الصفحة الرئيسة @ الإستشارات @ @ الاستقلالية والتبعية عند الشباب إلى أين ؟


معلومات
تاريخ الإضافة: 12/1/1428
عدد القراء: 1532
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق
 الاستقلالية والتبعية عند الشباب إلى أين ؟
 الاسم: ابو البراء
 الدولة: السعوديّة
شيخي الكريم . . يطمح كل أب إلى أن يصل بتربيته لأبنائه إلى مستوى يعتمدون فيه على أنفسهم ويستقلون فيه بذواتهم في اتخاذ قررارتهم والاعتماد على أنفسهم .
إلا أننا نلاحظ من الأبناء من لديه نزعة الاستقلالية منذ نعومة أظفاره ونلاحظ كذلك من يصطحب معه نظام التبعية إلى والديه إلى مرحلة زواجه وإنجابه ! !
لذلك أرغب من فضيلتكم :
س : توجيهنا نحو وسائل وطرق نستطيع من خلالها تنشئة أبنائنا على الاعتماد على أنفسهم ؟
كذلك هل هناك تعارض بين استقلالية الابن ومفهوم بر الوالدين ؟
س: هل الاستقلالية والتبعية في الشخصية فطرية أم مكتسبة ؟
س: كيف نوفق بين حث الابن على الاستقلال بشخصيته وأن يكون تحت توجيهنا وإشرافنا عليه ؟

 رد المشرف
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطاب القرآني واضحُ في إلزامه للمكلفين بالأحكام الشرعية ، فما أن يبلغ الإنسان الحلم حتى يصبح مخاطباً بالكتاب والسنة ، فلا فرق في ذلك بين المكلفين كباراً كانو أو صغارا ، ما داموا بالغين ، بمعنى أن البالغ من حقه أن ينطلق في الحياة ، وأن يضرب في الأرض ، وليس لأحد الحق في منعه من ذلك ، مالم يكن سفيهاً لا عقل له ، وهذا لا يمنع قيامه بواجب البر بالوالدين ، وصلة الأرحام ، وغيرها مما أوجبه الله عليه ، فليس بر الوالدين بمعنى أن يصبح الأبن كالعبد المملوك لا ينطلق في الحياة في طلب العلم أو الكسب ، ضمن ما أباحه الله عزوجل ، وإنما يستثنى من ذلك ضرورة الوالدين أو حاجاتهما الملحة لأحد الأبناء ، وهنا يجب عليه أن يبقى في خدمة والديه ، مع سعيه على نفسه وعلى أسرته الخاصة بما يصلحه ، ضمن الإعتدال بين الواجبات التي أمرنا الله بالقيام بها حين تتزاحم ، وتتعارض فيما بينها .
والأبناء حينما يدربون من أول حياتهم على تحمل المسؤوليات بالتدرج المنطقي فإنهم لا يعجزون حين يكبرون عن القيام بمسؤوليات أكبر ، وإنما المشكلة في تركهم مرفهين حتى ما بعد البلوغ ، ثم تنحط عليهم التكاليف دفعة واحدة فيعجزون عن القيام بها .
ولا شك أن قدراً من الأخلاق تكون فطرية ، ينشأ عليها الإنسان ضمن جبلته ، إلا أن هذه الأخلاق ليست كثيرة في النفس الإنسانية ، ومع ذلك فإنها تحتاج إلى رعاية وتهذيب وتنمية ، إلا أن الأصل في الأخلاق هو الاكتساب والتدريب والمعاناه ، حتى تصبح الأخلاق جزءاً من الشخصية ، تصدر عنها بيسر وسهولة دون تكلف ، إلا أن هذه المرحلة لا يصل إليها الإنسان إلا بعد المجاهدة .
إلا أن مسألة الإستقلال في الطبيعة الإنسانية فإنها ليست من المسائل المتعلقة بالناحية الأخلاقية ، مثل الصدق والأمانة والشجاعة ونحوها ، وإنما هي من الحاجات الفطرية التي يفتقر إليها الإنسان ، كحاجته إلى الحرية والتعبير ونحوهما ، فليست حاجة الإنسان إلى أن يستقل بنفسه كحاجته إلى أن يتدرب على الشجاعة مثلاً أو الخطابة أو حسن التعامل ، فإن الاستقلال فطرة إنسانية ، يحتاجها كل إنسان ، وإنما يفقدها بعض الناس ضمن ظروف تربوية خاصة ، كما يفقدون رغبتهم في الحرية ، وكما يكرهون التعبير عما في نفوسهم ، وهذا ليس سلوكاً طبيعياً في الإنسان إذا نشأ نشأة طبيعية سوية .

والله تعالى الموفق