الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية السياسية للفتاة @ 3ـ الفطرة الأنثوية وطبيعة السلوك السياسي


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 2504
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

بالرغم من قِدَم الأنشطة السياسية، ومرافقتها للبشرية عبر مراحل وحقب حياتها المختلفة، ودخولها في حياة الناس من كل جانب، وتغلغلها في جميع شؤونهم، وصيرورتها علماً مهماً للناس، فرغم ذلك فإن الميدان السياسي لايزال عسيراً صعب المنال، ليس ذلك فقط على العامة من الناس ؛ بل هو عسير شاق حتى بالنسبة للساسة والقادة الذين يمارسونها، ممن قد يكونون في يوم من الأيام ضحية لها، فلا يزال هذا الميدان في كثير من جوانبه لغزاً لعلماء السياسة، من المتفرغين لها فضلاً عن غيرهم ؛ ولهذا يحتاج العمل السياسي إلى الشخصية القيادية المكتملة البناء، بحيث يحتاج القائم بالمهام السياسية العامة إلى قدرٍ كافٍ من الزعامة الاجتماعية التي تؤهله لأداء دور النخبة المتفوقة من حيث : الفضل والشرف، والعلم والحكمة، والمعرفة والبصيرة، والذكاء والفطنة، وقوة الشخصية، وجودة الإقناع، ودرجة من الاستقلالية والسيطرة، ورباطة الجأش، واكتمال البنية الجسمية، إلى جانب تمتعه بقدرٍ كافٍ من القبول الاجتماعي، بحيث يكون موضعاً لمحبة  الجماعة وتعلُّقها.

وعند وضع هذه الأوصاف القيادية على محك التجربة النسائية يتضح البون الشاسع بين طبيعة مسلك النخبة السياسية، وبين ضغوط الخلْقة الأنثوية، فرغم تداخل أدوارهن في هذا العصر مع أدوار الرجال، وبلوغ بعضهن درجات عالية من المعرفة العلمية : فإن الفروق بين الجنسين لاتزال قائمة، من السهل مشاهدتها والشعور بها.

وتظهر الفروق بين الجنسين من الناحية العقلية من حيث قلة الضبط وغلبة النسيان التي حجبت قبول شهاداتهن في الحدود، وحصرها في ميدانهن النسوي فيما يطلعن عليه من أمور النسل والرضاعة، فإذا احتاج المجتمع – في الحقوق المالية خاصة – إلى شهادة المرأة : عُزِّزت شهادتها بأخرى . إلى جانب طبيعة المبالغة الوصفية، والنظرة السطحية، والبعد عن نمط التفكير الواقعي والعملي، مقابل الإغراق في التفكير المثالي، والاهتمام بالشكليات والجزئيات دون التركيز على العلل والأسباب، مع ضعف عام في القدرة على الاستنباط والتحليل، واستقراء الأحداث، مما يعمل في مجموعه على إضعاف حدَّة نظرهن العقلي التي يتطلبها العمل السياسي بصورة أساسية، مما يؤثر بالتالي على حسن أدائهن الذهني، ويضعف من منطقهن التعبيري.  ولهذا تعجَّب الصحابة رضي الله عنهم من تفوق منطق أسماء بنت يزيد رضي الله عنها على غير عادة النساء التي يعرفونها، وقالوا: "ما ظننا أن أحداً من النساء يهتدي إلى مثل ما اهتدت إليه هذه المرأة"، ولهذا تُوصف المرأة بوصف الرجولة عندما تتفوق عقلياً؛ لما يتطلبه التفوق العقلي من الاستقلال والفردية والجرأة المتعلقة عادة بطبع الذكور؛ لذا يُقال عن المرأة الحكيمة السديدة الرأي بأنها رجُلة  العقل، ولهذا عندما أرادوا مدح رجاحة عقل السيدة عائشة رضي الله عنها قالوا: "رَجُلة  الرأي"، وقالوا: "رَجُلةُ العرب". فلم يجدوا لها وصفاً متفوقاً إلا من عالم الرجال. ومع ذلك يبقى التفاوت العقلي قائماً داخل الجنس الواحد، فليس كل رجل أعقل من كل امرأة، ولكن الحكم دائماً للأغلب والأعم، والنادر لا حكم له.

ويمكن أيضاً رصد الناحية العاطفية في الطبيعة النسائية من حيث تأثر توجهات الإناث واختياراتهن الفكرية والسلوكية بسلطان العاطفة الجياشة، التي تدخل بقوة استفحالها الفطري في قراراتهن من جهة، وفي سلوكهن من جهة أخرى حتى لا يكاد يخرج أداؤهن الواقعي عن طبيعة الانفعال العاطفي، الذي يظهر أشد ما يكون قوة ومضاءً عند الأزمات المُهيِّجة للعواطف، والمثيرة للانفعالات. ويظهر ذلك جلياً في أزمة قتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وما أعقب ذلك من أحداث دامية هيَّجت النساء، حتى بدا ذلك واضحاً في تعبيرات السيدة عائشة رضي الله عنها رغم إنكارها المستمر على عثمان رضي الله عنه في بعض اختياراته الإدارية والمالية والسياسية، فقد كانت بعد مقتله من أشد الناس ذبَّاً عنه، وطلباً لحقِّه، حتى إنها من شدة تأثير الموقف العاطفي طاوعت في الخروج إلى البصرة- متأولة مجتهدة- رغم ثبوت الأمر الرباني عندها بالقرار في البيت، وتحذير النبي r لنسائه من بلوغ ماء الحوأب. مما يدل على أن العاطفة طبيعة فطرية في العنصر النسائي، يصعب التخلص من آثارها، حتى عند أعقل وأعلم وأفهم النساء. فلا تتناسب حدَّة هذه الطبيعة الفطرية مع طبيعة الأداء السياسي الذي يتوقف نجاحه على مزيد من التجرد العاطفي مقابل مزيد من الإمعان العقلي. وقد أشارت العديد من الدراسات إلى "أن الإناث يعانين من الصراع والقلق في المواقف التي تستدعي تأكيد الذات أو العدوان، وعندما يشعرن بالغضب، يصاحب ذلك شعور بالإثم، مما يجعلهن غير قادرات على معالجة المواقف بكفاية، وينجم عن ذلك انفجارات انفعالية أو عدوان غير مباشر أو تجنب للمواقف بصورة كاملة".

وتظهر الفروق أيضاً من الناحية النفسية من حيث مشاعر الضعف العام والاستكانة التي يتسم بها عموم الإناث، ولاسيما في فترات النزيف الدموي أثناء الحيض أو النفاس، مما يُضعف ثقتهن بأنفسهن، ويبعث السلبية في سلوكهن، والخور في عزائمهن: حتى تنقاد إحداهن مختارة للإيحاء، وتصبح أكثر قبولاً للتقليد، وأقل قدرة على اتخاذ القرار، حيث يسيطر عليها التردد والخوف، والوسواس القهري الذي يدفعها للاستسلام للآخرين. فلا تثبت أمام الإغراء والفتنة، حتى لربما كانت تحت تأثير الترغيب أو الترهيب أداة طيِّعة ضد مصالح بلادها السياسية . ولهذا لم يرد النبي r امرأة مسلمة إلى المشركين زمن الهدنة بعد صلح الحديبية، في حين كان يرد الرجال. ولعل هذه الطبيعة في خلْقة النساء هي التي منعت قبول عضوية النساء في المحافل الماسونية السرية إلى عهد قريب وبشروط خاصة. ولهذه الطبيعة الطيِّعة في الأنثى "يُطلق لفظ الأنوثة على ما فيه ضعف، ومنه قيل: حديد أنيث للحديد اللين، وأرض أنيث سهلة اعتباراً بالسهولة التي في الأنثى"، وما سُميِّت المرأة بالأنثى إلا للينها، وهي مع ذلك صفة كمال فيها.  وبمجموع هذه الطبائع الفطرية يصعب أو يتعذر على المرأة العمل السياسي بصورة متفوقة.