الصفحة الرئيسة @ المقال الشهري @ الإجابة على أسئلة الأستاذ جلال الشايب التربوية ( المجموعة الثانية )


معلومات
تاريخ الإضافة: 1/5/1430
عدد القراء: 5165
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق



مقال شهر جمادى الأولى 1430هـ

الإجابة على أسئلة الأستاذ جلال الشايب التربوية

(المجموعة الثانية)

س6: تحدثت عن التربية الأخلاقية بين  البيئة والوراثة، وكون الطفل يُولد مزوَّداً بقدرة فائقة على اكتساب ما يُلقي إليه من خير أو شر، فما صحة هذا الأمر، وما مدى تأثير الوراثة في ذلك؟

ج6: يتحدث التربويون عن دور كل من الوراثة والبيئة: أيهما أكثر تأثيراً في الإنسان، بمعنى إلى من يدين الإنسان بسلوكه، إلى الوراثة التي ورثها من أبويه وأسلافه، أم إلى البيئة التي يحيا فيها، ويتعامل معها ؟ وهذا السؤال في الحقيقة ليس بدقيق؛ إذ إن الإنسان في كل أحواله مدين في وقت واحد وبصورة دائمة لموروثه الفطري ولوسطه الاجتماعي، ومن الصعوبة بمكان استغناؤه بواحدة عن الأخرى .

         ومن الأمثلة على ارتباطهما الوثيق في بناء الإنسان: مسألة اللغة؛ فالإنسان مهما أوتي من قدرات فائقة عن طريق الوراثة: يعجز تماماً عن أن يحدث لنفسه لغة يتحدث بها إن هو عُزل كلياً عن البيئة الاجتماعية، وكذلك الأمر إن هو فقد عن طريق الوراثة أجهزة الكلام في جسمه، فإنه يعجز عن الكلام وإن عاش في وسط اجتماعي، فالإنسان مفتقر إلى البيئة الاجتماعية يأخذ عنها، ويتأثر بها، ويتعامل معها، وكذلك مفتقر إلى الوراثة تزوده بالاستعدادات المختلفة والمتنوعة التي تمكنه من التفاعل الاجتماعي.

      وأما عند إلحاح السائل عن أيهما أهم في حياة الإنسان ؟ فإن البيئة- في كثير من الأحيان- تكون أهم في بناء شخصية الإنسان أكثر من الوراثة، فقد يرث الشخص من والديه وأسلافه استعدادات وراثية رديئة: فتأتي البيئة الصالحة لتعدل أو تخفف من رداءة موروثاته الفطرية، وقلَّ ما تخفق البيئة المتفوقة في مهمتها تربوية إذا لم تتدخل متغيرات سلبية أخرى.

      وقد نجحت التربية النبوية- على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- في تعديل وإصلاح قطاع كبير من جيل القرن الأول، رغم الموروثات الفطرية الرديئة عبر أجيال كافرة، فاستطاعت البيئة التربوية النبوية أن تنتقل بجيل الصحابة- رضي الله عنهم- إلى أعلى المراتب الإنسانية، فضلاً عن مجرَّد تعديل السلوك، أو إصلاح شيء من الأخلاق، فهذا- لاشك- يُعطي للبيئة أهمية أكبر في نشأة الإنسان.

      والدرس العملي الذي نخرج به مما تقدم هو أن نعمل على سلامة بيئاتنا التربوية لتكون محاضن صالحة لنشأة الإنسان، ونعمل أيضاً على سلامة النسل، وتفوق موروثاته واستعداداته الفطرية من خلال حسن الاختيار للزواج.

س7: غالب الكتب التي قمتم بتأليفها مختصة بتربية الفتاة المسلمة، فلماذا هذا التركيز وما سببه ؟

ج7: لا يخفى على المتأمل في واقع المرأة المسلمة المعاصر حجم التيارات : الفكرية، والأخلاقية، والاقتصادية، والسياسية التي تهدف إلى إحداث تغييرات في واقع المرأة المسلمة، وما نجم عنها من أوضاع جديدة في طبائع كثير النساء وسلوكياتهن، لا تتوافق مع توجيهات الإسلام الحنيف، فمنذ مائة عام تقريباً والحملات التغريبية تتلاحق في قوالب وصور وأساليب شتى ، كلَّها تعمل على هدف التغيير لأوضاع المرأة في العالم الإسلامي بحجج متنوعة، كالفقر وضرورة تشغيلها، والجهل وضرورة تعليمها، والحرية وضرورة تحريرها، والظلم وضرورة إنصافها وهكذا، حتى ظنَّ البسطاء أن خدمات الغرب وبرامجه المقدمة للمرأة المسلمة المضطهدة أفضل لها وأرحم بها من دينها، الذي لم يعد يصلح لهذا الزمان !!

      ولقد كان من نتائج هذا الغزو الغربي تبدِّل كثير من أخلاق النساء المسلمات، حتى إن الزائر لبعض العواصم العربية والإسلامية لا يكاد يفرّق بين المرأة المسلمة وغير المسلمة في سلوكها أو لباسها، وهذا الواقع يتطلب جهوداً كبيرة- دعوية وفكرية- لصدِّ هذه التيارات، أو التخفيف من آثارها المدمرة لشخصية المرأة المسلمة، ومن هنا أحببت أن أسهم بالإصلاح في هذا المجال ، فقد كانت رسالتي للدكتوراه بعنوان: "أسس تربية الفتاة في الإسلام"، قصدت من خلالها إبراز معالم تربية الفتاة وفق مقاصد الشريعة الخمسة : حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، وربط منهج تربية الفتاة بهذه المقاصد.

      ولعل من أهم ما قصدت إلى إثباته وتقريره من خلال هذه الدراسة هو التأكيد على اختلاف دور المرأة ووظيفتها في الحياة- في كثير من الجوانب- عن دور الرجل، ومن ثمَّ ضرورة اختلاف منهج تربية المرأة عن منهج تربية الرجل ليتناسب مع هذه الأدوار، مع الإقرار بأنه ثـمّة مجالات ودوائر تربوية مشتركة بين الجنسين لا علاقة لها بنوع الإنسان، إلا أن مجالات الفروق التربوية بينهما لابد أن تبقى واضحة المعالم، بيِّنة المظاهر غير متداخلة، حتى يبقى لكل جنس طبيعته، وتُحفظ له خصائصه، هذا من جهة ومن جهة أخرى يحصل بهذا التنوع في المهمات والأدوار تكامل الجنسين في مهمة عمارة الأرض، وتحقيق هدف الاستخلاف فيها.

      ولعل من أبرز مجالات الفروق بين الجنسين ارتباط المرأة بالنسل ورعايته، في مقابل ارتباط الرجل بالكسب والنفقة، فالمرأة حين تتفرغ للمهمة التناسلية بأبعادها الصحية المختلفة والمتنوعة، ومن ثمَّ مسؤوليتها التربوية في إعداد النشء : يقابلها الرجل بالقيام بالمهمة الاقتصادية، والسياسية، والشؤون العامة، فعلى الرغم من أن المسؤوليتين مختلفتين والدورين متباينين، إلا أن قدراً من التداخل موجود بالضرورة بين المهمتين، فالرجل يتدخل في العملية التناسلية والتنشئة التربوية ولكن ليس بالقدر الذي تقوم به المرأة، وكذلك المرأة تتدخل في الحياة العامة بأبعادها المختلفة ولكن ليس بالقدر الذي يقوم به الرجل، وبذلك تتكامل الأدوار بين الجنسين ولا تتعارض أو تتنازع كما يريد أن يصورها المناهضين للوجهة التربوية الإسلامية.

س8: ما أهم النصائح والوصايا التي تقدمها للتربويين؟

ج8: هذه حزمة من النصائح التربوية القصيرة التي يمكن أن تكون أسساً في تربية الأطفال وهي على النحو الآتي:

  1. الفطرة الإنسانية قاعدة الانطلاقة في التربية الإيمانية.
  2. ضعف الإيمان هو القاسم المشترك في كل انحراف.
  3. الأصل في الأخلاق هو الاكتساب من خلال التدريب والمجاهدة.
  4. الاستعدادات الخلقية والعقلية متفاوتة بين الناس فلابد من مراعاتها.
  5. العادات الحسنة تُبنى مبكراً في نفوس وسلوك الصغار.
  6. ما تريده من طفلك بعد السابعة درِّبة عليه قبل السابعة.
  7. التدرج في التربية مبدأ أصيل في منهج الإسلام التربوي.
  8. ثبات المربين على المبادئ ضرورة في التربية.
  9. الحياء الفطري في الطفل يُغني عن نصف مجهود التربية.
  10. البطالة باب الفساد.
  11. وسائل الإعلام المنفتحة قنابل موقوتة في بيوتنا.
  12. الدليل بالفعل أشد أثراً في المتربين من الدليل القول.
  13. الطفل المميِّز قادر على تقويم سلوك المربين.
  14. الذكورة والأنوثة وجهان لعملة واحدة.
  15. توافق الوجهة التربوية بين الوالدين ضرورة للتربية السليمة.
  16. الأجسام الثقيلة المترهِّلة تُعيق سلامة الأداء العقلي.
  17. وسائل الإعلام المرئية بدائل ثقافية لطفل منخفض الذكاء.
  18. التعليم بإيصال المعلومات إلى الأذهان لا يُغني عن التربية العملية على هذه المعلومات.
  19. احترام الذات حجر الزاوية في التربية النفسية.
  20. أبناؤنا لا يصطنعون الأزمات وإنما يعكسون قيم المجتمع من حولهم.
  21. العطف والرحمة والحنان دعائم التربية في مرحلة الطفولة.
  22. الشخصية السوية لا تنمو في وسط قهري تسلُّطي.
  23. الإنسان بلا طفولة كشجرة بلا جذور.
  24. القدرة على الجماع تسبق القدرة على الإنجاب.
  25. أبواب الطهارة وسترة العورة مداخلنا إلى التربية الجنسية.