الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية السياسية للفتاة @ 13ـ موقع المرأة في العسكرية الإسلامية


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 2465
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

يدخل الضابط الأنثوي في حصر المسؤولية العسكرية بكل فروعها في عنصر الذكور البالغين القادرين وذلك رحمة بالنساء، بحيث تكون الأنوثة سبباً شرعياً كافياً لحطِّ هذه المسؤولية السياسية عن كواهلهن، إلا حين يكون القتال فرض عين على كل قادر من المسلمين: كباراً كانوا أو صغاراً، ذكوراً أو إناثاً، حين يكون التعرض للموت والهلاك أهون ضرراً من التعرض للفتنة والأسر، فقد قاتلت النساء يوم معركة اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب رضي عنه حين دهمتهم جموع الروم واختلط النساء بالعسكر.

إن التصور الإسلامي ابتداء لا يعتبر المرأة من أهل القتال، حتى وإن كانت كافرة، فإن الأنوثة في حدِّ ذاتها تعصم دمها، إلا حين تتجرَّأ فتعدو بالسلاح فلا تُبقي لنفسها عندئذ حرمة تعصمها؛ ولعل قضية النسل تقف عاصماً لهن من القتل، فإن خدمة النوع الإنساني تتوقف بالدرجة الأولى على وفرة العنصر النسائي؛ ولهذا راعى النظام الإسلامي في تشريعاته الجهادية المحافظة على الإناث، بعيداً عن  مواقع العراك القتالي، ومظانِّ الموت؛ بحيث لا يصل إليهن أذى دون نحور الرجال، حتى إن الناظر في جملة هذه التشريعات الفقهية المحكمة يجدها في حال الجهاد الكفائي لا تتعدى بالمرأة حدَّ الإباحة التي لا ترقى إلى مرتبة الاستحباب، بل ربما أفادت ما يدل على الكراهة أو النسخ فضلاً عن الوجوب، خاصة في زمن غنى الجيش الإسلامي بإمكانياته وأعداده عن جهود النساء الخدمية والطبية.

ورغم أن القول بالإباحة – حال الكفاية– هو الراجح في حق النساء إلا أنه مقيَّد بشرطين اثنين:

الشرط الأول: ضمان سلامتهن الصحية؛ بحيث تنحصر أدوارهن في العلاج والخدمة دون القتال، فلا يتعرَّضن للأذى، وتكون مشاركتهن هذه في المعارك المأمونة العاقبة دون التي يغلب عليها الخطر العام، وتكون – مع ذلك– أعدادهن قليلة رمزية بقدر الحاجة؛ فإن أكبر عدد من النساء خرج مع النبي r كان عشرين امرأة، فقد كان النساء والأطفال يشكلون غالب الخالفة في عهد النبوة، وأما السرايا والبعوث التي بلغت ثمانية وثلاثين أو أكثر فلم تخرج في شيء منها امرأة قطُّ.  ومن المعلوم سياسياً أن الاستكثار من النساء في مثل هذه المواقف العسكرية دليل الخور والضعف؛ فإن قريشاً يوم أحد – رغم ضلالهم– لم يخرجوا بأكثر من خمس عشرة امرأة مع أزواجهن في الهوادج.  وكان الغرض في الغالب من الخروج بهن زمن الجاهلية تحريض الرجال على القتال، حتى ربما أتى بعضهن بأقبح المسالك كالتعري أمام قومها رغبة في إثارة الحمية في نفوسهم.

الشرط الثاني: ضمان سلامتهن الخلقية، بحيث يخرجن مع محارمهن، ويقتصر في ذلك على الكبيرات دون الشواب؛ فإن الانتفاع بالفتيات في مثل هذه المواقف قليل، بل ربما كان الضرر منهن أكبر، ولاسيما ممن تُخشى من جهتها الفتنة، في وقت يكون فيه الجيش الإسلامي أحوج ما يكون للتقوى وأسبابها؛ بل إن السلف كانوا ينهون عن مجرد ذكر النساء في الغزو مطلقاً.