الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية العقلية للفتاة @ 73- كفُّ الأعداء عن المشاركة في تعليم الفتاة المسلمة


معلومات
تاريخ الإضافة: 23/12/1438
عدد القراء: 438
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

73- كفُّ الأعداء عن المشاركة في تعليم الفتاة المسلمة

لقد شهد تاريخ الأمة الإسلامية القريب تخلُّفاً واضحاً في التعليم عموماً، وفي تعليم البنات خصوصاً ؛ إذ لا تعدو مراكز تعليمهن كتاتيب قليلة، أو مدارس صغيرة لا يتجاوز عددها – في بعض البلاد – أصابع اليد الواحدة، فعمَّ الجهل المرأة والفتاة المسلمة، بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الإسلام، حتى إن نسبة الأمية بينهن قد تصل في بعض البلاد إلى ( 100% )، فكانت فرصة فريدة لأعداء الإسلام – من النصارى خاصة – للنفوذ إلى كيان الأمة, وإلى شخص الفتاة المسلمة عبر حجَّة الإسهام في تعليمها، وإنقاذها من الجهل والأمية , والاستفادة من جهودها في التنمية الشاملة، في الوقت الذي كانت فيه الأمة المسلمة، ورجالها المخلصون عاجزين عن القيام بهذا الأمر المهم تحت وطأة المستعمرين، وضعف الإمكانات، وتفرق جماعة المسلمين .

ومن خلال هذا المحك المحرج الذي وقعت فيه الأمة : انطلق جمع من النصارى وبعض المغرضين – رجالاً ونساءً –يتنادون من خلال وسائل الإعلام المتاحة، والأندية، والجلسات الخاصة والعامة : بضرورة إنقاذ المرأة المسلمة من الجهل والأمية، والقيام بحقها في التَّعلُّم، واستغلوا في ذلك منظمة " اليونسكو "  – التي يسيطر عليها منذ زمن كثير من اليهود - كغطاء دولي وعالمي مقبول لتمرير مشاريعهم الثقافية والعلمية
التي استهدفت الفتاة المسلمة ، في الريف والحضر على حد
سواء، فأنشأوا للبنات المسلمات المدارس والجمعيات الخاصــة ؛ ليتعلمن على أيديهم، وتحت أعينهم ، حتى إن بعض مدارس البنات التي أنشـأها المسـلمون بأنفسهم تأثرت بأنظمــة مدارس النصـارى ، وربما كان بعضــها تحت إشراف نصراني، ولا شك أن هذا الوضع يُشكِّل خطراً على الهوية الثقافية للجيل الناشئ ؛ فإن من المعلوم
" أن فلسفة التعليم العام التي تأخذ بها مجتمعات العالم المتقدم تتلخص في اعتباره أهم أداة لتأصيل الهوية الثقافية وتحديثـها  "، فكيف يتولى الإشراف عليه من لا يحمل هذه الهوية، بل يحاربها ويعارضها ؟.

إن على المسؤولين عن تربية الفتاة المسلمة أن يعلموا : " أن الغرب إذ يُظهر غيرته الشديدة على المرأة العربية، ويتظاهر بالأسى العميق لما يلمسه من وضعها . . . فهو إنما يفعل ذلك لا بدافع الحب للمرأة العربية، والرغبة المخلصة في تحسين وضعها، ولكنه يفعل ذلك مدفوعاً بكراهيته الشديدة للعرب وللإسلام، ولإدراكه أن المجتمع الإسلامي – بكل ما لديه من قيم ومثل ومبادئ – لا يمكن أن يتم النفاذ إليه، وضربه من الداخل إلا بواسطة المرأة المسلمة ذاتها " ؛ ولهذا استهدفوا في المرأة – من خلال جهود التعليم المضنية – ثلاث قضايا رئيسة، لا يضرهم بأيِّها ظفروا :

الأولى : محاولة تنصير الفتيات المسلمات، فقد صرَّحت المنصِّرة آن هاريسون – التي ركَّزت نشاطاتها في الجزيرة العربية – عن الهدف الذي يسعى المنصِّـرون لتحقيقه فقالت : " لقد أُرسلنا لتحويل الناس إلى المسيحية، والدعوة إلى قدرة الله " .

الثانية : السعي في تغيير هوية الفتاة المسلمة إلى أيِّ صورة من صور الانتماء عدا الصورة الإسلامية، حتى تبقى بلا هوية واضحة تحدد معالم انتمائها .

الثالثة : العمل على إقناع الفتاة المسلمة بضرورة الحرية الشخصية والاستقلال الكامل، عن الرجل – أياً كان – أباً، أو أخاً، أو زوجاً . . . بحيث لا يمكن أن يكون لها اعتبارها الذاتي إلا من خلال هذا الانفراد الشخصي بالنفس والقرار .

ومن هذا المنطلق الخطير فإن من أعظم أهداف قيام تعليم خاص للبنات هو كفُّ هؤلاء النصارى وغيرهم من أصحاب الأغراض الخاصة عن الإسهام في تعليمهن، والتدخل السافر في شؤون تربيتهن، فلا يجوز للأمة المسلمة أن تسمح لأعداء الإسلام – بأيَّة حجة كانت – أن يتمكَّنوا من تربية الفتاة المسلمة من خلال تقصيرهم في القيام بواجب التربية والتعليم، فليس لهم عند الله عذر حين ينفذ المغرضون إلى مكمن قوتهم، وأعظم حصونهم .