الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية العقلية للفتاة @ 45ـ التربية الجمالية للفتاة المسلمة
إن المقصود الأسمى والغاية الكبرى من التربية الجمالية للفتاة المسلمة بكل مظاهرها, ووسائلها, وأهدافها هو الله جل جلاله, بحيث تصب كل متعلقات الجمال المادية والمعنوية, بمشاعرها وأحاسيسها, ومتْعتها ولذتها: في رحاب الله تعالى, فتربط كل هذه المعاني بخالقها جل وعلا؛ إذ هو سبحانه أصل الجمال الكوني ومبدؤه.
إن مهمة منهج التربية الجمالية للفتاة في التصور الإسلامي -كمهمة كل أجزاء المنهج الإسلامي- ربط الفتاة بخالقها, ويمكن وصف ذلك في الناحية الجمالية من خلال خمس وسائل:
الأولى: توحيد أحكام الفتيات الجمالية المتباينة, والمتناقضة في نظْم واحد, وتوجيهها جميعاً نحو مبدأ الجمال وأصله الأول, نحو الله سبحانه وتعالى, بحيث يصبح الجمال خادماً للإيمان.
الثانية: إعادة مفهوم شمول الجمال إلى أذهان الفتيات, وتحريره من الانحصار الضيق في مجال "الفن"؛ ليستوعب كل الوجود الظاهر والباطن, المعنوي والمادي.
الثالثة: ضبط أنشطة الفتيات وأعمالهن الفنية بضابط الشرع؛ بحيث يكون إنتاجهن نافعاً هادفاً مشروعاً, خالياً من العبث والتشويه.
الرابعة: مساعدة الفتيات على التذوق الجمالي, وتدريبهن على مهاراته المختلفة من أول النشأة حتى يصبح لهن سليقة يتذوَّقنه بأنفسهن دون مساعدة, ويشاهدنه في كل ما حولهن دون إرشاد.
الخامسة: ربط الجمال بالسلوك الإنساني في حس الفتاة, بحيث تشعر بضرورته لسلوكها الخلقي كما تشعر بضرورته للذَّتها العقلية, فتدرك بذوقها المرهف المظاهر السلوكية التي تشوه الجمال وتشينه: فتتجنبها, والأخرى التي تُحسِّنه وتزيِّنه: فتأتيها, مع ضرورة إيجاد البيئة المناسبة لنمو السلوك الجمالي, والتي تعين الفتاة على تعاطي الجمال, والإسهام في صنعه.
إن على الفتاة المنطلقة نحو التذوق الجمالي, الراغبة في الاستمتاع بمظاهره الباطنة والظاهرة أن تعرف: "أن الكائن لا يكتشف الجمال في الأشياء إلا بمقدار ما يحمله في نفسه من الجمال, وبمقدار ما يستطيع أن يضفيه على الأشياء, فالغايات الجمالية هي ما ندركه في الطبيعة مما يوافق تطلعاتنا الذاتية، فالنفس الحسنة تُولع بكل حسن, وكذلك النفس الرذيلة تُولع بما يناسبها, وأخبث ما يصيب الإنسان ويشينه أن يفقد الذوق الجمالي, فلا يعود يراه في شيء حتى وإن كان مبثوثاً في كل شيء حوله.