الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الأخلاقية للفتاة @ 22- تحريم الاتجار الإعلامي بأصوات النساء


معلومات
تاريخ الإضافة: 3/7/1432
عدد القراء: 1258
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

وهذا النوع من الاتجار يلحق غالباً بوسائل الإعلام، وبعض مؤسسات العمل، التي تتخذ من صوت الفتاة الرخيم أداة للفتنة الاجتماعية، من خلال الترويج للغناء الخليع ، والإعلانات الدعائية ، والبرامج الإذاعية ، إلى جانب تقصُّد استخدام بعض المؤسسات والإدارات للفتيات في أعمال السكرتارية ، والسنترالات الهاتفية لاستقبال المكالمات ، التي يمكن أن تُعرِّض الفتاة للاستغلال والإحراج من جهة ، وتعرِّض الرجال للفتنة من جهة أخرى ، فمع أن الراجح من أقوال الفقهاء في حكم صوت المرأة أنه ليس بعورة، إلا أنه مع ذلك يُعدُّ فتنة ، " لا يقل طعماً ولذة عن غيره من الحواس ، ومن دونه لا تكتمل نشوة الإنسان ، ولا يصل التواصل إلى أشده "،  فهو من أهم مظاهر جمال الأنثى ، فلو قُدِّر أن وُضع جسد الفتاة الجميل في كفَّة، فإن صوتها الفتَّان يقابله في الكفة الأخرى ، فالفتنة بصوتها أمر ثابت مفروغ منه ؛ وذلك يرجع إلى اختلاف حجم حنجرتها ونمط أوتارها الصوتية عن حنجرة الرجل ونمط أوتاره ، فيصدر صوتها خافتاً غير جهوري ، إلا أنه بالنسبة للرجل يأتيه مُطْرباً فتاناً ؛ وذلك للحكمة التي أرادها الله – سبحانه وتعالى – من انجذاب الرجال إلى النساء لخدمة النوع ، وبقاء النسل .

ومن هنا مُنع النساء في الشريعة الإسلامية من رفع أصواتهن بمسمع من الرجال الأجانب خشية الفتنة ، ولو كان ذلك بما هو ثابت في أصل الشرع كالأذان والصلاة ، وقراءة القرآن ، والتلبية في المناسك، والتسبيح في الصلاة ، وإلقاء التحية – ولو كان كل ذلك من وراء حجاب – بحيث يزداد المنع شدة إذا صاحب ذلك تلذُّذ واستحسان من الرجال ، وإثارة للشهوة ، في حين يمكنهن رفع أصواتهن بهذه العبادات دون حرج شرعي إذا كنَّ بمعزل عن مسامع الرجال الأجانب ، ولا يستثنى من كل هذا إلا ما دعت إليه الحاجة ، وانتفت عنه الفتنة، فلا بأس حينئذٍ من سماع الرجل المأمون لصوت المرأة الأجنبية بقدر تلك الحاجة ، في غير تكسُّر وخضوع منها ، وفي غير تلذذٍ واستحسان منه .

وأما سماع الرجل الأجنبي لصوت المرأة تُطرِّب وتتغنى، فلا شك في تحريمه عند العلماء عامة ، ولو كان من وراء حجاب في عرس أو عيد ، فإذا صاحب ذلك شيء من المعازف الممنوعة : كان التحريم أشد وأغلظ ، وإنما الخلاف عندهم في جواز سماع الأجنبي من الأمة المملوكة دون آلة مطربة، في غير فحش أو تكسُّر ، فالأغلب على المنع منه أيضاً ، وما زال العلماء في كل عصر يستنكرون الغناء من النساء عموماً ، حرائر كنَّ أو مملوكات ، وربما عوقبن على ذلك ، وأغلظ على أوليائهن .

ومن هنا فلا يصح من المرأة المسلمة أن يرتفع صوتها في الحياة الاجتماعية العامة إلا من حاجة تقدَّر بقدرها ، ولا يصح – بالتالي – من وسائل الإعلام أن تستخدم صوتها في الترويج لبرامجها – مطلقاً – حتى الصالح منها ؛ فإن مشاركة المرأة الإعلامية لا تتوقف على صوتها ؛ إذ إن في الكتابة ما يُغني عن العبارة ؛ فإن الكتابة "  عين من العيون ، بها يبصر الشاهد الغائب ، والخط هو آثار يده ، وفي ذلك تعبير عن الضمير بما لا ينطلق به اللسان ، فهو أبلغ من اللسان "  ، والقاعدة الفقهية تنص على أن : " الكتاب كالخطاب "  ، فلا يضير المرأة أن تكتب ويُلقي الرجل نيابة عنها ، ويحصل من ذلك المقصود والنفع العام .

ومما ينبغي أن يعرف أن المشاركة في الأنشطة الإعلامية لا تنحصر سلبياتها في مسألة ظهور صورة المرأة وارتفاع صوتها فحسب ؛ فإن المجتمع الإعلامي بطبيعته المعاصرة يحوي - إلى جانب ذلك- كل سلبيات العمل المؤسسي الحديث مثل : الاختلاط بين الذكور والإناث ، والخلوة الممنوعة ، ورفع الحرج بين الزملاء والزميلات من حيث : الاستلطاف الاجتماعي ، وإلقاء التحية ، والمصافحة بالأيدي ، وتبـــادل الأحاديث الوديــــة ونحو ذلك، ولا شك أن واحداً من هذه المواقف فضلاً عن مجملها كافٍ لصدِّ المرأة عن هذا السبيل المهني الخطير .