الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الجسمية للفتاة @ 19ـ الإلحاح الفطري إلى الزينة عند الإناث
إن من أعجب عجائب الإناث فرط تعلُّقهن بالزينة، وميلهن الشديد للتجمل والتحلي– حتى الصغيرات منهن– فكما أن للملابس الحسنة معنى خاصاً عندهن: فإن للزينة في طباعهن ما يساوي ذلك أو يفوقه، فقد تغلغل حبُّها في كيانهن الفطري، وسلوكهن الأنثوي منذ فجر الحياة الإنسانية في جميع المجتمعات، حتى لربما انطلقن يتغنين بها في غالب أشعارهن، فلا يُعرف في التاريخ امرأة لم تأخذ نصيبها من التزين والتجمل؛ لتشبع نهمتها في حب الذات، والتفوق الجمالي، من خلال رواجها عند الرجل؛ إذ هو مقصودها الأول والأسمى بحسن التزين والتصنُّع كما هو حال كثير من النساء، بحيث لو فقدته، أو يئست منه: لم يعد - في الغالب - للزينة عندها موضع تهتم له، والمرأة التي تتأنق فقط لترضي ذاتها دون رغبة في الرجل إنما تفعل ذلك - في بعض الأحيان– بدافع الشعور بالنقص أو التنافس مع القرينات؛لأنها - في كثير من المواقف - لا تتزين لتعزِّز إرادة نفسها كما يفعل الرجل؛ وإنما تتزين لتعزِّز إرادة الرجل فيها, فقدْر الزينة الكافية عندها: ما يزكِّيها في عين الرجل, ويُروِّج لمكانها عنده؛ فهو الذي يحدد لها ما يُستملح منها, وما يُستقبح,فإن هي فقدت الزينة المروِّجة : غالباً ما تفقد معها الرجل،ولهذا كانت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تأمر المتزوجات بالزينة, وتشتدُّ معهن في ذلك, حتى قالت لإحداهن مرة : "إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقْلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما : فافعلي".
وتُعتبر الحُلي أعظم مظاهر الزينة عند النساء؛ ولهذا جاءت توجيهات الشارع الحكيم بإباحتها لهن إجماعاً, صغيرات كن أو كبيرات, متزوجات أو عازبات.وجاءت تطبيقات السلف في القرون المفضلة موافقة لهذا التوجيه, حيث كانوا ينفقون الأموال الكثيرة على حُلي البنات, والزوجات, وعموم النساء دون نكير. وكانوا يعدُّون التاركة للزينة– شابة كانت أم عجوزاً– مع قدرتها عليها: معطَّلة, متشبِّهة بالرجال,ويوجبون– إضافة إلى ذلك– في حُليِّها من الذهب أو الفضة الزكاة, في حين أنها لو لبسته, واستمتعت به لأعفيت منها على الراجح من قوْلي العلماء.كما أنهم لم يُحلُّوا لها الوفاء بالقسم على ترك الزينة, أو الحداد على أحد من الناس– مهما كان عزيزاً– "فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً", كما جاء عن الرسول r.
والمرأة المسلمة المعاصرة إذا تقيدت في لبسها للحلي بحسن المقصد,وتجنَّبت في أشكالها صور الأحياء المجسمة,واتَّقت مشابهة الكفار,وحرصت على إخفاء زينتها عن نظر الرجال الأجانب وآذانهم:فإن لها بعد ذلك أن تلبس من الحلي ما شاءت: نفيساً كان أو حقيراً, ذهباً أو فضة,محلَّقاً أو مقطعاً,لؤلؤاً أو خرزاً,عاجاً أو عظماً مادام طاهراً ليس بنجس.ولها أيضاً أن تلبس من هذه الأنواع على أي جزء شاءت من بدنها دون استثناء,حتى وإن صاحب ذلك شيء من مثْلة: كثقب الأذن, أو الأنف،وفي هذا الاتساع كفاية عن الوقوع في المسلك المحظور عند اتخاذ المرأة للزينة.