الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية السياسية للفتاة @ 14ـ المرأة والجندية


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 1507
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

إن الضابط الأنثوي بأبعاده : الخلقية، والنفسية، والجسمية لا يسمح بمشاركة المرأة في السلك العسكري، ولاسيما في ظروف حياة  الجندية المعاصرة التي لا تنطلق من المنطلقات الإسلامية في ضبطها وتعاملها، فإنه ليس للمرأة أفضل من الاستتار وترك الاحتكاك بالرجال، وهذا يصعب تحققه في ساحات القتال، خلافاً لمن يرى جواز ذلك في هذا العصر، ولا يفرق في الجندية بين الرجل والمرأة، بل ولا يرى بأساً في توليها أي ولاية قيادية عامة، في الوقت الذي يستنكر المتدينون اليهود قرار الدولة بإشراك النساء في وحدات قتالية مع الرجال، وفي الوقت أيضاً الذي لم يسجل التاريخ الإسلامي قطُّ تولي امرأة ولاية الشرطة، أو حتى مسؤولية جندي عام، وإنما كان أقصى ما ورد في ذلك: اتخاذ بعض نساء متجالات عيوناً للدولة، ينقلْن إليها أخبار الرعية الباطنة، مما يتلطَّف به النساء في غير ريبة، وربما اتُخذ بعضهن مشرفات على سجون النساء، أو مفتشات عليهن، ونحو ذلك من الأعمال التي تفتقر إلى العنصر النسائي، وإلى هذا القدر يبقى الأمر مقبولاً ضمن حدود الحاجة وبقدرها، وتحت مظلة الحكم الشرعي في غير اختلاط مشين، أو تبرج خليع، أو تكلُّف سلوكي شاذ يخرج بالمرأة عن طبيعتها الفطرية، وحدود مواهبها الأنثوية.

أما مسألة تدريب النساء على بعض أنواع السلاح الخفيف، تحسُّباً لاضطرار الأمة إلى النفير العام، ووقوع الجميع ضمن حكم فرض العين؛ فإن مشروعية ذلك من الناحية النظرية مقبولة، وأما من الناحية العملية الواقعية فأمر بعيد أن يتم ذلك ضمن ضوابط الشرع وآدابه العامة في ظل الأنظمة العسكرية القائمة، إلى جانب أنه لم ينقل عن السلف ما يفيد مشروعية ذلك رغم وجود مقتضاه في زمنهم، إلا أن من القبيح جداً أن يصل أمر تدريب النساء على السلاح إلى حدِّ الوجوب في الوقت الذي يعيش فيه غالب رجال الأمة المكلَّفين في عزلة كاملة عن حياة الجندية، ويُفرض عليهم قانونياً التجرد عن السلاح، حتى إن القطعة الحربية لتُستهجن رؤيتها في يد أحدهم، كما تُستهجن رؤية السكين في يد الغلام.

ورغم ظهور قضية التدريب النسائي على السلاح في غاية التعقيد إلا أنها يمكن أن تنتهي، ويصبح الحديث فيها من الترف الفكري حين تعيش الأمة المسلمة حالة الجهاد، وما أمر به الشارع الحكيم من اتخاذ السلاح.  عندما تكون القطع الحربية – خاصة الخفيفة منها– جزءاً من حياة الأمة، وأداة اجتماعية مألوفة، يشبُّ عليها الصغير، ويهرم عليها الكبير، بحيث تألفها الفتاة الناشئة ضمن متاع البيت ولا تستهجنها، وتتعرف عليها عن قرب بصورة  غير مباشرة.  فلا يُستنكر حينئذ أن تتناولها بشيء من المعرفة والتدريب العملي تحت إشراف محارمها، بعيداً عن صخب معسكرات التدريب المعاصرة، وانحرافاتها الخلقية.  ولو تلقَّت الفتاة – إضافة إلى ذلك– شيئاً من التدريب النظري من خلال منهج المدرسة التعليمي، أو وسائل الإعلام المرئية: لكمل بذلك تدريبها نظرياً وعملياً.

ومع كل ذلك فإن المرأة بطبيعتها الأنثوية لا تحتاج إلى كل هذا التكلف؛ لأنها من خلال فطرتها السوية تدفع عن نفسها في حال الطوارئ، بحيث يزداد– بصورة تلقائية– اعتمادها على ذاتها، وتزداد بالتالي حدَّة عدوانيتها، فتأتي من المواقف الإيجابية في حال الأزمة ما تعجز عنه في حال الرخاء.  ومن هنا ألْزمن بالقتال حال الهزيمة، وأعفين من ذلك في وقت الكفاية.