الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الإيمانية للفتاة @ 18ـ اعتبار الفتاة بحال السَّلف مع عقيدة اليوم الآخر
الغالب على الشباب إيمانهم باليوم الآخر، واقتناعهم بوقوعه، إلا أن بواعث الإعداد لهذا اليوم الموعود قد تضعُف في النفس، أو تذبل، ولعل من أهم وسائل تنميتها، وإحيائها من جديد: النظر في حال السلف الصالح مع اليوم الآخر، وكيف كانوا يتأثرون بمشاهده، ومواقفه المختلفة التي جاء بها الوحي المبارك. فهذا فتى في ريعان الشباب، ووفرة القوة: يسقط مغشياً عليه لما تلا رسول الله r بعضاً من سورة التحريم.
وهذه السيدة عائشة رضي الله عنها - لعظم ما وقر في نفسها من مشاهد القيامة- تقول:(وددت أني كنت نسياً منسياً), وفي رواية عنها قالت:(ليتني كنت حيضة ملقاة), وروي عنها مرة أنها قالت:( يا ليتني كنت ورقة من هذه الشجرة), وهكذا كان حالها في حزن دائم وخشية من سوء المصير، رغم مكانتها العظيمة في الإسلام.
وهذه عفيرة العابدة، لا تكاد تغفل عن اليوم الآخر، فقد "كانت طويلة الحزن كثيرة البكاء، قدم قريب لها من سفر فجعلت تبكي، فقيل لها في ذلك فقالت: لقد ذكرني قدوم هذا الفتى يوم القدوم على الله، فمسرور ومثبور".
ولم يكن هذا حال الصالحين فقط؛ بل حتى من وقع في بعض المعاصي من السَّلف كانت التوبة طريقهم، مع طول الحزن، وصدق الإنابة، فهذه المرأة الغامدية التي وقعت في الزنا، ثم تابت، واستعذبت وقع الحجارة، حتى تقدم على ربها طاهرة نقية، وكذلك امرأة أخرى في زمن عمر بن الخطاب ادَّعى عليها زوجها بالزنى، فأخبرت بأنها لا تؤخذ بقوله فأبت، وأصرَّت على الاعتراف حتى رُجمت.
وقد أحسن الإمام الحسن البصري رحمه الله لما وصف حال السلف، وخوفهم من اليوم الآخر حيث قال: "وظن الناس أن قد خُولِطوا، وما خُولِطوا، ولكن خالط قلبهم همٌّ عظيم".
إن مراجعة مثل هذه الأخبار، عن أحوال السلف، تعد وسيلة مؤثرة- في الغالب- لإيقاظ وتنمية الإيمان، والاندفاع نحو الاستزادة من العمل الصالح، وفضائل العبادات.