الصفحة الرئيسة @ المقال الشهري @ المنهج النبوي في التربية


معلومات
تاريخ الإضافة: 1/7/1428
عدد القراء: 4540
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه  أجمعين .. أما بعد.. فإن المهمة التربوية في عصر العولمة الثقافية تأتي في أول قائمة اهتمامات التربويين، ومن أولويات أهدافهم؛ إذ لم يعد - في هذا العالم المعاصر- مكان للتربيات الهشة، التي لا تصمد أمام متغيرات الحياة الإنسانية الجديدة، والصراع القيمي، والتناحر الثقافي الذي تحياه البشرية اليوم.

 

لقد أصبح من المؤكَّد أن التربية التي لا أصل لها في عمق الأمة سرعان ما تذبل وتضمحل، ويزول أثرها من النفوس، ثم من الواقع، وأما التربية التي تنبع من جذور الأمة الثقافية، وعمقها النفسي والروحي والتاريخي، هي التربية التي يُكتب لها –في العادة- البقاء، وهي التي يمكن أن تصمد أمام المتغيرات المضادة، بما تحمله من أسباب البقاء، وصلابة الأصل، وقوة النشأة، ولقد أثبت الواقع والتاريخ أن التربية النبوية الإسلامية، التي أرسى قواعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التربية المؤهلة للبقاء والدوام، وهي التربية الوحيدة التي تستطيع أن تصمد أمام جميع المتغيرات الثقافية المعارضة، حتى وإن لم ينصرها أهلها، في زمن ضعفهم وتخلُّفهم، فهي تربية ربانية، تحمل في ثناياها أسباب بقائها ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾، وتستمد قوتها من مصدرها الرباني، وتهتدي في نهجها بسيرة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم، الذي ثبت لدى أعدائه –فضلاً عن أوليائه- أنه أفضل وأجل وأحسن مربٍ عرفته البشرية منذ فجر التاريخ الإنساني.

 

إن جميع مناهج التربية غير الإسلامية، إنما تستمد قوتها، وتحافظ  على بقائها من خلال قوة سلطانها السياسي، وتماسك أهلها الثقافي، وليس من جهة ما تحمله من قوة ذاتية تفرض بقاءها، وتعزز سلطانها، كما هو الحال مع التربية النبوية الإسلامية، التي لاقت من هجمات أعدائها من الخارج، ومن المتربصين بها من الداخل، ما لو لاقته تربية أخرى لاضمحلت وذهبت منذ زمن بعيد.

 

إن الأمة الإسلامية مدعوة اليوم بإلحاح، أكثر من أي وقت مضى أن تعود إلى منابع ثقافتها التربوية، في نهج سيد المرسلين، وإمام المعلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنهل من معين علومه، وتهتدي بسنته في تربية أجيالها الصاعدة، تربي عليها: الطفل، والشاب، والمرأة، تتلمس توجيهاته - عليه الصلاة والسلام- في تنشئة الطفل تنشئة إسلامية، وإعداد الشباب إعداداً يؤهلهم للحياة الدنيا والآخرة، ويبني المرأة البناء الصالح الذي يؤهلها لأن تكون مربية الجيل، وملهمة النشء.

 

والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.