الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الجنسية للفتاة @ 9ـ الاستمناء عند الإناث


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 136827
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

9- الاستمناء عند الإناث

يتحد الذكور والإناث - بصورة عامة- في دوافعهم الجنسية، وميولهم الشهوية، فكما أن في الرجال من تغلبه غُلْمته، حتى تصل به إلى درجة الإفراط المُخل، فإن في النساء أيضاً من تغْلبها شهوتها، وهيجان غريزتها حتى لا تكاد ترتوي بشيء، وفي كلا الجنسين -من جهة أخرى- من لا إرْب له، ولا شهوة، إلا أن المعتدل من نوعي الإنسان هو الغالب الأعم.

وتختلف حدَّة الشهوة بين الجنسين، حيث تخضع -بشكل كبير- عند الإناث إلى مواسم شهرية، وعوامل نفسية، وتكون ذرْوتها في الثلاثينات من أعمارهن، في حين تستوي حدَّتها في سلوك الذكور بصورة كبيرة فلا تخضع لمواسم معينة، وتكون ذروتها عندهم قبل سن الثلاثين.

ويبقى دافع الشهوة عند الفتاة العزباء طبيعي النزعة، ما لم يصل إلى حدِّ الشغْل الشاغل، الذي لا يزاحمه غيره، بحيث تضطر تحت وطأة إلحاح الغريزة، وشدة عنفها إلى تفريغ الطاقة الشهوية بالاستمناء، أو ما يُسمى عند العرب بجلد عميرة، وهو ما يُعرف في حق الرجال بالخضخضة، وفي حق النساء بالإلطاف، وفي المصطلح الحديث يُعرف بالعادة السرية.

وهذه العادة مع كونها لا تحلُّ المشكلة الجنسية بصورة جذرية، فإنها تؤثر بصورة سلبية على طاقات الفتاة: الروحية، والنفسية، والجسمية، وعلاقاتها الاجتماعية، ونجاح حياتها الزوجية في المستقبل، ولهذا فهي طريقة ممنوعة شرعاً عند جمهور العلماء، وإنما أجاز بعضهم تعاطيها على سبيل الاضطرار، حين لا يجد المضطر سبيلاً مشروعاً لتصريف الطاقة، أو تسكين الغُلْمة، بشرط أن يكون ذلك لكسر الشهوة وليس لطلب اللذة، فإن أقل ما يُقال في هذه العادة: أنها من قبائح الأخلاق ومرْذولها.

وأما حكم الاستمناء حالة الاضطرار للإناث ففي جوازه خلاف، ولئن كان بعضهم يسوِّي بين الجنسين في حكمه حال الاضطرار، إلا أن المسألة -مع ذلك- تختلف في حق المرأة لما قد تخلِّفه هذه الممارسة القبيحة من أضرار صحية على جهازها العصبي، وتشوهات وقروح وآلام على أعضائها التناسلية الحساسة، فلئن كانت هذه العادة في حق الشاب المضطر وسيلة للتخلص من الفاحشة، فإنها في حق الفتاة المضطرة ذريعة إلى الفاحشة؛ وذلك لاختلاف طبيعة السلوك الجنسي بينهما، ففي الوقت الذي تفتقر فيه الفتاة فطرياً للطرف الآخر لتفريغ طاقتها الشهوية، حيث لا تزيدها ممارسة هذه العادة إلا تأجُّجاً: فإنها في حق الشاب المضطر ممارسة موضعية، لا تفتقر لطرف آخر، ويمكن أن تحصل في حقه بصورة تلقائية، بل إن مجرد النظر أو التفكير من الشاب الممتلئ حيوية كاف لتفريغه للطاقة، فالمسألة في حق الفتيات من هذه الناحية تختلف؛ ولهذا كثيراً ما كان يتندر بعض الماجنين من شعراء العرب بالاستمناء، معبرين عن سهولته عليهم، حين تشتد غلمة أحدهم، فيصرف طاقته بالاستمناء ولا يبالي، في حين لا يُذكر شيء من ذلك عن النساء في أسلوب تصريف طاقتهن الشهوية.

ولا يُفهم من هذا التوجه الفقهي: كبْت الطاقة الجنسية، بمعنى إنكارها أو استقذارها؛ وإنما المقصود هو ضبط النشاط الغريزي، وتوجيهه في مساره الصحيح بصورة شرعية واعية، فإن "تأثير الغريزة الجنسية في نفوس الشباب أشبه ما يكون بالنار المستعرة، فإذا تمردت، وتجاوزت حدود المصلحة، وتُركت طليقة دون قيود تحدُّ من هيجانها: فإنها تكون قادرة على أن تحرق جذور كل الفضائل الإنسانية والسجايا الأخلاقية، وتقضي بالتالي على سعادة الإنسان"، وتذهب بنور عقله وبصيرته، وتدفع به للقيام بما يعارض المصلحة والعقل، ويجلب الشر والمصائب والدمار، وذلك بسبب ما تحمله جاذبية الغريزة من اللذة والمتعة التي تدفع الإنسان نحو الحرية الجنسية، "ولكن حفظ الحياة الاجتماعية، والوصول إلى التكامل المعنوي: يتطلبان تحديد غرائز الإنسان، وإشباعها في حدود المصلحة الفردية والاجتماعية"، فالضوابط الشرعية للسلوك الجنسي ليست أغلالاً لتقييد الإنسان، والسعي في حرمانه من ملذاته، وإنما هي كوابح لإحكام تصرفاته، وتوجيه طاقاته، بما يحقق مصلحته الخاصة ضمن مصالح المجتمع العامة.

ومن طبيعة الغريزة الجنسية عند الإنسان أنها مرتبطة بإرادته، كحاله مع الطعام والشراب، في حين لا يرتبط تنفُّسه وضربات قلبه ونحوهما بإرادته، وهذا من شأنه إضفاء شيء من اللذة والمتعة على السلوك الغريزي المنضبط بالإرادة، في الوقت الذي لا يجد فيه الإنسان تلك المتعة واللذة في سلوكه غير الإرادي، فإذا تمادى الإنسان في إشباع ملذاته الشهوية، وانطلق في تعاطيها بلا ضوابط: فإن إرادته تضعف، وربما تضمحل، لتقرب من حال غرائزه التي تعمل بلا إرادته، فتكون الشهوة رقاً كحال العبد مع سيده، وربما انحطَّت به إلى مرتبة الحيوان، فيفقد حينئذ اللذة والمتعة اللتين ينشدهما، وتصبح الشهوات لكثرة ممارستها بلا معنى ولا مضمون، ولعل هذا الفهم يفسِّر انصراف كثير من الغربيين عن المسالك الفطرية لتصريف الطاقات الجنسية: إلى دركات الشذوذ والانحراف المخالف للفطرة السوية.

ومن هنا فإن "تعديل الميول النفسية، وترويض الغرائز هما من الأركان الرئيسة للتمدن، والشروط الأساسية لسعادة الإنسان وهنائه، وهذا ما أجمعت عليه كل الأديان السماوية، والعلماء والمفكرون كافة.

ورغم أن الفتيات يختلفن عن الذكور في أسلوب تعاطي عادة الاستمناء القبيحة، وأقل منهم تورطاً في ممارستها؛ ومع ذلك فإن الثابت ميدانياً، في غالب الأوساط الاجتماعية: تلبُّس كثير منهن بتعاطيها، ومكابدة معاناتها،  خاصة من الفتيات المتعلمات والمتحررات أخلاقياً، ممن كثرت حولهن المغريات، وضعف في نفوسهن الوازع الديني.

إن وسيلة الفتاة العزباء لضبط هذا الدافع بعد عون الله تعالى، وسلامة صحتها العقلية والجسمية من الأمراض العصابية والعضوية المثيرة للشهوة: تجنُّبها للمواد الدسمة والبهارات والتوابل في مأكلها، والسوائل المنبهة في مشربها، وترفُّعها عن ارتداء الملابس الضيقة، وكشف العورة في الخلوة، وبعض الرياضات البدنية مثل: السباحة وركوب الخيل وقيادة الدراجات، مع حذرها من سلوك الخادمة المنحرفة، أو الصديقة المنحلة، وعليها بنتف العانة بدلاً من الحلق، فإنه أسْكن للشهوة، مع أخذها بشيء من الخشونة في فراشها، ولا بأس بالطعام، أو الدواء الذي يكْسر الشهوة، ويخفف منها، فإنْ هي اتخذت هذه الوسائل، مع اتقائها للبطالة والفراغ، وحذرها من الانفراد والانعزال: كان أعظم وأكثر نفعاً في ضبط الشهوة؛ إذ يلعب الخيال الجامح، والتجربة الطائشة عند الفراغ في زمن الخلوة: أدواراً في إثارة الغريزة، مما قد يدفع بعضهن إلى العبث بأعضائهن التناسلية، وربما حشت إحداهن نفسها ببعض المواد الغريبة؛ فإن الفتاة الصحيحة البنية إذا بقيت بغير شُغْل حنَّت إلى النكاح، واشتاقت للرجال، فإن غالب العشق إنما يأتي من فارغ النفس المترف المنعَّم، الذي كُفي أسباب المعيشة والجهد والكد، وعمر بن الخطاب t يحذر من ذلك، وينبِّه عليه، فيقول: "الراحة للرجال غفْلة، وللنساء غُلْمة"، ثم الفتاة بعد أخذها بهذه الأسباب تترك لطبيعتها الفطرية أسلوبها الخاص في تفريغ الفائض من طاقتها الجنسية بصورة عفوية من خلال الاحتلام المنامي، الذي يحصل خارج حدود التكليف الشرعي.