الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الزوجية للفتاة @ 17ـ أزمة عضل الفتيات
من حِكَم الله تعالى أن جعل الزواج سكناً، ترتاح به النفس، وتسكن به الروح، وينشرح به الصدر، يطمئن الرجل إلى زوجته، وتطمئن المرأة إلى زوجها، فتستقر نفوسهما، وترتاح قلوبهما، حتى إنهما من شدة استقرارهما، وتطابقهما يعيشان وكأنهما في ثوب واحد { هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ } [البقرة:187].
إنها صورة يعجز القلم واللسان عن التعبير عنها بأصدق مما عبَّر عنه الخالق سبحانه وتعالى في جمال التكامل والتلاصق والتوحُّد بين الزوجين، إنها متعة عظيمة يتطلع إليها كل عروسين، يتمنى كل واحدٍ منهما أن يعيش تجربتها، وأن يدخل جنَّتها، وأن ينعم بآثارها، فإذا بأناس أظلمت نفوسهم، وتحجَّرت قلوبهم، لا يعرفون من الزواج إلا صورة التسلط والقهر والظلم، لم يتذوَّقوا قط معنى السكن الذي جعله الله تعالى ثمرة من ثمار الزواج، فإذا بهم ينطلقون ليفرضوا آراءهم ومقترحاتهم على الفتيات، متخذين في ذلك سلطتهم الأبوية، أوالأخوية، أو القبلية، فينطلقوا مشرعين لمولياتهم، فلانة لفلان، وفلان لفلانة، يضعونه قانوناً، من يخالفه يستحق العقوبة والإبعاد .
لا يراعون في ذلك مشاعر الفتيات، وتطلعاتهن، ونظرتهن إلى الرجال، فليس كل رجل مرغوباً فيه، ولا سيما إذا كان معدماً، كبير السن، سيء الخلق، لم يُعرف بالخير، فغالب الفتيات لا يرغبن فيه .
إن من أصعب التكاليف العيش مع الشخص المكروه المبْغض، لا سيما أن طبيعة الحياة الزوجية، والواجبات الأسرية لا يمكن أن تُنجز إلا بدافع قوي من العشيرين، ورغبة أكيدة منهما في بذل الواجب تجاه الآخر، فكم هو حجم الجهد النفسي الذي تحتاجه المرأة للمكوث مع رجل تكرهه، ولا ترغب فيه، فإنه لا خيار لها إلا أن تخالعه، ثم تمكث في طرف الحياة الاجتماعية، تنتظر خوض تجربة جديدة، وقد فقدت كثيراً من مؤهلاتها ومميزاتها، أو أنها تصبر على حياتها معه، تكابد الأحزان والآلام، وتنتظر الفرج بالموت .
وأما الرجل حين يكره المرأة فإنه لن يعدم وسيلة يجدد بها حياته بطلاق، أو زواج جديد، يخوض من خلاله تجربة أخرى، ففي الوقت الذي يجد فيه الرجل مخرجاً من حياة زوجية لا تناسبه : تعجز المرأة في الغالب أن تجد لها مخرجاً من حياة زوجية لا تناسبها .
ومن هنا كان لزاماً على الأولياء أن يجتهدوا في بذل طاقتهم، ويبذلوا أقصى جهدهم في حسن الاختيار لمولياتهم، وأن يتخذوا جميع الوسائل الممكنة لإقامة حياة زوجية سعيدة، وإن من أهم شروط الحياة الزوجية السعيدة موافقة الطرفين الرجل والمرأة بمبدأ العقد، وهذا التراضي هو أول شرط من شروط الحياة الزوجية السعيدة.