الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإجتماعية @ 2ـ أصول نظام الإجتماع الإسلامي


معلومات
تاريخ الإضافة: 12/9/1427
عدد القراء: 1168
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

            فَطَرَ الله تعالى الإنسان على أن يكون اجتماعياً بطبعه, يكره العزلة والانفراد, ويحب الجماعة والاجتماع.

            إلا أنه لابد لهذا الاجتماع الإنساني من نظام يحكمه, ويدير شؤونه، وينظم تفاعلاته .

            ومن هنا فقد أقام الإسلام نظامه الاجتماعي على أصول ثلاثة:

     الأصل الأول: الإيمان بالله تعالى, بحيث يعمُر القلب بحب الله تعالى، والخضوع له وعبادته, مع الإيمان بالغيب.

            فالإيمان بالله هو أصل الأصول , وأسُّ الأسس ،  وعليه مدار الإيمان بأكمله، فلا دين بغير الإيمان بالله .

            ويندرج تحت الإيمان بالله:

     الإيمان بالملائكة الكرام عليهم السلام , على أنهم خلق من خلق الله تعالى, فُطروا على الطاعة لرب العالمين ، لا تصدر عنهم المعصية.

     الإيمان بالكتب المنزلة: كالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن، فالمؤمن يؤمن بالكتب المنزلة إيماناً مجملاً، ويؤمن بالكتب المذكورة في القرآن إيماناً وتفصيلاً.

     الإيمان بالرسل, فقد قص الله علينا جمعاً من أخبار الرسل، فالمؤمن يؤمن في الجملة بالرسل والأنبياء جميعاً ، ويؤمن تفصيلاً بمن ذكرهم الله تعالى في كتابه.

     الإيمان باليوم الآخر ، حيث ميعاد الخلائق للحساب والجزاء، حين يُبعث الناس من قبورهم في يوم لا ريب فيه.

            الإيمان بالقضاء والقدر, فليس من شيء في الكون إلا وقد كتبه الله كمَّـاً وكيفاً, لا يتخلف أبداً.

     وأما الأصل الثاني الذي يقوم عليه نظام الاجتماع في الإسلام : فهو الشريعة التي يحتكم إليها المجتمع, ويسيرون على نهجها، وينضبطون بأحكامها.

     إذ لابد للمجتمع من قانون يحكم بين الناس, ويوضح منهج العبادة ,  ويضبط المعاملات ، فإن الإنسان لا يمكن أن يهتدي في التشريع لما يُصلحه, ولا يمكن أن يعرف العبادة الحقة إلا عن طريق الوحي.

     إن من أعظم النعم على العباد أن بيَّن الله لهم طريق مرضاته, فأنَّى لهم أن يعرفوا كيف يعبدوه, وكيف يُصلحوا أمرَهُم.

            وأما الأصل الثالث الذي يقوم عليه نظام الاجتماع في الإسلام : فهو الأخلاق.

     لابد للإنسان الاجتماعي من أخلاق يتعامل بها مع غيره: كالصدق, والأمانة, والرحمة, والصبر, والحلم, والإيثار ونحوها.

            ولابد له أيضاً من أخلاق يتجنَّبها: كالغضب, والأثرة, والبخل, والغيبة, والنميمة, والحسد, والحقد ونحوها.

     ومن نافلة القول أن يذكر المتحدِّث فضل الأخلاق في هذا الدين, ومكانتها العالية ، فهي أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة بعد تقوى الله.

            ولئن كانت العقيدة هي صورة الإنسان الباطنة, فإن الأخلاق هي صورته الظاهرة.

     أيها المسلمون : لقد سار السلف الصالح قروناً طويلة معتمدين في نظامهم الاجتماعي على هذه الأصول الثلاثة: الإيمان بالله, والعمل بالشريعة, والتعامل بالأخلاق, فازدهرت حياتهم, ونهض عمرانهم, ومكَّن الله لهم في الأرض.

            لم يلبث المسلمون الأوائل طويلاً حتى ظهروا على أمم الأرض, فحكموا الدنيا, وظهر الحق, وخنس الباطل.

     ولم يكن أهل الباطل من المشركين والمنافقين ليتركوا أهل الحق على ما هم عليه حتى حسدُوهم على ما عندهم، فسعوا للنيل من أصولهم الثلاثة.

     فأما الأصل الأول: الإيمان بالله, فقد سعى المغرضون لإفساد عقائد المسلمين بالنظرات الفلسفية, والتأويلات الباطلة , فظهرت الفرق التي اختلفت في معبودها وصفاته وأفعاله ، حتى عادت العقيدة عند بعض الفرق ليست إسلامية.

     وأما الأصل الثاني: الشريعة, فقد أدخل عليها المفسدون ما ليس منها, وطعنوا فيها, وفي صلاحها, فشوَّشوا على المسلمين في عباداتهم , ومعاملاتهم , حتى جاء العصر الحديث ليُقصي الشريعة الإسلامية بكاملها عن حياة المسلمين.

     وأما الأصل الثالث: وهو الأخلاق, فقد دخلها من التشويش والإفساد , وتبدُّل المفاهيم, والغبش ما أفقدها المعاني الراقية والآداب العالية, فظهر بين المسلمين : الغش, والخداع, والخيانة, والكذب, والاحتكار, والغيبة ، والنميمة.

     لقد أصبح المسلمون في تعاملهم الأخلاقي أبعد ما يكون عن أخلاق الإسلام, حتى ضُرب المثل للأسف - بأخلاق الكفار.

     حتى قال أحد العرب حين ذهب إلى أوروبا: وجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين, وجئت هنا فوجدت مسلمين ولم أجد إسلاماً.

            والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

^   ^   ^

     أيها المسلمون  : ما كان لأعداء الإسلام أن ينفذوا إلى هذه الأصول الثلاثة لولا تفريط المسلمين وتخاذلهم في أخذ دينهم بقوة.

            لماذا تفسد عقائد المسلمين ، وعندهم كتاب الله والسنة ومنهج السلف ؟.

            لماذا ينحُّون شريعتهم وفيها رحمة الله لهم , وفيها الهدى والنور ؟.

            لماذا لا يلتزمون بأخلاقهم التي قد ثبت أنها أفضل الأخلاق وأعلاها ؟

     إن المسلمين في حاجة إلى صحوة صادقة يرجعون فيها إلى دينهم, إلى النبع الأصيل من الكتاب والسنة ، يلتزمون الأصول التي أكرمهم الله تعالى بها.