الصفحة الرئيسة @ الخطب المكتوبة @ التربية الإيمانية @ 20ـ الأعمال بالخواتيم


معلومات
تاريخ الإضافة: 12/9/1427
عدد القراء: 1146
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

·   لقد استقر في نفوس الجميع أن لكلِّ شيء نهايةً لابد من بلوغها, فالكون والزمان والحياة الكلُّ يسير على نهاية.

·   وكذلك الإنسان فإنه يسير في الحياة إلى نهاية لابد منها, ولكن تكمن أزمة الإنسان وحيرته في نوع الخاتمة التي يُختم له بها.

·   فكم من إنسانٍ وُلد في الكفر وعاش في الكفر دهره ثم مات على الإيمان, وكم من إنسانٍ وُلد في الإيمان وعاش في الإيمان دهره ثم مات على الكفر، والعياذ بالله تعالى.

·   وفي الحديث: » إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها, وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها«.

·   فأما الأول فقد تداركته رحمة الله تعالى وفضله ، حتى إذا كان على شفير الهاوية أنقذه الله إلى الإيمان.

·   وأما الآخر فقد خذله الله بعدله, وكشف مكنون نفسه, حتى إذا كان على طريق أهل الجنة كما يظهر للناس, فإذا به ينحرف إلى أهل النار فيسلك طريقهم.

·   الأعمال بالخواتيم, فقد أسلم رجل في إحدى المعارك مع الرسول صلى الله عليه وسلم, فقاتل حتى قُتل, ولم يسجد لله سجدة, فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: » عمل قليلاً وأُجِرَ كثيراً «.

·   ورجل آخر أسلم زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ بعض القرآن، وكتب الوحي, ثم لحق ببلاد الكفار وارتد عن دينه, فلما دفنوه فإذا بالأرض تلفظه إلى الخارج ، ولا تقبله فيها.

·   أيها المسلمون : إنَّ شأن الخاتمة شأنٌ عظيم, فهي فزع جليل, ليس من عاقل إلا ويفكر فيها, وكيف يكون حاله عندها ؟

·   لقد ثبت من خلال العديد من الوقائع في القديم والحديث أن أناساً يأخذهم الله حال عصيانهم, فمنهم من يُقبض على شرب للخمر, ومنهم من يُقبض حال تعاطيه للمخدرات, ومنهم حال ممارسته للغناء الفاحش, ومنهم حال الزنا, ومنهم من يُقبض وهو يتعاطى الربا.

·       كم من محتضرٍ فاجرٍ يُلقَّن الشهادة فيذهب يغني, ومنهم من يردها, ومنهم من يكذِّب بها.

·   إذا كان الإنسان حالَ قوته وكمال عقله يُطيع الشيطان في المعاصي, فكيف بحاله عند الاحتضار حين تخور قواه, فلا يصمد أمام فتنته، فيطيعه والعياذ بالله.

·       كم من أناس تغيَّرت ألوانُهُم حال الغسل إلى السواد, وكأنهم في لون الفحم.

·       كم من أناس عَجَز أهلُهم أن يُوجِّهُوهم في قبورهم إلى القبلة.

·   كم من أناس حُفرت قبورهم فإذا بدواب عظيمة تنتظرهم, كلما حفروا قبراً وجدوا دابة, حتى إذا يئسوا أسلموه لمصيره المحتوم.

·       وفي الجانب الآخر: كم من أناس صالحين ماتوا بالتهليل والتكبير والشهادة وقراءة القرآن.

·       كم من أناس تهللت وجوهُهُم عند الموت، وفي أثناء الغسل، وفي القبور وكأنها فلْقة قمر.

·       كم من أناس لم تفارق البسمة شفاههم حتى دفنوا في التراب.

·       كم من أناس شُمَّت من أجسادهم ومن قبورهم رائحة المسك الطيبة.

·       كم من أناس ماتوا فلم تتحلَّل أجسادهم، ولم يأكلها الدود, كأنهم نيامٌ في قبورهم.

·   أيها المسلمون : إن هذه الصور جزء من الحقيقة الغيبية التي أخفاها الله تعالى, وإنما يُظْهر جزءاً منها للاعتبار والادكار.

·   إن الحقيقة الشرعية التي لابد أن نوقن بها: » أن من اعتاد على شيء مات عليه, ومن مات على شيء بُعث عليه «.

·   أعوذ بالله من الشــيطان الرجيـم: ) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء (.

^   ^   ^

·   أيها المسلمون: إن من أسباب حسن الخاتمة: الاستقامة على الدين, والعمل بالتقوى, وحسن الظن بالله, ودوام التوبة, والخوف من النفاق.

·   وإن من أسباب سوء الخاتمة: سوءَ المعتقد, والبدعَ المنكرةَ, والنفاقَ, والإصرار على الكبائر, والتهاون بالصغائر.

·   أخي المسلم : لقد كَبِرَ الصغار, وذهب الشباب, وظهر الشيب, وانقطع عن المرأة الحيض, وخارت القوى, وضعف البدن, فماذا ننتظر؟

·   أخي المسلم : ها هو العام يُغلقُ أبوابه, ليذهب فلا يعود أبداً, فمن منَّا سوف يدخل العام الجديد, ومن منَّا سوف يكون من أهل العام الماضي؟

·   أخي المسلم : من يضمن من أهل بلادنا, أو أهل مدينتنا, أو أهل حارتنا, أو أهل مسجدنا: أنه يُمسي هذه الليلة في بيته, فقد تكون هذه الليلة هي أول ليلة في القبر, فإذا كان الأمر كذلك فعلينا بالتوبة نستقبل بها ما أمامنا.

·       يقول الله تعالى: ) فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (.

·       ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: » لو أخطأتم حتى تبلغ السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم «.

·   جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: » أرأيت من عمل الذنوب كلَّها, ولم يترك منها شيئاً, وهو في ذلك لم يترك حاجَّةً ولا داجَّةً إلا أتاها, فهل لذلك من توبة ؟  قال: فهل أسلمت ؟  قال: أمَّا أنا فأشهد أن لا إله إلا الله, وأنك رسول الله, قال: تفعل الخيرات, وتترك السيئات, فيجعلُهُنَّ الله لك خيرات كُلَّهنَّ, قال: وغدراتي وفجراتي ؟  قال: نعم, قال: الله أكبر, فمازال يكبر حتى توارى «.

اللهم ارزقنا التوبة النصوح قبل الموت, والراحة عند الموت, والبشرى برحمتك عند الفزع, ولا حول ولا قوة إلا بك.