الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية العقلية للفتاة @ 63- أهمية تعليم الفتاة لمعرفة التكاليف الشرعية
إن من شروط صحة التكليف في الدين الإسلامي : أن يكون المكلَّف عالماً بما كُلِّف به ؛ لأن العلم متقدم على التعبد، والجهل لا يُوجب على البالغ شيئاً، وقد بوَّب الإمام البخاري في صحيحه في كتاب العلم: " باب العلم قبل القول والعمل", والفتاة في سن الشباب تدخل ضمن عداد المكلفين – كما هو المفروض – حيث تجري عليها أحكامهم مع حصول البلوغ، فلا يصح بحال دخولها نطاق التكليف إلا وقد علمت من فروض العين ما تصح به عقيدتها، ونهج عبادتها، وطريقة معاملتها .
ولما كان حال الفتيات على السِّتر والتَّخدير : سبق إليهن الجهل بكثير من الفروض، ولا سيما فيما يتعلق بأحكام الطهارة والحيض – التي تعدُّ من أخصِّ خصوصيات الإناث – فلا يجدن في الأسرة من يقوم عليهن بالتعليم والتأديب، وغلب على كثير منهن في هذا العصر الأمية بنسب تفوق في العادة نسب الأمية في الذكور، في الوقت الذي يجد الملايين من الفتيات الأمريكيات العابثات فرصاً وافرة لتعلُّم الرقص، والموسيقى، والرسم، والتصوير، والنحت، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يترك فرصة اجتماعية سانحة إلا ويعلم فيها النســاء ما يحتجن إليه من الفروض والواجبات، بل وحتى من السنن والمستحبات .
ومن هنا فإن الواجب الاجتماعي يحتم على الأمة تعليم جميع الفتيات – على الأقل – الحد الأدنى من العلم الواجب والمعرفة الأساسية، فإن تواطأت الأمة والمجتمع والأسرة على الإهمال: وقعوا جميعاً في الإثم، وكان على الفتاة وجوب السعي، واتخاذ الوسيلة المشروعة – حسب الاستطاعة – لتحصيل علوم الدين الضرورية التي فرضها الله تعالى عليها ، والتي لا يعذر المسلم بجهلها ؛ حتى تعلم أصول عقيدتها، وتصح طريقة عبادتها، وتعرف ما لا تستغني عن معرفته من العلوم المهمة، مما لا يسعها جهله، ومع هذا فإن واقع التعليم في بلاد المسلمين يركز في الغالب على علوم فروض الكفاية التي لا ينبغي أن يشتغل بها جميع المتعلمين، بحيث تحتل مكانة فرض العين, في الوقت الذي تُهمل فيه علوم فروض العين التي تُهم كل متعلم، وتجب شرعاً على كل مسلم ؛ فإن منهج الإسلام التربوي يجعل ما هو فرض عين من المعرفة قاعدة للنظام التعليمي، وليس ما هو فرض كفاية .