الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية العقلية للفتاة @ 33ـ واقع إنتاج الإناث في العلوم التطبيقية


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 2607
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

يكاد يكون مجال العلوم التطبيقية حكراً على العنصر الرجالي؛ لكونه يحمل جانباً تطبيقياً ميدانياً يعجز في العادة عنه النساء لمشقته عليهن؛ فقد أثبتت بعض الدراسات العالمية والمحلية ميل الإناث -في الغالب- نحو التخصصات الأدبية والنظرية أكثر من ميلهن نحو التخصصات العلمية التطبيقية، حتى إنهن في أكثر دول أوروبا لا يزدن عن خُمْس أعداد الطلاب الذكور في مجال العلوم الهندسية، رغم المحاولات التربوية الجادة لجعل هذه المواد العلمية مشاعة بين الجنسين، والسعي الحثيث لإزالة فوارق الميول بينهما: فما زالت رغبات الفتيات نحو العلوم الأدبية أقوى وأشد، ومظاهر الفروق بين الجنسين في الاتجاه نحو العلوم معروفة، يمكن قياسها وملاحظتها بوضوح.

وعلى الرغم من وجود عدد ليس بالقليل من طالبات المرحلة الثانوية يلتحقن بالمجال العلمي التطبيقي فإن السبب يرجع إلى رغبتهن في إثبات الذات، والتفوق في هذا المجال، وعند بعضهن يرجع إلى الرغبة في الحصول مستقبلاً على فرص أكبر للاختبار المهني، إلى جانب أن هذه التخصصات أصبحت اليوم أقساماً رئيسة وواقعاً قائماً في غالب كليات البنات، مما يسهل عليهن الالتحاق بها، ومع ذلك فإن نسبة حجم إنتاجهن العلمي في العلوم التطبيقية والبحتة في المملكة العربية السعودية في حدود الثلث.

وقد أثبت الواقع العالمي إخفاق النساء عموماً، وقصور إنتاجهن في مجال العلوم التطبيقية مقارنة بالجهود العلمية المسجلة للذكور من جهة الإبداع والاختراع، ومن جهة الإنتاج العلمي المكتوب؛ فإن المتتبع لتراجم العلماء -القديم منها والحديث- في العلوم التطبيقية بأنواعها: لا يكاد يجد للإناث ذكراً بتفوق يُحتسب كإضافة علمية معتبرة إلا على سبيل الندرة والشذوذ، فقد لا يتجاوز عدد المشهورات منهن العشرة، أمام جمهرة كبيرة من الباحثين الذكور، فلا يُذكرن مطلقاً بين المهندسين والدهانين والنَّقاشين والرسامين عبر التاريخ الإسلامي، وربما لا يُذكرن عبر التاريخ الإنساني ضمن علماء العلوم التطبيقية إلا مع شيء من الشك في نسبة العلم إليهن؛ ففي موسوعة ضخمة للعلوم الكونية عند المسلمين، وأصولها السابقة عند الأمم الأخرى لم يُذكر سوى امرأتين، مع الشك في نسبة العلم إليهما؛ ولهذا لا يكاد يوجد لهن ذكر في الجمعيات العلمية والمعاهد الغربية العالية المستوى، حتى قال عالم النفس الطبيب سيجمند فرويد عن واقع النساء عبر التاريخ الإنساني: "من الآراء الشائعة أن النساء لم يُسهمن إلا بقسط واهن في الاكتشافات والاختراعات في تاريخ الحضارة".

ومن الغريب أن التفوق الذي يحصل لبعضهن كثيراً ما يأتي عن طريق الرجال، فلا يحصل لهن استقلالاً، فهذه "مدام كوري" التي يُنسب إليها اكتشاف الراديوم، وابنتها التي فازت بجائزة نوبل، كل منهما كانت تعمل مع زوجها في أبحاثه، ولم تستقل إحداهما باكتشاف وحدها، بل لم تسجَّل جائزة نوبل منذ تسعين عاماً لامرأة في مجالي الفيزياء والكيمياء، إلا لامرأتين فقط، وعند ذكر مشاهير العلماء والمكتشفين والمخترعين لا يُذكر النساء مطلقاً.

وأغرب من هذا وأعجب أن مهارة الخياطة، التي تُعد من ألصق المهارات بالمرأة، ومن أوسع ميادينها: اخترع آلتها رجل، فرغم ارتباط هذه المهارة بالمرأة عبر التاريخ الإنساني ما استطاعت تطويرها حتى كان الرجل هو الذي يقوم بذلك.