الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الزوجية للفتاة @ 4ـ دور الزواج في حماية المجتمع من الانحرافات الخلقية


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 8581
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

لقد ثبت يقيناً، وعلى جميع المستويات : أن الزواج هو أعظم وسيلة لحماية المجتمعات من الانحرافات الخلقية والنفسية، وأن العزوبة في الرجال والنساء سبب أكثر الانحرافات الخلقية المعاصرة . وقد أشار إلى هذا المعنى الحديث الوارد عن رسول الله r في خطر العزوبة على الأخلاق حيث يقول فيه : (( … ما للشيطان من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء، إلا المتزوجون أولئك المطهَّرون المبرؤن من الخنا ))، فالمتزوجون في الغالب بريئون من الفواحش، وكبائر المعاصي، ولا سيما المتعلقة منها بالناحية الجنسية، في حين يكون العزاب أقرب إليها، وأدعى للوقوع فيها؛ ولهذا فإن المتزوج الصالح قد سلم له نصف دينه، وقد دلَّت الدراسات على أن العزاب في العموم أكثر الناس إجراماً وفساداً على المستويين الاجتماعي والسياسي، وأكثر فئات المجتمع معاناة للأمراض والآلام النفسية من : القلق، وتقلب المزاج، والأوهام والخرافات، والهوس . في حين يُلاحظ أن الفتاة الريفية ضمن نظام الزواج المبكر لا تعرف هذه المشكلات الخلقية والأزمات النفسية، وفي هذا يقول المفكر الغربي موليير : " الزواج دواء يشفي كل أدواء سن المراهقة " .

وعلى الرغم من خطر العزوبة الذي يهدد المجتمع الدولي عموماً والمجتمع المسلم خصوصاً، واستمرار وسائل الإعلام المختلفة في تشويه الرابطة الزوجية، ووسمها بالقيود والأغلال، مقابل الحرية والانطلاق في حياة العزوبة : فإن الإحصاءات الكثيرة تشير إلى تزايد عدد الفتيات العازبات، وإلى تناقصٍ حادٍ في أعداد عقود النكاح في جميع المجتمعات المعاصرة، وأن زيادة أعداد عقود النكاح في بعض البلاد ترافقها زيادة عكسية في أعداد صكوك الطلاق، مما نتج عنه انحرافات خلقية عظيمة تفوق حدَّ الوصف، وكان نصيب الفتيات منها في الغالب انحرافات جنسية . في حين لم يكن يخطر ببال الفتاة المسلمة إلى عهد قريب : أن تقع في الفاحشة، لولا إلحاح الرغبة العارمة في ظل نظام العزوبة المعاصر، الذي فرضه الواقع الحديث، يقول المفكر الغربي " لايتز " الذي عاش أكثر من نصف قرن من الزمان بين المسلمين حتى نهاية عام 1902م : " وتكاد لا ترى امرأة غير متزوجة … وليس في الإسلام محلات للفاجرات، ولا قانون يبيح انتشار المومسات " .

إن على المربين أن يدركوا أن الميول الجنسية، والحاجة إلى إشباعها : لا يمكن أن يؤجلها شيء من أمور الحياة، مهما بلغت الفتاة من التعليم والثقافة والوعي؛ فإن " اللقاء لا بد أن يتم - بحكم الفطرة - بين الرجل والمرأة، وليس هناك إلا طريقان اثنان لهذا اللقاء، مهما تعددت صوره : إما لقاء مشروع في صورة زواج، وإما لقاء غير مشروع في أية صورة من الصور "، فإذا حصلت الإثارة الجنسية : ضعفت عندها القوى العقلية المدركة لعواقب الأمور، وحصل من جرَّاء ذلك المكروه، يقول التابعي الجليل أبو مسلم الخولاني رحمه الله ناصحاً قومه، ومشيراً إلى هذه القضية الجنسية الخطيرة : " يا معشر خولان زوِّجوا نساءكم وإماءكم، فإن النَّعظ أمر عارم، فأعدُّوا له عدة، واعلموا أنه ليس لمنعظ أذن "، يعني ضعف إدراكه تحت الإثارة العارمة، فلا يقبل النصح، ولا يستوعبه .

إن إدراك المربين في العموم والفتاة على الخصوص لهذه المفاهيم يدفع الجميع نحو الجدية في طلب النكاح، والسعي لتسهيل سبله، بهدف حماية المجتمع من الانحرافات، فلا يقف ضده تعليم، أوعمل، أو فكرة مهما كانت حميدة؛ فإن الزواج هو الحصن الحصين من غوائل الشهوة، ودوافع الرغبة العارمة التي يستخدمها الشيطان للفساد الخلقي والانحراف .