الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الزوجية للفتاة @ 1ـ أهمية التربية الزوجية للفتاة الناشئة


معلومات
تاريخ الإضافة: 20/8/1427
عدد القراء: 4106
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

تتبوَّأ الأخلاق - في التصور الإسلامي - مكانة عظيمة؛ إذ هي الجانب التطبيقي العملي لمعتقدات المسلم، فلئن كانت العقيدة هي الجانب الباطن من الإنسان المسلم، فإن الأخلاق هي الجانب الظاهر منه، حين تأتي في صورة السلوك الواقعي للمفاهيم الإسلامية، والآداب الاجتماعية، فقد قال رسول الله r مبيِّناً مكانة الأخلاق في هذا الدين: (( مامن شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلُق حسن… )).

ولئن كان الخلق الحسن ضرورياً للجنسين فهو للفتاة المسلمة آكد، فقد ربط رسول الله r بين النساء وبين الفتنة فقال : (( ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء ))، فالتربية الخلقية لهن أوجب لحمايتهن من الزلل، وحماية المجتمع عموماً من الانحرافات .

وتأتي الأخلاق الزوجية لتتصدَّر أهم الجوانب الخلقية الضرورية للمجتمع؛ إذ تمثل الأسرة أهم مؤسسات المجتمع المسلم، وعليها يقوم البناء الاجتماعي بأكمله، فبقدر الحضور الخلقي في الممارسات الأسرية : يكون حجم السعادة الزوجية، ويصلح - بناءً على ذلك - حال الذرية، ثم يتحقق - من مجموع ذلك كلِّه - فلاح المجتمع، وبالتالي النهضة الحضارية المنشودة .

والخلق الحسن - في المفهوم الإسلامي - لا يُسمى خُلُقاً حتى يصبح طبعاً وسجية للشخص، يصدر عنه بسهولة ويسر، بعد أن يكون قد تدرَّب عليه، وتمرَّن على أدائه، ومن هنا كان لزاماً على منهج تربية الفتاة المسلمة أن يراعي ذلك في أهدافه التربوية؛ بحيث يكون ترسيخ الخلق الحسن، والتدريب عليه ليصبح طبعاً للفتاة، وسجية راسخة في نفسها، وواقعاً تطبيقياً تمارسه : هو غاية التربية الخلقية للفتاة المسلمة .

وتتبوَّأ الزوجة جزءاً مهماً في البناء الاجتماعي للأسرة؛ إذ هي - على الحقيقة - محور الحياة الزوجية، ولئن كان الزوج يتقاسم مع زوجته مهمات الحياة الأسرية، ويقوم بجزء كبير من المسؤوليات الأسرية : فإن الزوجة - بما حباها الله تعالى من الطبيعة الفطرية، وكلَّفها من المهمات التربوية – تفوق مسؤوليتها في الجملة مسؤوليات الزوج الأسرية؛ إذ إن جلَّ مسؤولياته عامة، تتمثل في النفقة الواجبة، والإشراف التربوي العام، في الوقت الذي تنفرد فيه الزوجة بالحمل التربوي الأكبر، حين تخوض التربية الأسرية بكل تفصيلاتها وبمعظم معاناتها، حتى إنها - من فرط امتزاجها بمشقة الإنجاب والتربية والخدمة - لتستعذب الألم، وترضى الجهد، وتحمد المعاناة، وكأنها جزء من كيانها، وتركيبها الفطري .

إن هذا العطاء التربوي من الزوجة لا يمكن أن يبلغ مداه المطلوب، ويحقق أهدافه المنشودة إلا حين تُعد الفتاة للحياة الزوجية إعداداً تربوياً شاملاً، يؤهلها للقيام بمهماتها الأسرية تجاه زوجها وذريتها؛ بحيث تتوجه نحو زوجها بما أوجبه الله تعالى عليها، واستحبه لها من الأخلاق الظاهرة والباطنة، وتتوجه نحو الذرية بالرعاية والحفظ، مقتنعة بأهمية دورها في عملية التكاثر .

إن قضايا كثيرة من أمور الزواج، والعلاقات الزوجية المهمة لتحقيق السعادة لا تزال محجوبة عن أذهان كثير من الفتيات، يكتنفها الغموض، على الرغم من وضوحها في منهج الإسلام، واستفاضة العلماء في الحديث عنها، وبيان جوانبها .

ومن هنا تظهر أهمية التربية الزوجية للفتاة الناشئة لتكون زوجة صالحة، وأماً حانية، ومربية صالحة  .