الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية العقلية @ 1ـ التوجيه الإسلامي للعقل البشري


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/9/1427
عدد القراء: 1384
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله الذي خلقَ الإنسانَ, وأبدعَ في صنعته العقلَ والجنَان, أحمدُه وأستعينه وأستغفره, وأعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادَي له. وأشـهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أكملُ الخلقِ عقلاً, وأحسنَهُم نظراً, وأنضجَهُم فهماً, فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد فاتقوا الله عبادَ الله فيما خوَّلكمُ الله تعالى من القوى الجسدية, والملكاتِ العقلية, والسلامةِ النفسية, فإنها من أعظم النِّعم التي تفضَّلَ بها اللهُ تعالى على عباده, فإنَّ من سَلِمَ لهُ عقلُهُ من الآفات المفسدة, وسَلِمَ لهُ قلبُهُ من الشُّبَه المُضلَّةِ والأهواءِ المُخلَّة, وسَلِمَ لهُ جسدُهُ من الأمراضِ المُهلكة: فقد جُمع له الخيرُ من كلِّ جوانبه, وكملت له النعمةُ من كلِّ أطرافها, وأصبحت مسؤوليةُ الشكرِ عليه من أعظمِ الواجباتِ, وأثقلِ المهمات.

أيها المسلمون: إن نعمَ الله تعالى كثيرة, وفضائلَهُ على عباده لا تُعد, ولعلَّ في التذكير بواحدةٍ منها ما يدلُ على غيرها, وينبِّهُ لما سواها. فنعمةُ الصحةِ العقليةِ, والسلامةِ الذهنيةِ من آفات الخبَلِ والجنون, أو النقصِ والضمور: من أجلِّ نعم الله تعالى على العبد, ومن أعظمِ فضائِلِهِ الموجبةِ للشكر والحمد. فالعقلُ جماعُ الأمر والرأي, يحفظُ صاحبه من التورط في المهالِكِ, ويحبِسُهُ عن السقوط في المهاوي, ويمنعُهُ من التردي في الرذائل. به يعرف الخيرَ من الشرِ, والقبيحَ من الحسنِ, وبه يدركُ ويفكِّر, ويحفظُ ويتذكَّرُ, وبه يتعلمُ ويعرف, ويتخيلُ ويُبدع.

ولكم أن تنظروا أيها الإخوة إلى من فقدَ هذه النعمة, فحُرمَ خيرها كيف يتخبط في دروب الحياة, فلا يفقـهُ من أمورهـــا شـــيئاً, ولا يعرف لمصلحته درباً, إلا أن يعطف عليه الناس, فيُصلحوا من شأنه, ويرحموا ضعفَهُ، يقول الله تعالى مبيناً هذه النعمة: ) وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (, ويقول أيضاً: ) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ(، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: » كرمُ الرجلِ دينُهُ, ومروءَتُهُ عقلُهُ, وحسَبُهُ خلُقُهُ «، ويقول الحسن البصري رحمه الله: » لا يَتمُّ دينُ الرجلِ حتى يَتمَّ عقلُهُ «, ويقول يوسف بن أسباط رحمه الله: »العقلُ سِراجُ ما بَطنَ, وزينةُ ما ظهر, وسائسُ الجسد, مِلاكُ أمرِ العبد, لا تصلحُ الحياةُ إلا به, ولا تدورُ الأمورُ إلا عليه«، وفي القديم قالت الحكماء: »من لم يكن عقله أغلب الأشياء عليه: كان حتفُهُ وهلاكُهُ في أحبِّ الأشياءِ إليه«.

أيها الإخوة: إنَّ أعظمَ نعمةٍ يُعطَاهَا العبدُ بعد الإسلام: صحةُ العقل, فإن مدار الشريعة عليه, إذ لا تكليف بغير عقل, فمن ذهب عقلُهُ سقطَ عنه التكليف, وإنما رُكِّبَ العقلُ في المكلَّفينَ حتى يكونوا به مسؤولينَ, وبناءً عليه مخاطبينَ.  ولهذا جاء الخطاب القرآني موجهاً للعقلاء, كما قال الله تعالى: ) وَتِلْكَ الأَمْثَـــالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ (, وقال أيضاً: ) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (, وقال أيضاً: ) لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ(.  بل وحتى التوجيه القرآني إلى النظر في آيات الله تعالى الكونية, والاعتبارِ بالأحداث التاريخية, والاتعاظِ بتقلبات الحياة الدنيا: اختصَّ بها العقَلاءُ من الناس, ممن يستطيع أن يُدركَ الآية, ويفهمَ الموعظةَ، يقول الله تعالى: ) وَمَا الْـحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَـهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (, ويقول أيضاً: ) وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ (, ويقول سبحانه وتعالى عن هلاك الأمم السابقة: ) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيـمَ  (, ويقول أيضاً: ) أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (.

وأما عن آياته سبحانه وتعالى المبثوثةِ في الكون, فهي الأخرى للعقلاء من بني آدم, كما قال سبحانه وتعالى: ) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقـَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(, وقال أيضـاً: ) وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُون مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون(، وقال أيضاً: ) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (. وكذلك الاعتبار بالموتِ والحياةِ, وتقلباتِ الحياةِ الدنيا فإنما يُدركُها العقلاءُ كما قال سبحانه وتعالى: ) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَة  ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَـكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (, وقال أيضاً: ) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (.

أيها الإخوة: إذا كان ضعفاءُ العقولِ معذورينَ من التأمل والتدبر في آيات الله تعالى المقروءةِ والمنظورةِ, فما بالُ العقلاء, الذين يُدركونَ كلامَ الله تعالى, ويفهمونَ خطابَهُ, ويعقلونَ أمرَهُ, فما بالُهُم يُعرضون عن الحق, ويصمُّون آذانهم عن السماع, بل ما بالُهُم يُعاكِسونَ مرادَ الله تعالى, ويصدون عن سبيله.

أيها الإخوة: إنَّ عقلَ الإنسان كملكةٍ وموهبةٍ ربانية: لا قيمةَ له في حدِّ ذاتِهِ كجهازٍ إذا لم يستخدمْهُ صاحبُهُ في الفهم عن الله تعالى, واستيعابِ خطابِهِ, ومن ثمَّ تطبيقِ أمره. كما أنَّ أداءَ العقلِ البشري في عمارةِ الأرضِ, واستخراجِ كنـوزِها, وفهمِ الســنن الطبيعيــة كلُّ ذلكَ لا قيمةَ له, ولا مكانةَ له في ميزان الحق, إذا لم يكن على منهج الله تعالى في كتابِهِ, وطريقة رسوله في سنته.

أيها الناس: ما قيمةُ أعقل العقلاء, وأذكى الأذكياء إذا لم يهدِهِ عقلُهُ إلى اتباع الحق, ونبذ الباطل. إنَّ إنشاءَ المنشآتِ, واختراعَ الآلات, وتطويرَ المبتكراتِ لا قيمةَ له بغير الإيمان الصحيح والعمل الصالح. فما قيمة عَالِمِ الشــرق الذي أبدعَ الســيارة, وأتقن الآلة حين يعـبدُ بوذا, وما قيمــة عَالِمِ الغــربِ الذي صَنَعَ الطائــرةَ, واخترعَ القاطِرَةَ حين يعبد عيسى.  وما قيمةُ أذكياء التاريخ الإنساني الذين عَمَروا الأرضَ حينَ يعبدون فرعونَ, أو كسرى, أو قيصر. أليس مصيرُ هؤلاءِ يوم القيامةِ أن يقولوا: ) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (. أليسوا ممن قال الله تعالى فيهم: ) وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَـهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(, نعم غافلونَ عن الحقائقِ الكبرى, عن الهدف من عمارة الأرضِ, غافلونَ عن الله تعالى والدارِ الآخرة, فلم تُغنِ عنهم عقُولُـهُم شيئاً إذْ كانوا من أصحاب السعير.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ) وَعْدَ اللَّـهِ لا يُخْلِفُ اللَّـهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَن الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (.

أقول هذا القول وأستغفر الله تعالى لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ على نعمِهِ, والشكرُ له على عطاياه وكرمِهِ, أحمده وحده لا شريك له, وأشهد أن لا إله إلا هو الإله الحق المبين, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, خاتم النبيين, ورسولُ الناس أجمعين. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة: إنَّ دينَ الإسلامِِ جاءَ بمبدأ الحرية الإنسانية في أسمى صورها, وأعلى مراتِبِهَا, ابتداء من حرية المعتقد: ) لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ(, وانتهاءً بكل نشاطٍ إنسانيٍ مقبولِ شرعاً وعُرْفاً. ومن مبادئ هذه الحرية, التي جاء بها الإسلام: حرية الفكرِ والنظرِ, حيث وجَّهَ الإسلام العقل البشريَّ ضمنَ حدودِ عالمِ الشهادة, لينظر, ويتفكَّر, ويعمل, ويطوِّرَ, وجَّهَهُ ليكتشفَ سننَ الله تعالى في الطبيعة, حتى يُسخِّرَهَا في عمارةِ الأرض, وازدهار الحياة, وزوَّدَهُ بالحواس, فأمدَّه بالنظر, وشقَّ له السمعَ, وأعطاهُ القدْرَةَ على التذوقِ والشمِ واللمسِ, حتى يتمكن بمجموع هذه الحواسِ والعقل المدركِ أن يستفيدَ من مدَّخراتِ الكونِ التي أعدَّها الله تعالى له, وهيَّأها لاستخدامه, كما قال سبحانـــه وتعالى: ) اللَّـهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(.  ولكنَّ الإنسانَ إذا ما اكتشف شيئاً من هذه السنن الربانية, أو المدخرات الكونية, فطوَّرَ شيئاً منها حتى طـارَ في الســـماء, أو غاصَ في أعماقِ البحار, أو خرَقَ الجبال: فإذا به يتنكَّرُ لصاحب الفضل, ويتعالى على مُسبغ النعم جلَّ جلاله, حتى قال قائِلُهُم: »إنما كانَ الإنسانُ القديمُ يعبدُ الله عندما كان متخلفاً مُحتاجاً إلى الله, أما اليومَ وقد تمكَّنَ من العلمِ فلا حاجة له إلى إلهٍ يعبده«. وكأنَّهُم بقولهم هذا يظنونَ أنهم ينتزعونَ العلمَ من الله انتزاعاً, ويغتصبونَ منه كنوزَ الأرضِ اغتصاباً، ) أَفَبِنِعْمَةِ اللَّـهِ يَجْحَدُونَ (.

أيها الإخوة: إن الإسلام وهو يوجِّهُ الطاقةَ العقليةَ إلى عمارة الأرض, واكتشافِ سُننها لا يسمَحُ للعقلِ البشري – مهما بلغ من النجاح والإبداع أن يخرجَ عن حدودِهِ المرسومةِ, وقدراتِهِ المحدودة، كما قـال الله تعـالى: ) وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (, وقال تعالى: ) وَمَاأُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً(, وقال أيضاً: ) وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ (،  فهو محدودُ بعالمِ الشهادةِ, فالغيبُ محجوبٌ عنه, وما اكتشفَهُ من العلوم والمعارف, وما توصَّلَ إليه من المخترعات لا يعدو شيئاً في علم الله تعالى, وعظيمِ قدرتِهِ وسعَةِ ملْكِهِ.

كما أنه مع كلِّ ذلك لا يخرجُ عن فضل الله وكرمه حين مكَّنه من الاستمتاع بكنوز الأرض, ومخترعات العقل، ) وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّـهِ
لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّـهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (.

أيها المسلمون: ومع أن الإسلام يحدُّ للطاقـــة العقلـــية حدوداً لا تتخطاها, ويرسمُ لها معالمَ لا تتجاوزُهَا, فإنه مع ذلك يمنع كلَّ معوِّقاتِ النمو العقلي السليم حتى تبقى الطاقةُ العقليةُ سليمةً لاستقبال التكاليف الربانية, والقيامِ بالعمارةِ الأرضيةِ, ولهذا حرَّمَ الإسلامُ المسكراتِ والمخدرات, وجعل المحافظة على العقل من ضروريات الدين التي جاءَ للمحافظة عليها. وأمر مقابل ذلك بالتنمية العقلية, فحثَّ على العلم والتعلم, وأمر بالنظر والتعقُّل, وذمَّ الهوى الذي يطمسُ العقل, ويُضلُّ عن سبيل الله, ونهى عن الجمود العقلي على ما كان عليه الآباء والأجداد, مما يخالِفُ الحقَ, كما قال الله تعالى: ) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبـَاءَنَا أَوَلَوْ كَــانَ آبـََاؤُهُــمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ * وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِـقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ(.

نعوذ بالله من الخذلان, اللهم إنَّا نسألك علماً نافعاً, وعملاً صالحاً, اللهم إنا نعـــوذ بك من علمٍ لا ينفعُ, وقلبٍ لا يخشــعُ, وعين لا تدمَعُ, ودعوةٍ لا يُستجاب لها.

ألا وصلوا على البشير  النذير, صاحبِ المقامِ المحمودِ, والحوض المورود, ) إِنَّ اللَّـهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  (. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. اللهم ارض عن الصحابة والقرابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين, اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين, وأذلَّ الشرك والمشركين ودمِّر أعداء الدين, واجعل اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين, اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, واجعـــل اللهم ولايتنا في من خـافك واتقاك واتبع هداك طالباً رضاك يا رب العالمين, اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال, اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا, وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان, واجعلنا يا ربنا من الراشدين.

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعـمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم
ما تصنعون.