الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإجتماعية @ 3ـ فضل بر الوالدين وخطر العقوق
· تحتل العلاقات الاجتماعية مكانة كبرى في نظام الإسلام الاجتماعي, فقد جاء الإسلام بالتأكيد على الصلة وتحريم القطيعة.
· وفي الحديث: » الرحم تنادي: ألا من وصلني وصله الله, ومن قطعني قطعه الله « .
· وأعظم صلة يقوم بها المسلم في حياته الاجتماعية: صلة والديه, والإحسان إليهما, والحرص على برِّهما.
· فقد قرن الله تعالى بين توحيــــــــده والإحسان إلى الوالدين فقال: ) واعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (.
· وخصَّ المولى عز وجل الأم فقال: ) وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا (.
· وأكَّد الرسول صلى الله عليه وسلم على برِّ الأم ، فقد كرره للسائل ثلاثاً لحاجة الأم إلى البر لضعفها, وعظيم جهدها وشدة مشقَّتها.
· قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : » سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أيُّ العمل أحبُّ إلى الله عز وجل ؟ قال: الصلاة على وقتها, قال: ثم أيُّ ؟ قال: برُّ الوالـــــــــدين, قال: ثم أيُّ ؟ قال: الجهاد في سبيل الله «.
· ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: » رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد «.
· ويقول أيضاً: » الوالد أوسط أبواب الجنة «.
· وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم البرَّ طريق الجنة ، لا سيما برَّ الأم الوالدة ، فقد قال عليه الصلاة والسلام لمن جاء يُريد الجهاد معه: » ويحكَ أحيَّةٌ أمُّك ؟ قال : نعم يا رسول الله, قال: ويحك الزم رجْلها فثمَّ الجنة «.
· وكان عليه الصلاة والسلام يقول: » رغم أنفُ ثم رغم أنفُ ثم رغم أنفُ, قيل : من يا رسول الله ؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كِلَيْهما فلم يدخل الجنة «.
· ولهذا كان السلف يعتبرون البرَّ أفضل طرق الجنة وأسرعها, فقد جاء أحدهم إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال له: » أتخاف النار أن تدخلها ؟ قال : نعم , قال : وتحب الجنة أن تدخلها ؟ قال : نعم، قال: حيٌ والداك؟ قال : عندي أمِّي, قال: فوالله لو ألنت لها الكلام, وأطعمتها الطعام : لتدخلنَّ الجنة ما اجتنبت الكبائر «.
· ويقول ابن عباس رضي الله عنهما : » إني لا أعلم عملاً أقربَ إلى الله عز وجل من برِّ الوالدة «.
· وقد كان السلف شديـد الحرص على الأدب مع الوالدين ولا سيما مع الأم.
· فهذا سيِّد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءته فاطمة السعدية رضي الله عنها التي أرضعته : بسط لها رداءه وأجلسها عليه.
· وهذا أبو هريـرة رضي الله عنه إذا جاء يخرج من بيتــــه نادى أمَّه: » السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته ، فتقول : وعليك يا بني السلام ورحمة الله وبركاته, فيقول رَحِمَكِ الله كما ربيتني صغيراً ، فترد عليه: رحمكَ الله كما بررتني كبيراً «.
· وهذا محمد بن المنكدر كان يضع خدَّه على الأرض ويقول لأمِّه: قومي ضعي قدمَكِ على خدي.
· وهذا كهمس بن الحسن التميمي رأى عقرباً دخلت في حُجرٍ في بيت أمِّه ، فأدخل يده خلفها فلدغته, فعُوتب في ذلك، فقال: خفت أن تخرج على أمي فتلدغها.
· وهذا عبد الله بن عون: نادته أمُّهُ فأجابها ، فعلا صوته على صوتها بعض الشيء: فأعتق في ذلك رقبتين.
· لقد علم هؤلاء السلف أن البرَّ واجب بالوالدين, وأنه طريق الجنة: فاحرصوا أيها المسلمون عليه ، واستكثروا منه ، ترجون بذلك فضل الله ورحمته.
^ ^ ^
· أيها المسلمون : كما جاء الأمر بالبر بالوالدين فقد جاء التحذير الشديد ، والوعيد العنيف من العقوق فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: » لا يدخل الجنة منَّان ، ولا عاق ، ولا مدمن خمر «.
· وقال أيضاً: » ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وشهادة الزور «.
· وقد أجمع العلماء على أن العقوق للوالدين من الكبائر الموجبة لسخط الله وأليم عقابه.
· والعقوق يشمل كلَّ ما يؤذي الوالدين من : قول أو فعل أو قطيعة أو بخل أو نحوها من قبائح الأفعال والأقوال.
· فإن حقَّ الوالدين عظيم، وإعطاءَهما حقَّهما عسير جداً, إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه ثم يُعتقه، وهذا وضع لا يكان يتحقق بين والد وولده.
· والبر يشمل الوالدين وإن علو ؛ يعني الأجداد والجدات فهم في حكم الوالد.
· أيها المسلمون : إن العقوق يُفسد على العاق أمره, في الدنيا والآخرة, فهذا جريج رغم فضله وعبادته عاقبه الله حين لم يُجب أمَّهُ حين دعته.
· وقد كان السلف يحرصون على البر حتى بعد الممات, فهذا عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما يلقى ابناً لصديق عمر في سفر : فيعطيه حماره وعمامته.
· أيها المسلمون : لابد للعاق من أن ينتقم الله منه, فقد جاء في الأخبار : » أن أعرابياً خرج إلى حي فوجد رجلاً كبيراً قد علَّق في حلقه حبلاً فيه دلو يستقي من بئر عميقة في حرِّ النهار, وخلفه شاب يضربه بالسوط, فأنكــــر عليه ، فقال الشـــاب: هو أبي, فقال : لا جزاك الله خيراً ، فقال الشاب : أُسكت فهكذا كان هو يصنع بأبيه ، وهكذا كان يصنع أبوه بجده «، نعوذ بالله من الخذلان.