الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية العبادية @ 14ـ الإستحياء من الله حق الحياء
· وعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه مرَّة فقال : » استحيوا من الله حق الحياء, قلنا يا نبي الله إنا لنستحيي والحمد لله, قال: ليس ذاك, ولكن الاستحياء من الله حق الحياء : أن تحفظ الرأس وما وعى, وتحفظ البطن وما حوى, وتذكر ا لموت والبلى, ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا, فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء «.
· الحياء من أعظم وأفضل أخلاق المؤمنين, فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: » الحياء من الإيمان «, وقال » الحياء لا يأتي إلا بخير, الحياء كلُّه خير «.
· الحياء مرتبة خلقية يشعر معها المسلم بالتقصير في جانب المُنعم سبحانه وتعالى ، حين يرى كثرة نعمه ويرى في نفسه – مقابل ذلك - قلَّة الشكر.
· النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم أسلوب الوعظ والحث على العمل الصالح حتى مع أفضل الناس, فكيف بمن دونهم.
· ولهذا قال الصحابة: » إنا لنستحيي والحمد لله «, يعني أنهم يشعرون بالحياء من التقصير في جنب الله تعالى.
· فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُبيِّن لهم أن الحياء المقصود هنا هو أمر شامل يُلزم المسلم حفظ جوارحه عن الأخطاء والتقصير , مع ما استقر في قلبه من الحياء.
· فمن استحيا من الله حق الحياء حفظ الرأس وما وعى يعني:
· استخدم الرأس وحواسَّه في طاعة الله.
· فلا ينحني رأس العبد المسلم إلا لله تعالى في ركوع وسجود ، لا رياء ولا سمعة ولا نفاق.
· وفي الجانب الآخر لا يرفع الرأس تكبراً على عباد الله تعالى.
· ويحفظ جوارح الرأس : فيحفظ عينيه عن المحارم, وأذنيه عن الباطل, ولسانه عن الزور.
· ويحفظ عقله من الفساد ، والخرافات ، وتافه الاهتمامات, ويستخدمه في النافع من : التفكر والنظر والاعتبار.
· ويحفظ البطن وما حوى:
· البطن تحوي القلب: وهو موقع نظر الله والنية والحقد والحسد والإيمان ، ونحوها من أعمال القلوب.
· وتحوي أيضاً المعـدة : فماذا يقذف فيها المسلم ، من حلال أو حرام من : الربا والرشوة والغلول ونحوها ؟
· وتحوي الفرج: فأين يضع ماءَهُ في خير أو شر ، في حلال
أو حرام ؟
· ويحوي البطن أيضاً اليدين والقدمين: ففيمَ يستخدمهما في الطاعة
أم المعصية, أيتقدم بقدميه في حلال أم حرام؟ أيبطش بيديه في حلال أم في حرام ؟
· ثم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: »وتذكَّر الموت والبلى«, الموت الذي هو مصير كلِّ حي, والبلى للأبدان أمرٌ لابد منه.
· فمن تذكر الموت والبلى : هان عليه ما فاته من لذات الدنيا, وشغله بما أمامه من أمور الآخرة الباقية.
· ثم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : » ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا «، يعني ترك ما لا ينفع في الآخرة من أمر الدنيا.
· فمن فعل هذا والتزم بذلك فقد استحيا من الله حق الحياء.
^ ^ ^
· إن المتأمل في هذا الحديث الشريف يدرك النقص في جبلة الإنسان, وأنه معدن العيب ، ومكان المخازي والنواقص.
· فالعاقل من صان نفسه ، وحفظ جوارحه عما يُعيبُها ، ويُظهر مخازيها ونواقصها.
· أيها المسلمون: كيف يسوغ للصائم في رمضان أن يُطلق لعينيه العنان تنظر إلى محارم الله تعالى.
· وكيف يسوغ له في هذا الشهر الكريم أن يُطلق لأُذنيه العنان في سماع الباطل وفاحش القول ؟
· وكيف يسوغ له أن يُطلق لسانه في الغيبة والنميمة والبهتان والكذب ؟
· وكيف يسوغ له أن يهدر طاقة عقله في سفاسف الأمور دون معاليها؟
· وكيف يسوغ له أن يصوم في رمضان ثم يُفطر على مال حرام من ربا, أو رشوة, أو غصْب ؟
· وكيف يسوغ له أن يبيت في رمضان وقد حمل في قلبه الحقد والحسد والغش للمسلمين ؟
· وكيف يسوغ له في ليالي الصيام أن يزني بعينيه, فزنى العينين النظر ؟
· وكيف يسوغ له أن يتقدم بيديه أو بقدميه في حرام في شهر الصيام ؟
· وكيف يسوغ له أن يتكالب على الدنيا وحُطامها وهو يذكر الموت والبلى ؟
· أيها المسلمون : إن حال الأولياء والصالحين في رمضان مُخجل, فكيف بحال غيرهم, ولا حول ولا قوة إلا بالله.