الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الزوجية للفتاة @ 36ـ حق الزوج في الاستمتاع الجنسي


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 60168
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

إذا استوعبت الفتاة واقتنعت بحق الزوج في تمكينه من نفسها، وفضِّ بكارتها،  فإن عليها أن تدرك أنها بكيانها الكامل بصفتها أنثى : موضع استمتاع له، بحيث يحق له - إجماعاً - أن يستمتع بكل موضع منها ماعدا الدبر، وفي ذلك تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : " إذا حاضت المرأة حَرُمَ الحُجْران "، يعني الفرج والدبر، بمعنى : "أن أحدهما حرام قبل الحيض، فإذا حاضت حَرُما جميعاً". وله أن يستمتع بها بأي صورة أو كيفية كان ذلك ما دام في موضع منبت الولد، مع جواز النظر، واللمس، وكل ما يمكن أن يكون مجالاً للاستمتاع المشروع بينهما، بحيث لا يحول بين استمتاعه بها - ما دامت حلالاً - زمان : من ليل أو نهار، أو مكان: كسفر أو نحوه، أو انشغال أياً كان، ما لم يكن بفريضة، بل حتى لو عدمت الماء لغسل الجنابة: فليس لها الامتناع، أو التَّسويف عن إجابته في الحال، ثقل ذلك عليها أو خفَّ، نشيطة كانت أو كسلى، راضية أو غضبى، حتى وإن كانت حاملاً، فإن امتناعها أثناء الحمل قد يكون سبباً في التوتر العائلي، وربما كان سبباً في وقوع الطلاق، وكل ذلك ما لم تكن مريضة تتضرر بالجماع، أو هاجرة فراشه من أجل تفريطه في حق واجب من حقوق الله تعالى، وهذا كله مقيَّد بوصف السلامة من الإضرار بها، والبعد عن العنف المؤذي الذي يحوِّل ممارسة الزوج لحقه في الاستمتاع إلى جريمة يستحق عليها العقاب .

وعلى الرغم من أن الشريعة الإسلامية تلزم المرأة بمطاوعة زوجها في شأن العلاقات الجنسيةـ موافقة للفطرة - ضمن الضوابط الشرعية : فإن القوانين الحديثة في أوروبا وأمريكا تُجرِّم جماع الزوجة بغير رضاها، بل تُجرِّم حتى التحايل عليها في ذلك، وهذا من غرائب التشريع الوضعي الذي يلتمس بإفراط تحقيق مبدأ المساواة بين الجنسين حتى في مثل هذه القضايا التي تحكمها الفطرة، التي تحتم بالضرورة اختلاف الحكم بين الجنسين؛ فإن المرأة بطبيعتها الفطرية، ونوع تركيب آلتها الجنسية قادرة في كل وقت على الوقاع، في حين لا يكون ذلك متاحاً دائماً بالنسبة للرجل؛ لطبيعة نوع آلته الجنسية؛ ولهذا جاءت الشريعة المباركة موافقة للفطرة الطبيعية فألزمت المرأة المطاوعة، ولم تلزم الرجل .

ولتحقيق كمال الاستمتاع فإن للزوج أن يمنعها من نوافل العبادات : كالصلاة، والصيام، ونحوها، وله أيضاً منعها من الانهماك في خدمة البيت، والأولاد؛ إذا كان ذلك يُفوِّت عليه حقه في كمال الاستمتاع بها، فيُنيب من تقوم بذلك عنها، مما يدل على أن للزوج حقاً عظيماً في هذا الجانب الخاص من العلاقات الزوجية، وأنه أكبر من مجرَّد اتصال جنسي : ليبلغ حدَّ الاستمتاع المُشبع، الذي يُحقق - بالدرجة الأولى - قدراً كافياً من المناعة ضد الانحرافات الخلقية خارج نطاق الزوجية، ويحقق بالدرجة الثانية : دوام الألفة بين الزوجين ببقاء مادة التجاذب بينهما حيَّة متجددة، إضافة إلى أن فرص حصول الحمل - الذي هو هدف النكاح الأول - تكون آكد حين تشتد الشهوة في اللقاء بين الزوجين .

ومن القبيح أن بعض الرجال ممن ضعفت لديهم الحاسة الدينية يلتمسون درجة الإشباع الجنسي مع العاهرات، ضمن ما يسمى بالبغاء التعويضي، فيعوض أحدهم مع البغي ما فاته من الاستمتاع مع زوجته، حيث يظن أحدهم أن الاستمتاع المشبع لا يمكن أن يتحقق مع الزوجة الذي اصطفاها للإنجاب، ورعاية الأطفال . ومع ضلال هؤلاء الرجال، وقبيح فعلهم : فإن من واجب الزوجة الصالحة أن تكون موضع استمتاع كافٍ لزوجها، تُعفُّه عن الحرام، وتحقق له درجات عالية - قدر استطاعتها - من الإشباع المغني عن الحرام، وتتخذ في ذلك كل وسيلة مشروعة تحقق لزوجها راحته .

إن استنكاف بعض الفتيات عن أن يكن مكاناً لشهوة الزوج واستمتاعه : يدل على سوء فهمهن لحقيقة العلاقة الزوجية، وجهلهن بطبيعة نشاط الرجال الجنسي؛ فإن الاستمتاع الجنسي في حد ذاته : هدف رئيس من أهداف النكاح في التصور الإسلامي، بحيث لو ضعُفت الجاذبية الجنسية بينهما : كانت احتمالات توقع انهيار الأسرة كبيرة؛ فإن غالب المشكلات الزوجية مردها إلى عدم الاكتفاء الجنسي، كما أن نشاط الرجال الجنسي في العموم أوسع من نشاط الإناث، فهن أصبر على ترك الجماع منهم، خاصة المتزوجات حديثاً، في حين تصل قدرة الجماع عند الشاب الطبيعي إلى مرتين يومياً، وربما وصلت عند بعضهم - على سبيل الندرة - إلى أضعاف ذلك، وقد عبَّر الصحابي صفوان بن المعطِّل رضي الله عنه عن هذه الطبيعة عند الشباب، لما شكته زوجته إلى رسول الله r في منعها من صيام النفل، وإطالة الصلاة، حيث قال مبرراً فعله معها : " فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر"، فاعتذر بطبيعة الشباب الحيوية، وميلهم لكثرة الوقاع، فأقره النبي r على ذلك، ولم ينكر عليه .

ثم لا بد من فهم الفتاة لطبيعة سلوك الرجل الجنسي، فقد لا يتقيَّد هذا السلوك - في بعض الأحيان - بالظروف المناسبة، والأوقات الملائمة؛ بحيث يقع الاتصال الجنسي في الوقت الذي تظنُّ الزوجة أنه الأنسب، فقد واقع عثمان بن عفان رضي الله عنه أمة مملوكة له في ليلة وفاة زوجته أم كلثوم رضي الله عنها بنت رسول الله r قبل أن تُدفن، فلم يمنعه هذا الخطب الجلل من أن يسلك سلوكاً مُسْتلذاً يتنافى في طبيعته مع نوع الظرف القائم، لا سيما وأن أباها رسول الله r موجود، يعاني أزمة وفاتها؛ ولهذا منع رسول الله r عثمان من أن يباشر دفنها . ثم إن رسول الله r نفسه لم يمكث بعد وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها - رغم الحب العظيم الذي كان بينهما - أكثر من شهر حتى تزوج بسودة بنت زمعة رضي الله عنها . وهذا كلُّه يدل على أن المسلك الجنسي عند الرجل لا يتقيد بصورة دائمة بالظروف المناسبة والملائمة، فقد يحصل في الوقت الذي تستبعده الزوجة، أو تكرهه .

إذا استوعبت الفتاة هذه المسألة بأبعادها المختلفة، وألوانها المتنوعة في طباع الرجال، واستقرت القناعة بذلك في نفسها دون تردد : فإن عليها أن تراعي من زوجها موقع أذنه، وعينه، وأنفه فتجتهد طاقتها بأن لا يصل إليه عبر هذه الحواس المثيرة للرغبة الجنسية إلا ما يُستحسن من الكلام، والزينة، والرائحة، فالكلام الحسن المستعذب، مع كونه أداة إثارة مشروعة للرجل، فإنه أيضاً إذا استُخدم بصورة سلبية كان أداة تثبيط وخور، فكلمة واحدة من الزوجة لبعلها، تقع في غير موضعها، فتمسُّ جانب رجولته : يمكن أن تشلَّ رغبته نحوها بالكلية، فلا ينشط إليها أبداً، وقد رُوي في هذا المعنى أن رسول الله r لعن  (( المسوِّفة ))، وهي التي تماطل زوجها ولا تطاوعه في الفراش، ولعن أيضاً (( المسفلة ))، وهي التي تفتِّر نشاط زوجها الجنسي، بل المفروض فيها على العكس من ذلك أن تعرض نفسها عليه - كما رُوي في ذلك الخبر - لا أن تُثبِّطه، وتفتِّر عزيمته .

وأما موقع نظره : فلا يصح منها أن تقع عينه إلا على ما يحسُن إبداؤه من الجسم والملابس، فلا يرى من بدنها إلا قدر الحاجة، وحسب ما يتطلَّبُه المقام؛ فإن رؤية العورة في غير مناسبة أمر مستهجن قبيح؛ ولهذا نهى رسول الله r عن مفاجأة النساء، حتى لا تقع أعين أزواجهن على ما يكرهون منهن، وعليها أن تتزين له حسب طاقتها، وقدرته المالية: بما يُستحسن من الملابس، والمساحيق الملونة بحيث لا يراها - ولا سيما في الفراش - إلا في أكمل حال، فإن المرأة إذا تركت الزينة : ثقُلت على زوجها .

وأما موقع أنفه، فهو أوسع الأبواب إلى قلوب الرجال، وأشد ما يُثيرهم عاطفياً، وفي هذا يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " … إنما قلوب الرجال عند أنوفهن "، فالرائحة الزكية تأخذ بمجامع القلوب، وتعمل عملها كأبلغ ما يكون في نفوس الرجال؛ ولذا نُهيت المرأة عن الخروج متطيبة في مجامع الرجال الأجانب؛ لما يمكن أن تُحدثه من الفتنة . وقد كان للمرأة في الزمن الأول من اهتمام بالغ بالطيب، فقد كان مجالاً للتنافس بينهن، حتى لربما عمَّت به إحداهن بيتها، وكانت نصائح العرب القدماء للفتيات كثيراً ما تؤكد على الطيب والنظافة والكحل، ونحوها من أمور الزينة، لهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في وصفهن : " هن ألطف بناناً، وأطيب ريحاً "، فوصفهن بأكمل ما فيهن من لطف الملمس، وطيب الرائحة، وفي الأثر : "خير نسائكم العَطِرةُ المَطِرة "، يعني التي تتنظف بالماء  وتكثر من ذلك . مما يدل على ضرورة مراعاة الزوجة لهذا الجانب من نفسها . 

وكما أن للرائحة الزكية دورها الإيجابي في نفوس الأزواج، فإن سلوكاً عفوياً يصدر عن الزوجة مما يتعلَّق بفضلاتها الطبيعية : يمكن أن يُوقع - بصورة تلقائية - بغضها في نفس الزوج : فيكسل عنها، ويعجز مستقبلاً عن إتيانها : كالرائحة التي تنبعث عن فمها، أو من ملابسها، أومن مغابنها المستترة، والتي تكون عادة موقع نتن من البدن، فكل ذلك مستقبح من الإنسان عموماً، وهو من المرأة مع زوجها : أقبح وأشنع؛ لضرورة الالتصاق بينهما، وطول الصحبة .

وقد ثبت عن رسول الله r التشدُّد في أمر السواك لطهارة الفم، وقطع الرائحة القبيحة، وأما طهارة البدن فقد ورد عنه أنه كان " إذا زوَّج بناته أمر أن لا يقربهن أزواجهن حتى يغتسلن … "، فلا يجتمعن بأزواجهن إلا على أكمل حال، حتى بلغ الأمر عنده عليه السلام بضرورة الطهارة والنقاء إلى أن : يأمر النساء بتطهير، وتطييب موقع خروج الدماء الطبيعية، ويشرح كيفية ذلك، ويبيِّنه بنفسه . مما يدل بوضوح على أهمية هذا الجانب، وضرورته للزوجين، من الجهة النفسية والبدنية .

وبناء على هذه التوجيهات : فإن الفتاة تراعي ذلك من نفسها، وتجتهد في الأخذ بسنن الفطرة : فلا تقع عين الزوج على ما يكره منها، في صورة، أو ملبس، ولا يسمع منها إلا ما يدفعه إلى مزيد من الحبِّ والميل إليها، ولا يشُمُّ منها - خاصة في الخلوة - إلا ما يثير رغبته فيها، تقول السيدة حفصة رضي الله عنها : " إنما الطيب للفراش " : فتُجنِّبه رائحة الحيض وخروقه المنتنة، فإنها شديدة على الزوج، وتُبعد عن موقع عينيه فضلاتها الطبيعية المستقبحة، فتجتهد بأن لا يشم، ولا يرى على بدنها، أو في بيت الخلاء من آثار ذلك شيئاً، وأن يكون هذا نهجها دون ملل، وطريقتها دون انقطاع أبدأً، ولتكن - في كل ذلك - نصيحة السيدة عائشة رضي الله عنها نصب عينيها حين قالت لإحداهن : " إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتصنعينها أحسن مما هي فافعلي " .