الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاقتصادية للفتاة @ 39- جريمة استغلال أعراض النساء العاملات
تختلف أشكال الاتجار بالنساء العاملات في ميادين التنمية الاقتصادية العامة ، وتتنوع صورها ، فمنها : الاتجار بصورهن ، والاتجار بأصوتهن ، والاتجار بأعراضهن ، يجمع بينها الاستغلال الجنسي للمرأة كقاسم مشترك لهذه الأشكال المتنوعة ، بحيث يرتبط مقدار تفوق المرأة التجاري بدرجة إغرائها الجنسي ، كما يرتبط مقدار الاهتمام بها كعنصر ترويج تجاري بحجم حظها من الجمال الأنثوي ، فتعمل هذه الأشكال التجارية من خلال الاستغلال الجنسي على اختزال شخص المرأة العاملة في حدود جسدها دون باقي جوانب شخصيتها الإنسانية.
ولعل أشدها إساءة للمرأة هو استغلالها جسدياً بصورة مباشرة، من خلال هتك عرضها لتحقيق مكاسب مادية للمؤسسات والشركات التي تعمل بها .
وهذا النوع من الاتجار بأعراض النساء العاملات أكثر خطراً على أخلاق المرأة وسلوكها ، وصفته أن تُستغل الشابة الحسناء – بصورة غير مباشرة – في أعمال إدارية وتجارية تستجلب الربح ، وتروِّج للمؤسسات والشركات , كأن تباشر عقد الصفقات التجارية مع العملاء ، لا لكونها الشخص المناسب للمقام ، ولكن لما تحمله من القدرة الأنثوية على فتنة العملاء ؛ فإن نسبة كبيرة من الشركات ليس لها همٌّ إلا استجلاب الفتيات الحسناوات للقيام بمثل هذه المهمات التجارية ، فكثيراً ما يُعيَّنَّ في أعمال السكرتارية ؛ ليكنَّ دائماً بقرب المدير العام , يلطِّفن جوَّه من جهة ، ويفتنَّ العملاء من جهة أخرى ، بحيث لا تمنع إحداهن شيئاً من عرضها – إن احتاج الأمر – في سبيل خدمة المؤسسة ، ودعم نشاطها الاقتصادي.
وربما كانت الصورة نفسها أو قريباً منها تُمارس في كثير من شركات الطيران التي تشترط في " المضيفة " أن تكون شابة حسناء غير متزوجة ، حتى تتمكن بصورة أفضل من خدمة الشركة ، والترفيه بصورة أرحب عن الركاب ، فتكون إحداهن منظرة لمجتمع الطائرة , يراودها الشباب ، ويتمتع بمنظرها الكهول ، فتنطلق قرائحهم الشعرية – تحت وطأة فتنة الجمال – بما لا يليق ذكره في هذا المقام ، حتى إن أحدهم – من فرط فتنته بإحداهن – كان يتقلَّب إلى المطار من وقت إلى آخر ، لعله يحظى برؤيتها مرة أخرى .
ومن هنا فلا يجوز للمرأة أن تدخل في هذا السلك الوظيفي الذي يعرضها ويعرض الركاب معها إلى الفتنة ، إلى جانب اضطرارها – بحكم طبيعة العمل – للسفر الطويل الممنوع شرعاً على المرأة بغير محرم ، ومكوثها وحدها في مدينة أخرى دون محرم يقوم عليها ،إضافة إلى طبيعة هذا العمل ، الذي يعرض المرأة العاملة بصورة أكبر للهلاك؛ فإن كوارث الطائرات في هذا العصر معلومة ، فإذا كان ركوب البحر لغير ضرورة مكروهاً عند كثير من العلماء خاصة للنساء، فكيف يكون حكم ركوب الهواء عندهم للمرأة المسلمة بغير حجاب شرعي ، ودون محرم ، ولغير ضرورة شرعية ملحَّة ؟
وفي العموم لا يصح من المرأة المسلمة أن تعمل أيَّ عمل يعرضها أو يعرض غيرها للفتنة ، أو يوقعها في مواقف حقيرة تضعف عندها قواها الأخلاقية ؛ كأن تعمل عارضة أزياء ، أو خادمة في فندق أو مقهى ، أو بائعة في محل تجاري ، يتردد عليها الفسقة لغير غرض صحيح ، فلا تستطيع أن تمتنع عن مجاراتهم لضعف مقامها، وقد كشفت إحدى الدراسات العربية أن غالب البغايا المقبوض عليهن كنَّ: خادمات بيوت ، أو بائعات متجوِّلات ، أو مضيفات في شركات الطيران ، أو خياطات ملابس ، أو ساقيات في نوادي ليلية ، والمثل العربي يقول : " تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها " ؛ يعني لا تعمل مرضعة فتأكل أجرة الرضاعة ، فقد كان العرب يعدُّون ذلك عاراً في حق المرأة الحرة ، فكيف بما هو فوق ذلك من التكسُّب المشين ؟!
إن نموذج الاقتصاد الغربي لا يعترف بالضوابط الأخلاقية لعمل النساء ؛ فلا يرى بأساً في تقديمهن للمتعة في بعض الأنشطة السياسية والاقتصادية ، بينما لا يقبل الضابط الأخلاقي في التصور الإسلامي من المرأة ولا من المجتمع التنازل عن أي قيمة أخلاقية – مهما كانت يسيرة – في سبيل الكسب المادي ، أو التطور الحضاري الموهوم ، أو المسايرة الاجتماعية ، إذ لا بد أن يكون هذا الضبط الأخلاقي حـيًّا في حسِّ المجتمع عموماً ، وفي حسِّ المرأة المسلمة خصوصاً عند ممارسة أي نشاط اقتصادي في الحياة العامة .