الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الجسمية للفتاة @ 26ـ موقف الفتاة المسلمة من ترف الثقافة الرياضة


معلومات
تاريخ الإضافة: 23/8/1427
عدد القراء: 2049
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

تحتل الثقافة الرياضية ومتعلقاتها الفكرية ساحة ضخمة من حديث الناس واهتماماتهم المعرفية، وتستهلك قدراً كبيراً من طاقاتهم العقلية والنفسية في التشجيع والمتابعة، مما يكون سبباً في مزيد من التوتر الاجتماعي، والحماسة المفرطة  والإثارة العاطفية.  والفتاة المسلمة ليست بمعزلٍ عن التأثر بتفاعلات المجتمع من حولها، واهتماماته بالثقافة الرياضية، التي لا تبني القوى، ولا تنمي الجسم، وهذا من شأنه أنه يستهلك شيئاً من طاقتها النفسية، ويبدد جزءاً من اهتماماتها العقلية.

ويأتي ضابط سلامة اهتمامات الفتاة الفكرية من ترف الثقافة الرياضية : بحيث يتجاوز باهتمامات الفتاة الرياضية مجرَّد المعرفة العلمية , والمتابعة الثقافية : إلى الممارسة الفعلية الجادة, والحركة الواقعية البنَّاءَة؛ فعلى الرغم من أهمية التربية الرياضية: فإن القليل من الشباب من يتمرَّس بها، ويداوم عليها، وحتى أولئك المتحمِّسين منهم للرياضة : لا يتجاوز أحدهم كونه محباً لها، متقناً للتفرُّج السلبي على أنشطتها، حريصاً على التشجيع والمتابعة, حتى غدت جماهير الرياضة السلبية أعداداً كبيرة لا حصر لها، وانحصرت اهتماماتهم في متعلَّقات الرياضة : من التنافس المقيت على الأندية الرياضية، والصراع الفكري، والتشجيع المفرط الذي قد يصل إلى حدَّ الهلاك، فحلَّ أبطال الرياضة ونجومها كبديل نفسي  خادع محل المُشاهد السلبي؛ ليحققوا - نيابة عنه -الإنجازات الرياضية التي يحلم بها ويتمنَّاها، فخرج - بذلك - مفهوم الرياضة عن كونه حركة جسمية هادفة ليُصبح فكراً رياضياً، وعلوماً معرفية، وصراعاً صحفياً.

إن هذا الاهتمام الفكري المفْرط بشؤون الثقافة الرياضية، الذي بعثه- في أصل الأمر- اليهود، الذين يقفون عادة خلف كل رذيلة وقبيحة, وغذَّاه القادة السياسيون باهتمامهم ورعايتهم: رفع مكانة الجسد الإنساني إلى مستوى الأسطورة، ودرجة التقديس، حتى أصبح مجالاً خصباً للاتجار والاستثمار، فقامت من أجله المنافسات الدولية، والتجمعات الرياضية، والمهرجانات الأولمبية، فاختصر بذلك الرياضيون مفهوم الرياضة في التفوق الجسدي المُدرِّ للمال، وجعلوا بناء الجسم من أجل الجسم.

إن الإسلام بنظامه الفريد يحترم الإنسان، ويجعل من جسده ساحة محرَّمة، لكنه- مع ذلك- لا يسمح بحال، وتحت أي مبرر : أن يُختصر الإنسان المكرَّم، بكيانه الشامل، وجوانبه المتعددة في حدود نطاق "الجسديَّة"؛ فإن الرياضة البدنية - مهما كانت متفوقة - تفقد قيمتها التربوية عندما تنحصر كفايتها في ذاتها؛ لأن الذي يتربى في الحقيقة ليس الجسد فحسب؛ بل هو الإنسان ككل، فالرياضة في التصور الإسلامي "ليست ضرباً من التسلية الطائشة، وليست هواية مجردة من الدوافع الفكرية النبيلة، وليست حرفة للتكسُّب ونوال الشهرة الشخصية الخاصة؛ وإنما هي تكليف منوط بالمسلمين، فيه ما فيه من تنمية الجسم، وإظهار المواهب، وتحقيق السلوى، واكتساب المهارات"، فإذا انحصرت الأهداف في مواهب الجسد : كانت انشغالاً بالوسيلة عن الغاية.

ومع كون الإناث في العموم أقل فئتي المجتمع اهتماماً بالرياضة، ومشاركة في أنشطتها : فإن العلاقة إيجابية بين البيئة النسائية المحافظة، وبين ضعف الاهتمام بالثقافة الرياضية؛ فقد ثبت ميدانياً : أن الفتيات في المملكة العربية السعودية - وهي من أكثر البيئات المعاصرة محافظة - أقل فئات المجتمع اهتماماً بمتابعة الأنشطة الرياضية، والتحمُّس لأخبارها، وقد ثبت ميدانياً أيضاً أن طلاب الثقافة الإسلامية, ومرتفعي المعدلات الجامعية هم أقل فئات الشباب توجُّهاً نحو نجوم الكرة , ومتعلقاتها الثقافية، وكأنها إشارة إلى علاقة ما : بين مقدار تحرر الشباب والفتيات القيمي والخلقي، وبين درجة اهتماماتهم العقلية بترف الثقافة الرياضية، ومجالاتها الفكرية.

ومن هنا فإنه لابد من التفريق بين الاهتمام بالرياضة على أنها تقوية للجسد للقيام بالواجبات الشرعية والاجتماعية، وتحقيق الكفاية والصحة العامة، وبين الاهتمام بالرياضة لمجرد المتعة الاجتماعية، والمعرفة الثقافية التي يترفَّع عنها الشخص الجاد في العموم, والشخص المسلم على الخصوص, فضلاً عن الفتاة المسلمة المخدَّرة المصونة.