الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الجسمية للفتاة @ 23ـ أثر الرياضة البدنية العنيفة على أنوثة الفتاة
تتميز الفتاة عن الرجال بطابع عنصر الأنوثة في تكوينها الفطري وبنائها الجسمي، كما يتميز الفتى - هو أيضاً - عن النساء بطابع عنصر الذكورة في تكوينه الفطري وبنائه الجسمي، حيث يتأهل كل منهما - حسب طبيعة عنصره - للقيام بمهمات ومسؤوليات متنوعة تتناسب مع فطرته، وتحقق التكامل مع الآخر، دون تداخل بينهما يُخلُّ بنظام توزيع المهام والمسؤوليات بين الجنسين، كلٌ حسب نظام هدايته، ووفق فطرته التي فطره الله تعالى عليها.
ويعمل هذا الضابط على تحقيق سلامة شخصية الفتاة من الاسترجال الذي يخرجها عن طبيعة فطرتها، بحيث تسلم للفتاة المُمارِسة للرياضة البدنية مظاهر الأنوثة في هيئتها الجسمية وسلوكها، فإن الشريعة تمقت المترجِّلات من النساء، ولو في لبس النَّعل الخاص بالرجال، فإن السلف كانوا يكرهون للمرأة كل مظهر تتشبَّه فيه بالرجل : كالمشْية، أو ركوب السَّرْج , أو تقلُّد القوس، ونحوها من مسالك الذكور الخاصة بهم في : هيئاتهم، وأخلاقهم، وأفعالهم، وأقوالهم. بل وحتى المسالك الرجولية الجبليِّة، التي قد تُبتلى بها بعض النساء قَدَرَاً : فإنهن يُلزمن بتكلُّف تركها، حتى تبقى مظاهر الجنسين واضحة الفروق والمعالم كما وضعها العليم الخبير.
ومن هنا فإن أيَّ مسلك رياضي يمكن أن يُخرج الفتاة - ولو بصورة جزئية - عن طابعها الأنثوي فإنه ممنوع شرعاً مهما كان نبْل الهدف من ورائه، سواء كان ذلك في عنف الحركة البدنية، أو التشبه في اللباس بالرجال أو حتى بالنساء غير المسلمات؛ فإن اللباس الرياضي للمرأة غير المسلمة لا يبعد كثيراً عن لباس الرجال.
وقد ثبت يقيناً أن الاحتراف الرياضي، والممارسة العنيفة المستمرة لأي لعبة من الألعاب الرياضية المعاصرة - المباحة منها أو الممنوعة - تطبع هيئة الفتاة الجسمية بطابع الذكور البدني، حتى تنطبق مقاسات بعضهن الجسمية على مقاسات الذكور، من حيث : ضمور الحوض، وسعة ما بين المنكبين، وعمق الصدر، وصلابة الأطراف، وبروز العضلات، وخشونة الصوت، وبروز الحنجرة. حتى إن العلاقة عند الباحثين الرياضيين أصبحت في غاية القوة بين زيادة معدل معالم الذكورة في جسم الفتاة الرياضية، وبين تفوقها في أنواع واختبارات الأداء الحركي. ولم يعد غريباً شذوذ بعض النساء بمظاهر للقوى البدنية ممَّا يعجز عنها كثير من أصحَّاء الرجال , مما حدا ببعض الموتورين إلى إنكار كل الفروق البيولوجية بين الجنسين في القدرة على الممارسات الرياضية، حتى في فترة الحمل، والدورة الشهرية، زاعمين أنها فروق مفْتعلة ترجع إلى رواسب فكرية واجتماعية، لا أصل لها في طبيعة التكوين البدني عند الجنسين، فبنوا على هذه المسلَّمة الخاطئة: ضرورة اتحاد الجنسين في جميع أنواع الممارسات الرياضية، والأنشطة البدنية دون استثناء.
لقد شاهد هؤلاء كما شاهد غالب الناس المرأة رائدة الفضاء، والرامية المتقنة، والمتسلِّقة لأعلى قمة جبل في العالم، والمحلِّقة بالطائرة والمنطاد، والسبَّاحة الماهرة عبر بحر المانش، والعدَّاءة السريعة، والقاطعة لأمريكا من غربها إلى شرقها على الأقدام، وغيرهن كثير تفوقن في بعض الأنشطة الجسمية والرياضية، ومع ذلك فإن هذه المظاهر المتفوقة لا تغير من الحقيقة الفطرية والواقعية شيئاً.
لقد أغفل هؤلاء طبيعة الفروق التشريحية بين الذكور والإناث، وطبيعة الحركة الفائقة، والخشونة الزائدة في مسلك الذكور الفطري، إلى جانب إهمالهم للفروق البارزة الجليَّة بين الجنسين في مرحلة البلوغ، كما أنهم - مع كل هذا - سهوا عن قاعدة جسمانية طبيعية مفَادُها : أن أيَّ عضو في جسم الإنسان كثرت رياضته، وحركته قوي ونشط، فلا يبعد - والحالة هذه - أن تتفوق بعض الفتيات المدرَّبات بدنياً على بعض الرجال غير المدرَّبين، ولكن من المستحيل أن تتفوق الفتاة المدرَّبة على شاب كمُلَ تدريبه؛ فإن الذكور من الشباب في الحالة الطبيعية يزيدون - عادة - على الإناث بثلث القوة البدنية؛ ولهذا لا توجد في واقع الأنشطة الرياضية ألعاب يتنافس فيها الرجل مع المرأة؛ وذلك مراعاة للجانب الفطري الذي يفرض نفسه, ويُخلُّ بميزان العدل بينهما.
ومن هنا فإن الفروق الجسمية والحركية بين الجنسين فروق حقيقية واقعية يصعب إنكارها، وبناء عليها لابد من اختلاف نوع الأنشطة الرياضة لتناسب طبيعة كل جنس، وتوافق فطرته، وتماشي نوع مهمته ومسؤوليته.