الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الزوجية للفتاة @ 33ـ الطلاق السني في الشريعة الإسلامية


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 2634
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

يُشرع الطلاق في حق الزوج إذا يئس من إصلاح زوجته، ورأى أن الانفصال أرحم به وبها وبالأولاد من البقاء في بيت واحد . وعلى الرجل قبل أن يتخذ هذا القرار الخطير أن يسلك المنهج الصحيح أولاً في تربية زوجته وإصلاحها . يقول الله تعالى : { وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ } [النساء:34]. فإذا كان سبب الشقاق من الزوجة وجب على الزوج المسلم أن يعظها، ويذكرها بواجباتها، ويخوفها من الله، فإن لم ينفعها ذلك هجرها، فلا ينام معها في سرير واحد، وإن نام معها على سرير واحد أعطاها ظهره، ولا يمازحها، ولا يداعبها، ولا يجامعها، وله أن يهجرها فينام في غرفة أخرى، ولا يزيد في هجرها أكثر من شهر، فإن لم يفد ذلك ضربها ضرباً غير مبرح بيده أو بمثل السواك، مع تجنب الوجه، فإن كان من النوع الذي لا يضرب ألحقها بأهلها لتتأدب .

فإن لم تنجح هذه الوسائل، أدخل بينهما حكمين؛ لقوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } [النساء:35]، فإن لم ينجح الحكمان في إصلاح ذات البين، ورأى الزوجان أفضلية الفراق والانفصال شُرع للرجل إلقاء الطلاق على زوجته مع مراعاة الأحكام المتضمنة في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ الله وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِي لَعَلَ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرَاً } [الطلاق:1]، تفيد هذه الآية الكريمة توجيه المؤمنين عند الرغبة في طلاق المرأة أن يكون في طهر لم يجامعها فيه، مع معرفة وتحديد وقت إيقاع الطلاق للتمكُّن من معرفة وقت انتهاء العدة، وفرص الرجعة، كما يوجه سبحانه وتعالى الرجال بأن لا يُخرجوا النساء المطلقات من البيوت حتى تنقضي العدة بأكملها؛ وذلك لما يمكن أن يقضيه الله في قلب الزوج فيراجع زوجته، وتعود الحياة إلى طبيعتها . أما إذا كانت الزوجة سيئة الخلق، بذيئة القول، أو ارتكبت فاحشة مبينة مثل الزنا، فلا بأس بإخراجها من البيت . أما هذا الأسلوب الذي اعتاده أكثر النساء إذا سمعت طلاقها لا تلبث لحظات إلا وقد خرجت إلى بيت أهلها، فإن هذا من الخطأ؛ إذ يجب عليها أن تبقى في البيت، تلبس وتتزين لزوجها لعله يراجعها فهي في الشرع زوجته . أما إن كانت الطلقة هي الثالثة فهنا يجب عليها الخروج؛ لأنها لم تعد زوجة له . أما بعد الطلقة الأولى، أوالثانية، فلا ينبغي لها الخروج .

وأكثر حالات الطلاق - في واقع الناس اليوم - لا تقع عن طريق دراسة من الزوج أوالزوجة لحالهما ووضعهما، ومحاولة معرفة مدى جدوى الطلاق بالنسبة لهما وللأولاد، ولكن كثيراً من حالات الطلاق تقع أثناء الخصام والمشادة بين الزوجين، وفي حالة يكون فيها الرجل غاضباً والزوجة منفعلة، لهذا فإن أكثر حالات الطلاق يعقبها الندم والتأسف، فترى الرجل يسعى يميناً وشمالاً باحثاً عن فتوى شرعية تُعيد له زوجته، وقد كان الأمر بيده قبل أن يلتزم بكلمة الطلاق، ويلقيها على زوجته دون دراسة وتعمق وموازنة بين المنافع والمضار .

لهذا يُنصح الزوج بالاطلاع على أحكام الطلاق، وآدابه من كتب التفسير عند شرح آيات الطلاق، ومن كتب الفقه، ليتزود بالعلم النافع في هذا الجانب الأسري الهام .

ولا يأنف الرجل بعد طلاق زوجته وخروجها من العدة في الطلاق الرجعي أن يراجعها بخطبة ومهر جديد إن ظن أن الحياة سوف تستقيم بينهما بعد هذا الدرس، وليس لوليها حق في أن يعضلها عن الرجوع إلى زوجها إن كانت راغبة وذلك لقوله U : { وَإِذَا طَلَقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } [البقرة:232]، بل وحتى بعد الطلاق البائن لا بأس أن يراجعها بعد أن تحل له خطبتها بنكاحها زوجاً غيره، على أن لا يكون هذا الزوج تيساً مستعاراً .