الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاقتصادية للفتاة @ 33- مراعاة العمل لإنسانية المرأة العاملة
إن من أعظم مرتكزات التنمية الاقتصادية في الإسلام : أن يكون الإنسـان – الذكر والأنثى– هو هدفهـــا الأعظم, من جهة: كرامته وأمنه وحقه ، بحيث تتحقق له في ظل نظام الإسلام الاقتصادي الكفاية التامة, التي تشبع حاجاته المشروعـــــة : الروحية والماديـــة ، وتحرره من رقِّ العبودية لغير الله تعالى ، محافظة – في كل ذلك – على مبدأ المساواة الإنسانية بين جميع الفئات العاملة ، حتى وإن اختلفت مستويات أجورهم ، وتفاوتت منازل مهنهم .
ورغم النجاح الكبير الذي حققته دول العالم المتقدم في حل مشكلات الإنتاج والتصنيع المادية ؛ فإنها – مع ذلك – أخفقت جداً في حل مشكلة الإنسان – هدف التنمية – بسبب إعراضها المستمر عن التشريع الإلهي ، الذي ارتبطت مخالفتــه بالشــــقاء والقلق والتخبط ، كما قال العليم الحكيم: و ، فقد استُغل الإنسان في المعسكر الصناعي الحديث كأبشع ما يكون، حتى جُرِّد من حقيقة صفته الإنسانية ، وجوهرها النفيس ، فما بقي له منها إلا الصورة الخارجية ، التي تبدو شاحبة مرهَقة ، تحت وطأة الظلم ، والعسْف الاقتصادي .
ولما كانت المرأة بطبعها أضعف نوعي الإنسان ، وأسرعهما للتلف ؛ فإن معاناتها من مشكلات التنمية ، وما يرافقها من ظروف الاضطهاد الاقتصادي : أشدُّ وأقسى ، وذلك حين تتشبَّع بالتدريج المهن الرقيقة المُسْتلْطفة بالعناصر النسائية ، فلا يبقى أمام الفتيات المُستجدات الراغبات في العمل إلا خوض مهن جديدة, تكون- في الغالب- أكثر قسوة وإرهاقًا ، فما قد ترفضه الفتاة اليوم من الأعمال المضنية أو الحقيرة أو المنخفضة الأجور: فإنها تقبل به غدًا على مضضٍ، ثم ما تلبث بعد زمن أن تحرص عليه تحت وطأة الحاجة والاعتياد ، فتعاني بالتالي قسوة العمل وشدته على نفسها وجسدها بما لا طاقة لها به ، وربما اسْتحْلتْه واسْتلْطفته, حين تفقد بقايا إنسانيتها, ومعالم أنوثتها .
ومن هنا لابد من وضع ضوابط تحمي الجانب الإنساني من المرأة المسلمة ، فلا تسمح بظلمها حقوقها، أو تسخيرها في أعمال شاقة أو حقيرة ، تستذل كرامتها الإنسانية وعزتها الإسلامية .