم الاستغلال أو الاحتكار؛ فإن هذا من الإلحاد في الحرم. مع الحرص على العبادة, والأدب بجوار البيت حتى يرى الحجاجُ عليكم سِيما الصلاح والفضل, فتكونوا لهم قدوةً صالحة, يحملون عنكم أفضل الذكرى, ولا تكونوا أزهد الناسِ في نعمةِ الله عليكم بجوار البيت.

ألا وصلُّوا على البشير النذير, فقد أمرَكُم الله تعالى بذلك فقال عز وجل: ) إِنَّ اللَّـهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (. اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة والقرابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم برحمتك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين وأذلَّ الشركَ والمشركين ودمِّر أعداء الدين, واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين, اللهم آمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع هداك طالباً رضاك يا رب العالمين.

اللهم أصلح أحوالَ المسلمينَ, واكشِف عنهم الكُرَبَ, واصرف عنهم السوء, وأكْرمهُم بفضل شريعتك, ورحمةِ سنَّةِ نبيكَ محمد صلى الله عليه وسلم. وكُفَّ عنهم حقد الحاقدين, وسلطانَ الجائرين من الكفرةِ والمنافقين. واجمعهم على الحقِ المبين, بفضلك يا أرحم الراحمين.

عباد الله إن الله يأمر بالعدلِ والإحسانِ وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله يذكركم، واشكروه يزدكم، ولذكرُ الله أكبرُ ، والله يعلم ما تصنعون.