الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية النفسية للفتاة @ 22- الترويح الغريزي للفتاة
22- الترويح الغريزي للفتاة
ويُقصد بهذا النوع من الترويح : استهلاك شحنة الفتاة الغريزية تجاه العناية بالنسل في نشاط تدريبي مشابه، يُعِدُّها قبل الإنجاب – بصورة غير مباشرة – لدورها الأمومي المرتقب من خلال اللعب بالدُّمى المصوَّرة، وهو ما أشارت إليه النظرية الغريزية، من أن بعض الغرائز لا تظهر دفعة واحدة، وإنما تظهر بالتدريج من خلال اللعب، فتعد الفتاة الصغير للحياة المستقبلية الجادة .
ويعتبر هذا النوع من اللعب الصبياني أقدم ألعاب الإنسان عموماً، وأهم وأجمل ألعاب البنات والفتيات خصوصاً ؛ لكونه يشبع عندهن غريزة الأمومة الطبيعية، ويُدرِّبهن على دورهن الاجتماعي في العناية بالنسل ورعايته، وليس دافع هذه الرغبة عند البنات عقداً نفسية جنسية كما تزعم مدرسة التحليل النفسي؛ وإنما هو ميل فطري طبيعي، تشبع به الفتاة حاجتها الغريزية إلى الأمومة، ولهذا جاءت الشريعة السمحاء باستثناء لُعب البنات المجسَّمة من عموم النهي الشديد الوارد في المسألة ؛فقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وصواحباتها -رضي الله عنهن - على اللعب بالبنات في غير حرج،رغم ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في شأن الصور والمصورين من التهديد، وغليظ القول .
وأما ادعاء النسخ في المسألة، فإن السيدة عائشة رضي الله عنها – صاحبة الشأن في هذه المسألة – تقول مخبرة عن حالها في بيت النبوة : "كنت ألعب بالبنات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، مما يدل على أن الأمر استقر على الإباحة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو مذهب جمهور العلماء،من المتقدمين،والمعاصرين، وإن كان الخلاف في هذه المسألة قائماًبين بعض الفقهاء .
وأما حبكة صناعة الدُّمى للفتيات و إتقانها، وحسن إخراجها , والتوسع المفرط في اقتنائها : فإنه غير مستحسن من الناحية الشرعية ؛ فإن بساطة الإخراج أولى في مثل هذه المسائل المحْرجة شرعاً، ضمن مفهوم حدود الرخصة الشرعية، في غير إفراط أو تفريط.
وفي الجانب الآخر من الناحية التربوية : فإن بساطة الإخراج تُعطي الفتاة المتدرِّبة فرصة تربوية تستغل فيها خيالها العقلي في إكمال نقص دميتها الساذجة، بما تُضْفيه عليها من عناصر خيالية تكمل بها – ذهنياً – صورتها الطبيعية، وما تقوم به من عناصر أخرى عملية تُصلح بها من شأنها, فتخيط ملابسها، وتُطرِّز ثيابها.
وكذلك الفائدة قائمة في عدم الإكثار من اقتناء الدمى؛ فإن فيه فرصة جيدة تسمح للفتاة بمزيد من الاتصال الاجتماعي بالآخرين ؛ فإن كثرة الدمى ووفرة الألعاب تحول دون اتصال الناشئ بالوسط الاجتماعي من حوله .
ومن مجموع هذه الإرشادات والضوابط يحصل للفتاة الخروج من الحرج الفقهي في حبكة صناعة الدمية من جهة، ويتحقق لها – من جهة أخرى – الهدف التربوي المنشود من وراء مبدأ الترخُّص لمثل هذه الألعاب.