الصفحة الرئيسة @ المقال الشهري @ طريقة تدريس مادة التوحيد


معلومات
تاريخ الإضافة: 7/10/1442
عدد القراء: 2459
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

مقال الأشهر شوال وذي القعدة وذي الحجة 1442 هـ 

طريقة تدريس مادة التوحيد

التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وهو قاعدة الإسلام، ومحور الإيمان، ومدار هذا الدين، لا يقبل الله من عبد يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً إن لم يأت بالتوحيد الخالص لله عز وجل.

وهو دعوة الرسل الكرام، فما من رسول إلا ودعا قومه إلى التوحيد، ونبذ الشرك قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36]. وقال عليه الصلاة والسلام: (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله )). 

والتوحيد أول منازل الطريق إلى الله عز وجل، وأول مقام يقومه العبد لربه عز وجل وهو أول واجب على المكلف يقوم به، وحدُّه أن يعلم العبد ويعتقد ويعترف بأن الله متفرد بكل صفة كمال، وأنه منزَّه عن كل نقص، لا شريك له، ولا مثيل له في كماله، وأنه ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.

وينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام مهمة، أولها: توحيد الربوبية والملك وهو: "الإقرار بأن الله تعالى ربُّ كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه، وأنه المحيي المميت النافع الضار، المتفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، القادر على ما يشاء، ليس له في ذلك شريك"، وهذا النوع لا يكفي لنجاة العبد يوم القيامة، فقد أقر به مشركو مكة في أول الأمر، فلم ينفعهم.

أما النوع الثاني فهو:  توحيد الأسماء والصفات وهو: الإثبات والإقرار والإيمان بجميع الأسماء والصفات التي وصف الله تعالى بها نفسه، ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، دون تشبيه أو تعطيل أو تأويل، مع الاعتقاد والإقرار بأن الله على كل شيء قدير، وأنه الحي القيوم، وأنه بكل شيء عليم، وأنه سميع بصير، وأنه الجبار المتكبر، إلى غيرها من الأسماء الحسنى والصفات العلى، وهذا النوع أيضاً لا ينفع صاحبه إن لم يأت بالنوع الثالث. وهو توحيد الإلهية المتضمن والمقتضي لكمال محبة الله عز وجل، والخوف منه، والإخلاص له، والرجاء، والتوكل، والدعاء، وإخلاص العبادة له دون سواه من المخلوقات أياً كانت.

ويدخل في علم التوحيد كل ماله علاقة بعلم الغيب الذي جاءنا علمه من الكتاب الكريم، أو السنة المطهرة، من الجنة والنار، والصراط، والميزان، والحساب، وحياة البرزخ، وغيرها من قضايا اليوم الآخر وعالم الغيب، كما يدخل فيه اعتقاد نبوة الأنبياء، والإيمان بهم جميعاً دون تفريق، وإجمال ذلك الاعتقاد الجازم والتام بكل ما ورد في كتاب الله U عز وجل، وما نقل صحيحاً من السنة المطهرة.

أهداف تدريس التوحيد:

يمكن إجمال أهداف تدريس مادة التوحيد فيما يلي:

1-        تكوين العقيدة السليمة والقوية في نفوس النشء مستمدة من القرآن الكريم والسنة المطهرة.      

2-    تكوين القدرة للدفاع عن العقيدة الإسلامية بالحجة الدامغة والبرهان القوي.

3-    استبعاد الخرافات والتصورات الشاذة بعيدًا عن أذهان النشء.

4-    إبراز سماحة وكمال العقيدة الإسلامية، واعتدالها في تصوراتها واعتقاداتها من خلال مقارنتها بغيرها.

5-    تقويم السلوك والآراء بما يوافق مقتضيات العقيدة الإسلامية.

6-    بناء العقيدة السليمة في نفوس النشء بعيداً عن التقليد الأعمى.

7-    حماية النشء من العقائد، والفلسفات، والآراء الإلحادية الهدامة.

8-    إيجاد الاطمئنان والسكن النفسي لدى النشء من خلال تعريفهم على التصورات والمعتقدات الصحيحة.

9-    إيجاد العزة والسمو بهذا الدين، والتضحية في سبيله من خلال حبهم لعقيدة التوحيد وتعلقهم بها.

10-    التأكيد على قضية اختصاص الله عز وجل بحق التشريع، والحكم، وأنه المتصرف في عباده كيف يشاء، لا يشاركه في حكمه وملكه أحد.

التمهيد لدريس التوحيد:

للمعلم في طريقة دخوله إلى موضوع درسه طرق عديدة يمهد بها، ويهيئ أذهان تلامذته للتلقي، والفهم. وموضوع التوحيد وما يتعلق به من موضوعات، ومفاهيم، وأفكار، وتصورات، يحتاج من المعلم قدرة في نفسه وشخصيته ومستواه العلمي، ويحتاج أيضاً إلى بعد نظر، بحيث يعرف ماذا يمكن أن يعرض على الطلاب، وماذا يحجب عنهم من الموضوعات والتصورات، ويمكن للمعلم أن يختار من الأساليب المتقدمة أسلوباً أو أكثر لكل درس يمهد به لموضوعه، ويدخل به إلى درسه، مع حسن اختيار الأسلوب خاصة في موضوعات العقائد.

وذلك لأن موضوعات العقائد موضوعات شائكة، ومحيرة، قد تاه فيها جهابذة عظماء، غلطوا في اختيار المنهج الأصوب في النظر إلى العقيدة، وفهمها. فخرجوا على الناس بآراء وتصورات شاذة أذاقت الأمة ويلات الفرقة، ووحشة النفوس.

لهذا فإن المعلم الناجح لا بد أن يعرض قضايا العقيدة عرضاً سهلاً ميسراً، كما عرضها القرآن الكريم، والسنة النبوية، بعيداً عن الجدل العقائدي السقيم، وأساليب الفلاسفة وأهل الكلام المحيرة، وطرقهم العقيمة في عرضهم للعقائد.

كما يتجنب في العموم التعرض لآراء وأفكار الفرق الضالة المنتسبة إلى الإسلام، فإنه إن تعلم التلميذ الطريق الحق، والفكر الصائب أنكر ما سواه؛ فإن القضايا الدقيقة، والعميقة لا تصلح لعوام الناس والصغار بل هي للعلماء والمشايخ.

بل على المعلم أن يبدأ مع طلابه بالعقيدة الصحيحة مبيناً معانيها ومقتضياتها، شارحاً لجوانبها، مبتدئاً بالأهم فالأهم، يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره: " ومن الحكمة، الدعوة بالعلم، لا بالجهل، والبداءة بالأهم فالأهم، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم، وبما يكون قبوله أتم، وبالرفق واللين ".

لا بد للمعلم أن يدرك القضايا السابقة، ويجعلها نصب عينيه عند تناوله لموضوعات التوحيد، فلا يخلط على التلاميذ تصوراتهم وأفكارهم، ويشتت أذهانهم في قضايا لا تنفعهم ولا تهمهم.

ويحاول المعلم قبل إلقائه الدرس أن يكون مستحضراً نية الإخلاص لله U، مستحضراً خشية الله، فهو يعلم ويعرف الطلاب بمعبودهم، فأي تقصير في حقهم يعد إجراماً. فعليه بعد ذلك أن يكون ملماً بموضوع الدرس، مدوناً ذلك في كراسته الخاصة، مطلعاً على الموضوع في المراجع الإضافية؛ ليتمكن من إجابة طلابه عن أسئلتهم، خاصة وأن موضوعات العقائد تثير في نفوس الطلاب أسئلة غريبة تحتاج من المعلم إلى اطلاع ومعرفة.

ويمهد المعلم لدرسه تمهيداً مناسباً، يتناسب مع الموضوع المقرر. فإن كان موضوعه مثلاً (الدعاء) فإنه يمكن أن يمهد لدرسه بعرض فيلم عن زيارة القبور غير الشرعية وكيف أن الناس يدعون أصحاب هذه القبور من دون الله ، فيكون بذلك دخل إلى موضوعه من خلال معالجة مشكلة تهم الجميع.

ولا بد من إثارة الطلاب، وجذب انتباههم حتى يمكن للمعلم أن يلقي درسه بكل حيوية وسهولة، والموضوعات الاجتماعية، أو التي تهم المجتمع مباشرة، يكون في معالجتها جذب وشد لانتباه الطلاب.

ويركز المعلم على قضايا إبراز عظمة الله عز وجل في الكون، وتعليق قلوب التلاميذ بجنابه وجلاله عز وجل، من خلال بيان قدرته، وقوته في هذا الكون مستفيداً من آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، إلى جانب استخدام الوسائل الحديثة مثل الصور والأفلام العلمية التي تتحدث عن الكون والنجوم والكواكب، والأزهار والأشجار، والحيوانات، وعجائب خلق الإنسان. فإن فيها مادة خصبة تنمي الإيمان، وتركز اليقين بالله عز وجل، كما أن فيها مداخل جيدة لموضوعات التوحيد.

وقضية أخرى لا بد أن يراعيها المعلم وهي قضية الفروق في العمر بين التلاميذ، فما ينفع الطلاب الصغار، لا يكون نافعاً دائماً للكبار، بل عليه أن يعطي كلاً بحسبه، وعلى قدر ما يستطيع أن يتحمل من المعلومات، والتصورات.

خطوات تدريس مادة التوحيد:

يمكن تلخيص خطوات شرح الدرس على النحو التالي:

1-قراءة النص المراد شرحه قراءة واضحة.

2-شرح النص شرحاً وافياً.

3-ذكر المناسبة والشاهد.

4-استخلاص أهم الفوائد والأفكار.

إن حصول ثمرة تدريس التوحيد لا تحصل بمجرد التدريس، بل إن الثمرة تتحصل بعد زمن؛ إذ تُبنى العقيدة شيئاً فشيئاً في القلوب، وتترسخ بزيادة المفاهيم، وتتعمق بالأمثلة التطبيقية والقصص الواقعية حتى تصبح قوية راسخة متمكنة في النفس، فتتذوقها وترتاح إليها.

وفي المراحل الأولى يكون عرض العقيدة من خلال التذكير بنعم الله في النفس وفي الأرض والسماء، والنعم التي يشاهدها الطفل ويعايشها كنعمة الوالد والوالدة، ونعمة الطعام والشراب والمسكن، بحيث يمس المعلم حاجات المتعلم المهمة التي يشعر بضرورتها مساً عاماً دون تفصيلات، بل يجعل التفصيلات للمراحل المتقدمة، فالطفل كلما كبر كان استيعابه للجزئيات أكبر.

وفي المراحل المتقدمة يكون إثبات وجود الخالق عز وجل عن طريق الاستدلال العقلي، إذ إن كل موجود لا بد له من موجد، ويتعرض المعلم لقضايا وجود الملائكة والجن والجنة والنار، وكل ما يتعلق بعلم الغيب، وهكذا يعطي المتعلم في كل مرحلة ما يناسبه حتى مرحلة البلوغ التي يصاحبها - أحياناً - القلق والاضطراب النفسي، وكثرة الأسئلة عن العقائد والمذاهب والتيارات الفكرية ونحوها، وهنا لا بد من إتاحة الفرصة للنقاش والبيان والاستدلال، فيأخذ المعلم بيد الطالب فيدلل له على كل قضية بما يناسبها من الأدلة العميقة الشاملة، العقلية منها والوجدانية.

وفي هذه المرحلة يفضل أن يزود المعلم طلابه بالبحوث والدراسات الإسلامية التي تُثْبِّت العقيدة، وترد على الأفكار والمذاهب الهدامة، والتي تقاوم المغريات وتحارب الفساد، كما يمكن للمعلم إذا تمكن من الإقناع العقلي للتلاميذ أن يلهب العاطفة الدينية عندهم فيسهل عليه توجيههم للسلوك القويم. ويحاول أن يربطهم بالعبادات التي هي ثمرة المعتقدات والعقائد، فيركز من خلال درسه على أهمية الصلاة، والصيام، وطاعة الوالدين، وحب الخير للناس، وغير ذلك من واجبات الدين.

ولا بد للمدرس أن يكون مقتنعاً بما يقول، عاملاً به، قدوة في نفسه، منسجماً مع مادته، وإلا فإن أثره في التلاميذ لن يتعدى حدود نهاية الدرس.

ويحاول في نهاية درسه أن يترك للطلاب المجال لمناقشة وإبداء الآراء على ضوء الشرح، ثم يسألهم بعض الأسئلة حول الدرس ليتأكد من فهمهم للموضوع على النحو المطلوب.

خاتمة درس التوحيد:

على المعلم خاصة في درس العقيدة أن يبين للطلاب أن مادة التوحيد التي يتعلمونها هي مفتاح الجنة، وأن من تعلمها للاختبار فحسب دون الرغبة فيما عند الله، ودون الالتزام بمقتضياتها فهو من جُثا جهنم، وبهذه الموعظة المؤثرة يختم درسه تاركاً في نفوس طلابه رهبة وخشية يطول أثر بقائها في نفوسهم، ويكون قد أدى شيئاً من واجبه نحو طلابه، ومن ثم تجاه مجتمعه. ثم يعقب ذلك تقديمه خلاصة درسه وموجزه.

ثم يحدد لهم الدرس القادم، ويطلب منهم تحضيره، مع تزويدهم ببعض الأسئلة حول الدرس المشروح، أو توجيههم لمراجعته في الكتاب المقرر.

ويمكن تلخيص خطوات الخاتمة على النحو التالي:

1-يوجه المعلم بعض الأسئلة التلخيصية والتقويمية للطلاب للتأكد من مدى استيعابهم للدرس.

2-تزويد الطلاب بالتوجيهات التربوية المستفادة من الدرس.

3-توجيه بعض الطلاب بقراءة النص من الكتاب مع تصحيح الأخطاء.

4-إعطاء الواجب المنزلي.