الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الجنسية للفتاة @ 5ـ تأثير الدورة الشهرية على نفسية الفتاة


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 17355
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

6- تأثير الدورة الشهرية على نفسية الفتاة

الحيض أو الطمث: نزيف دموي أسود ثخين، منتن الرائحة، يدفعه الرحم عبر أعضاء الأنثى التناسلية بطريقة تلقائية في عدد من الأيام، أقلُّها دفعة من دم، وأكثرها سبعة عشر يوماً، وذلك بصورة دورية كل شهر، ضمن سنوات الإخصاب وهو: "خِلْقةٌ في النساء، وطبعٌ معتاد معروف منهن"، وهو مع ذلك أحد أنواع الدماء الثلاثة المتفق عليها بين المسلمين، والخاصة بالنساء وهي: دم النفاس: ودم الاستحاضة، ودم الحيض، إلا أنه أهم هذه الدماء لاعتياده، ولعموم بلوى النساء به.

ولما كان الحيض بطبيعته استنزافاً دموياً: فإنه يستهلك شيئاً من قوى الفتاة البدينة، فيؤثر في نشاطاتها الحيوية، وأدائها الجسمي العام، خاصة إذا كانت الفتاة في الأصل ضعيفة البنْية، فإن بلوغها سن المحيض لا يزيدها إلا رهقاً وضعفاً.

ومع كون الحيض يشكِّل للفتيات عنتاً جسمياً؛ فإنه إلى جانب ذلك يُثير عندهن قلقاً وتوتراً نفسياً، وشعوراً عاماً بالسلبية والدنس، وربما هيَّأ لبعضهن حالة نفسية تساعد على الانحراف الخلقي، حتى إن الدراسات تكاد تجمع على أن معظم جرائم النساء تتم في أثناء الحيض، ولعل مما يؤكد هذا الواقع: الحديث الذي رُوي عن النبي r يربط فيه بين الحيض والشيطان؛ لكون المرأة بالحيض تنقطع عن الصلاة وبعض العبادات ، فيكون ذلك محبوباً للشيطان، وبالتالي تكون أقرب للوقوع في الخطأ، وأكثر تهيؤاً لقبول وساوسه وأوهامه.

ولعل أقل ما يمكن أن يبعثه الطمث في نفس الفتاة: الخجل، خاصة عند المبتدئات منهن، مما يدل -في العموم- على وجود معاناة صحية عامة تصاحب نزيف هذه الدماء، وتُؤثر بصورة سلبية على مشاعر الفتاة، وطاقاتها البدنية.

والملاحظ أن سبب وجود هذا التوتر النفسي، وشدة عنفه ترجع -من جهة- إلى طبيعة الحيض المستنزفة لطاقة البدن، ومن جهة أخرى ترجع إلى الغموض والاختلاف الذي يكتنف فقه الحيض، واستغلاق بابه على الجهابذة من الفقهاء، فضلاً عن الفتيات المُتحيِّرات، اللاتي لا يعرفن له أياماً معلومة، ولا يُميِّزن له لوناً معروفاً، فلا يهتدين في ذلك بشيء، فينْسَقْن بالتالي إلى شيء من التذمر والضيق، والتزمُّت الفقهي المتكلَّف، الذي نهت عنه الشريعة السمحة، والذي قد يصل ببعضهن إلى حدِّ الشَّك في طهارة كل شيء، كما حدث للمرأة الصالحة أم الفضل بنت المرتضى (ت773هـ) من الابتلاء بالشك في الطهارة، إلى درجة أنها لا تأكل، ولا تلبس إلا من صنع يدها حذراً من النجاسات.

كما أن تراث القرون الغابرة، وما خلَّفته من ركام مشاعر الخزي والنجاسة التي رُبطت بالحُيَّض والنفساء، كل ذلك ينحط بثقله على نفس الفتاة وأحاسيسها، فيطبعها بمشاعر الشذوذ والمنبوذيّة، ويُلْبسها ثوب الحقارة والدونية.