الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الجسمية للفتاة @ 20ـ الغلو في الزينة عند النساء


معلومات
تاريخ الإضافة: 23/8/1427
عدد القراء: 2558
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

من العجيب في أمر النساء عموماً, والفتيات خصوصاً: أنه رغم هذا التوسع الهائل في شأن الزينة؛ بحيث لا تكاد الواحدة منهن تجد حرجاً شرعياً في أنواعها التي تختارها, أو مواضعها البدنية التي تفضلها, أو زمن لبسها الذي يوافقها– رغم كل هذا– فإن كثيراً منهن يقعن في مغالاة سلوكية عند استخدامهن حق التزين, مما يُوقعهن في المكروه الشرعي, أو المحرم. حيث يدفعهن إلى ذلك الاختلال الخلقي,وقلة العلم والمعرفة, وضعف الثقة بالنفس, إلى جانب الشعور الطبيعي بالنقص الأنثوي, بحيث كلما زادت هذه المشاعر المضطربة عند إحداهن: زادت بالتالي مبالغتها في الزينة والتأنُّق؛فضعف الجاذبية الجمالية,والرغبة الملحة في الزواج, وتأثير الدعاية الإعلامية المشوقة,كل ذلك إذا اجتمع, إضافة إلى الحافز الفطري الطبيعي عندهن: وقعن في المغالاة المفرطة, وفي الحديث: "ويلٌ للنساء من الأحمرين: الذهب والمُعصْفر".

ومن أهم مظاهر المغالاة في التزين عند النساء والفتيات ما يلي:

أولاً : الغلو في زينة الوجه: وذلك من خلال الإفراط في استعمال المساحيق الملونة إلى درجة إضاعة الأوقات والأموال, وتحديد الأسنان ببرد أطرفها رغبة في مزيد من الحسن, وترقيق شعر الحاجبين بالنتف على طريقة أهل الجاهلية مع أنهما على طبيعتهما من معالم الجمال. وكذلك قشْر الوجه رغبة في صفاء اللون, واستخدام الرموش المستعارة وما فيها من وصل الشعر الممنوع, واستعمال العدسات الملونة لغير حاجة, مع ما فيها من المضرَّة الصحية المتوقَّعة, في الوقت الذي يُعرض فيه كثير من الفتيات عن استخدام النظارة الطبية الضرورية خشية من تشوُّه وجوههنَّ بها.

ولعل أفضل ما تعمله المرأة الراغبة في جمال الوجه، بما يغنيها عن فضول الزينة، وكثرة البهرج: حسن صناعة عينيها من خلال تعاهدهما بالكحل، لما فيه من  موافقة السنة، وكمال الصحة،وفي نصيحة عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما لابنته ما يدل على ذلك، حيث قال لها: " … اعلمي أن أزين الزينة الكحل…"، ولا بأس بعد ذلك بشيء من حُمْرة أو صفرة تتأنَّق بها المرأة، وتستمتع في غير غلو؛ فإن المغالاة في استخدام المساحيق الملوَّنة من سلوك المرأة الدميمة التي تبحث عن الرواج، ولتحذر دعايات الشركات المنتجة لمواد التجميل؛ فإنهم من خلال أساليب الدعاية والإعلان يُوحون إلى النساء بأنهن قبيحات المنظر، ولأبدانهن عيوب
لا تزول إلا باستخدام منتجاتهم التجميلية، مما يزيد في إغراق الفتيات والنساء عموماً في استخدام هذه المواد التجميلية.

ثانياً: الغلو في زينة الشعر: بحيث تزيد فيه شعراً ليس منه، أو تقصُّهُ متشبهة بالذكور، أو تصفِّفه على طريقة أهل الكفر والفجور، أو تجعله في هيئات معظَّمة ملفتة للنظر. وكل ذلك ونحوه لا يصح من المرأة المسلمة أن تتعاطاه، فإذا اتقته فإن لها بعد ذلك أن تفعل في شعرها ما شاءت من أنواع التصفيف تبتكره، والتلوين تتخذه– عدا السَّواد للكراهية –فإن الشعر للمرأة من أعظم مظاهر جمالها، ومازال العرب يمتدحون المرأة بجمال وطول شعرها، وفي الأثر: " الشعر الحسن أحد الجمالين"، وعن عمر رضي الله عنه قال: " إذا تم لون المرأة وشعرها فقد تم حسنها"، وما ورد في السنة من كراهية المبالغة في العناية بالشعر؛ يخفُّ في شأن النساء؛ لأن باب التزين والتجمل في حقهن أوسع وأرحب.

ويصح للمرأة المسلمة عند حاجتها لإصلاح شعرها أن تستعين بالمرأة الصالحة الخبيرة للعناية به، كما كان يفعل بعض النساء في الزمن الأول، على أن يكون ذلك في مكان لا شبهة فيه، فإن صالونات تجميل النساء كثيراً ما تكون مواقع للانحراف الخلقي، وأخبث من ذلك وأشد: أن تُسْلم المرأة شعرها للرجل الأجنبي يتولى تزيينه وتحسينه، فإن هذا الفعل لاشك في تحريمه، إلى جانب أن غالب العاملين في مثل هذه الخدمات النسائية: منحرفون جنسياً، حيث يجدون سلوتهم، ومتعتهم الشهوية في تعاطي شعور النساء ووجوههن، فلابد من الحذر وتوقي هذه المواقع.

ثالثاً: الغلو في زينة اليدين: وذلك بإطالة الأظفار، وتركها على حالها لأكثر من أربعين ليلة،مخالفة للفطرة السوية، أو طلائها بمواد تمنع وصول ماء الوضوء إليها. وقد نفَّر رسول الله r من ذلك حيث قال: " يسأل أحدكم عن خبر السماء، وهو يدع أظفاره كأظافير الطير يجتمع فيها الجنابة والخبث والتفث"، ووجَّه عليه السلام النساء - متزوجات كن أو عازبات– إلى الحناء لتزيين اليدين والأظفار، وحث عليها حتى إنه عليه الصلاة والسلام كان لا يبايع من النساء إلا المختضبة بها؛ لما في ذلك من التميُّز عن الرجال، والفوائد الصحية المتعددة. فكان حرص النساء على الحناء في ذلك الزمن كبيراً. إلا أن الغلو قد يتطرق إلى المرأة من جهة سوء استخدامها للحناء، وذلك من خلال النقوش التي يعملنها في الأيدي، فبدلاً من أن تكون بشرة المرأة مستورةً بلون الحناء عند حاجتها لكشفها أمام الرجال الأجانب: تصبح ملْفتة بهذه التَّطاريفوالزخارف، والنبي r يقول فيما رُوي عنه: " يا نساء الأنصار اختضبن غمساً…"،يعني أخضبن كامل اليد دون تصوير، وكان عمر رضي الله عنه يقول: "يا معشر النساء اختضبن، وإيَّاكنَّ والنقش والتطريف، ولتخضب إحداكنَّ يديها إلى هذا، وأشار إلى موضع السوار". فلابد للمرأة أن تراعي ذلك في خضابها، وأن تتقيد في كل ذلك بالسنة المطهرة.

وأخبث ما يمكن أن تفعله المرأة في يديها، أو في بعض مواقع جسمها الأخرى: الوشم، وهو عملية بدائية مؤلمة جداً، تتلخص في حشو مواد من كحل أو نحوه تحت الجلد بواسطة الإبرة، فيظهر لونها من تحت الجلد أخضر أو أزرق، رغبة منها في مزيد من الحسن والجمال، واستغناء عن الزينة الخارجية، أو لأهداف أخرى دينية أو قومية، أو ربما لأهداف جنسية؛ حيث يُوضع هذا الوشم على الأعضاء التناسلية بصورة قبيحة فاضحة.

ورغم أن هذا السلوك المنحرف يرجع إلى العصور الجاهلية المتقدمة: فقد اتخذ اليوم أشكالاً متطوِّرة، وأصبح ضمن مهام الجراحة الطبية الحديثة، يُعمل بصورة متقنة عن طريق المستشفيات في بعض الدول الغربية. ويُلحق بهذه العادة القبيحة ما تفعله بعض المجتمعات الأفريقية من أخاديد في وجوه الفتيات للزينة، يسمونها "الشَّلخ"، وهذا أيضاً من المحرمات شرعاً، ومن مظاهر تغيير خلق الله تعالى، التي تُوقع الفتيات والمسؤولين عنهن في كبائر خُلُقية تُوجب اللعن والعياذ بالله تعالى.

رابعاً: الغلو في زينة البدن: من خلال استخدام المرأة للروائح النَّفَّاذة عند خروجها من البيت، رغبة منها في كمال الزينة، واتِّقاء رائحة العرق المزعجة، التي يكثر انبعاثها في سن الشباب. فرغم أن الطيب مستحسن في الشريعة، ومرغَّب فيه؛ لما يشمله من المنافع الروحية والصحية: ورغم ارتباط المرأة وتعلقها به, كما وصفها ابن عباس رضي الله عنهما حيث قال : " هي ألطف بناناً, وأطيب ريحاً",فإن الإجماع قائم على منع المرأة منه إذا هي خرجت من بيتها، إلا إذا ضمنت سلامة أنوف الرجال الأجانب من طيب ريحها، كما كان بعض نساء السلف يفعلن، فلا بأس حينئذٍ، وإلا كان ذلك ممنوعاً شرعاً؛ فإن للرائحة العَطِرة قوة فعَّالة في نفوس الرجال، أكثر بكثير مما تفعله في نفوس النساء, والتواصل بين الجنسين كما يمكن أن يكون بالكلام والنظر, فإنه يكون أيضاً بالرائحة؛ ولهذا كان ضابط طيب المرأة خارج البيت: ما بدا لونه ظاهراً، وخفيت عن الأنوف رائحته، فإن الجلباب يُعالج اللون بالستر، وأما الرائحة فلا علاج لها إلا بالامتناع.

ثم المرأة بعد هذا الضابط تستخدم من أنواع الطيب، والعطور ما شاءت: فإن نساء السلف كنَّ يحرصن على الطيب، ويتنافسن فيه، إلا ما كان منه مسْكراً، يفعل بالعقول فعل الخمر:  فإن الجمهور على نجاسة الخمر؛ بل ربما قام الإجماع على ذلك،وقد سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها: عن المشطة في رأس المرأة يكون فيه الخمر؟ فنهت عن ذلك. وفي العموم فإن مستحضرات التجميل, وما يلحق بها من المواد الفواحة المزيلة للطلاء مثل الأسيتون , فإنها مضرة بالصحة العامة للإنسان , ولاسيما الأطفال الصغار, إضافة إلى خطر الإدمان على شم رائحتها,فلابد أن تراعي المرأة ذلك من نفسها تورُّعاً, واتقاءً للضرر، وتجنباً للحرج الشرعي.