الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاقتصادية للفتاة @ 17ـ ضوابط مشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة
أولاً: الضابط الإيماني لمشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة.
والمقصود بهذا الضابط : البعد الغيبي للتنمية الاقتصادية الذي يحكمه التشريع الإسلامي فيحدد هدفه، ويوضح معالمه، ويفرض استقلاله عن الأنظمة الاقتصادية الجاهلية، وذلك من خلال النقاط الآتية :
1-إدراك الغاية من التنمية الاقتصادية الشاملة وهي مرضاة الله تعالى بالتزام التشريعات الاقتصادية التي جاء بها الإسلام في جميع الجوانب والخطط التنموية المختلفة؛ فإن المجتمع بكل فعالياته وحركته لا يعدو أن يكون وسيلة إلى مرضاة الله تعالى.
2-تجاوز النموذج الغربي للتنمية الاقتصادية الذي ثبت إخفاقه في كثير من جوانبه، فلا يكون هو النموذج المقياس للتنمية الاقتصادية في المجتمع المسلم، لاسيما وقد ثبت في الواقع وجود نماذج اقتصادية أخرى، لا تقل تفوقاً - في بعض جوانبها - عن النموذج الغربي.
3-الانطلاقة التنموية من ذات الأمة الإسلامية من خلال الاعتماد على ثروات الأمة المدخرة في أرضها وفي أفرادها بهدف التخلص من الهيمنة الاقتصادية الغربية؛ فقد أثبتت التجارب أن التنمية لا تأتي من الخارج، وإنما هي عملية اجتماعية واعية، تنطلق من إرادة وطنية مستقلة، ومن المعلوم أن خطة التنمية كلما كانت متوافقة مع الإطار المرجعي للأمة كلما كانت أكثر فعالية، وأجدر أن تؤتي ثمارها.
ثانياً: الضابط الأخلاق لمشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة.
والمقصود بهذا الضابط إحكام مشاركات النساء الاقتصادية العامة ضمن الضوابط الأخلاقية والآداب المرعية التي جاء بها الإسلام، وهذا يتجلى في النقاط الآتية:
1-تجنب اختلاط المرأة بالرجال الأجانب في العمل وذلك للمفاسد الأخلاقية والاجتماعية التي ثبتت من جراء فتنة الاختلاط، لاسيما إذا وقعت المرأة العاملة المحتاجة تحت سلطة الرجل الذي لا يتورع عن استغلالها، بصورة من صور الاستغلال الأخلاقي.
2-تحريم جميع أشكال الاتجار بشخص المرأة العاملة سواء كان ذلك بصورتها أو بصوتها؛ بحيث يمنع بصورة جذرية استغلالها جسدياً لترويج المنتجات الاستهلاكية، أو إبرام العقود التجارية، أو استغلالها كواجهة لجذب الزبائن، أو خدمتهم، أو الترويح عنهم.
ثالثاً : الضابط الإنساني لمشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة.
ويُقصد بهذا الضابط المحافظة على كرامة المرأة، وحمايتها من كل ما من شأنه إذلالها أو احتقارها، أو إرهاقها وهذا يتضح من خلال النقاط الآتية:
1-الترفع بالمرأة عن الأعمال المهنية الوضيعة التي قد تستذل كرامتها، وتضعف درجة محافظتها على شرفها، والتي أصبحت في هذا العصر مهن غالب النساء، فما من مهنة ذهب بريقها، وزهد فيها الرجال إلا تكدست فيها النساء، وهي المهن التي تُرشَّح لها النساء في عمليات إحلال العمالة النسائية الوطنية مكان العمالة الوافدة الأجنبية، التي تشغل - في الغالب - المهن الوضيعة والحقيرة.
2-حماية المرأة من الأعمال الشاقة المضنية التي تتطلب جهداً جسمياً كبيراً مما قد يعيق قيامها بوظائفها الإنسانية في الإنجاب ورعاية الأطفال وخدمة الأسرة، وقد شهد الواقع اشتغال كثير من النساء بهذه المهن الشاقة في المصانع، والورش، والمناجم، وذلك بعد أن مُلئت المهن المناسبة بالنساء، فلم يعد أمام الراغبات الجدد سوى المهن الصعبة.
3-ضمان الحق المالي للفتاة العاملة بحيث تعطى على عملها أجر المثل دون إجحاف بسبب الأنوثة؛ فإن عنصر الأنوثة في المرأة حتى الآن - في كثير من الدول المتقدمة حسب تقارير الأمم المتحدة - لايزال سبباً في حيف اجتماعي، وظلم إداري، لا تتقاضى بسببه المرأة أجر المثل، رغم قيامها بنفس جهد الرجل، وقد تأهلت مثله بالشهادة العلمية والخبرة.
رابعاً: الضابط الصحي لمشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة.
والمقصود بهذا الضابط : ما يمنع المرأة من العمل بسبب الضرر الصحي المتوقع عليها وهذا يتضح من خلال النقاط الآتية:
1-تجنب تأثيرات العمل السلبية على صحة المرأة الجسمية، فلا تعيق نموها السليم، أو تعطل مهمتها الاجتماعية، ووظائفها العبادية، إلا أن الواقع يشهد بأن المرأة العاملة أقل فئات المجتمع راحة ونوماً، وأكثرهم جهداً وعملاً.
2-تجنب تأثيرات العمل السلبية على صحة المرأة النفسية؛ بحيث يعيقها العمل عن التوافق الاجتماعي، ويخرجها عن حد الاتزان، وقد لُوحظ على كثير من العاملات شيء من الإرهاق النفسي، والقلق، والاكتئاب، الذي يدفعها إلى عدم التوافق الاجتماعي، وربما دفعها إلى شيء من العنف العائلي تجاه الأبناء.
3-تجنب تأثيرات العمل السلبية على سلامة إنجاب المرأة، فلا يكون العمل سبباً في انخفاض مستوى قدرتها على الإنجاب كوظيفة إنسانية ضرورية، وقد لُوحظ إخفاق بعض النساء في إتمام حملهن بسبب الإرهاق والجهد البدني المستهلَك في العمل.
خامساً: الضابط الأسري لمشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة.
والمقصود بهذا الضابط هو : الانعكاسات السلبية التي يمكن أن يفرزها العمل خارج المنزل على أدوار المرأة الأسرية، وتوافقها مع زوجها، ومعدلات خصوبتها، ورعايتها لأطفالها، ويمكن تلخيص ذلك في هذه النقاط:
1-حماية نظام الأسرة من التصدع، فلا يكون العمل سبباً كافياً لإحجام المرأة عن الزواج بحجة اكتفائها اقتصادياً، فقد لُوحظ عزوف بعض النساء عن النكاح بسبب العمل، باعتباره مورداً اقتصادياً يستغنين به عن الزواج، وإقامة الأسرة، وهذا يتعارض مع وجهة الإسلام المرغبة في الزواج، والمنفرة من العزوبة.
2-رعاية المرأة العاملة لقوامة الزوج من الاختلال؛ بحيث لا يكون موردها المالي سبباً في إضعاف قوامة الزوج الأسرية، فإن للقوامة جانبين : فطري وكسبي، وكثيراً ما يكون مورد المرأة الاقتصادي سبباً في مصادرة قوامة الزوج الكسبية، والإخلال بها، وهذا من شأنه أن يخل بنظام الأسرة الطبيعي، ويثير صراعات تنافسية بين الزوجين.
3-الحرص على سلامة معدلات خصوبة المرأة العاملة من الانخفاض، فلا يكون العمل سبباً مباشراً في انخفاض معدلات خصوبتها، والواقع يشهد من خلال الإحصاءات انخفاض معدلات خصوبة المرأة العاملة، فإن أفضل طريقة لتحديد النسل ربط النساء بالعمل خارج المنزل.
4-تجنُّب المرأة العاملة صراع الأدوار الاجتماعية؛ بحيث تستطيع أن توِّفق بين عملها خارج المنزل وداخله دون تعرضها لأزمة تعارض الأدوار الاجتماعية، وهذا النوع من الصراع لا تكاد تنفك عنه المرأة العاملة خارج المنزل، ولكنهنَّ يختلفن في درجة معاناتهن من آثاره المزعجة، وقد لُوحظ أن محاولة التوفيق بين المهمتين المناطة بها - بصورة مُرْضية - يكاد يكون مستحيلاً؛ ولهذا كثيراً ما يفضل أرباب العمل المرأة العزباء، لخلو ذهنها ومشاعرها من هذه الصراعات، وأمثالها من المنغصات.
5-المحافظة على سلامة أولاد المرأة العاملة من الانحراف، وهو أن لا يكون عملها خارج المنزل سبباً في ضياع أولادها في المستقبل، أو إهمال تربيتهم، فإن المرأة العاملة تهمل - بالضرورة- شيئاً كثيراً من شؤون أولادها كالرضاعة الطبيعية، وتولي شؤونهم بصورة مباشرة، وتحمُّل أعباء معاناة التربية، مما قد يكون سبباً في المستقبل في انحرافات سلوكية، وقبائح اجتماعية يقع فيها الأولاد بسبب ضعف التربية، واختلال التنشئة في الصغر.
سادساً: الضابط التخصصي لمشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة.
والمقصود بهذا الضابط : إحكام مجالات عمل المرأة ضمن تخصصات محددة تتناسب مع طبيعتها من جهة، ويحتاجها المجتمع من جهة أخرى، وهذا يتضح فيما يلي :
1-رفض مبدأ تماثل الأدوار المهنية بين الجنسين، بحيث يستقر لدى المرأة والمجتمع أن التماثل في جميع الأعمال المهنية بين الجنسين أمر مرفوض، فلابد أن يبقى هناك وظائف تختص بالرجال وأخرى بالنساء، تناسب كلاً حسب طبيعته، فليس كل إنسان يصلح لكل عمل، ولكل صناعة، فإن المواهب المختلفة تفرض نفسها، ونوع الجنس يفرض نفسه أيضاً، والجنسان ما خلقا ليتسابقا في مضمار واحد.
2-مراعاة حاجات الإناث الطبية والتعليمية، بحيث يكون هذان الجانبان أهم ميادين المرأة التنموية العامة - كما هو الواقع- على أن تكون مشاركتها ضمن مفاهيم الشرع وحدوده المحترمة، التي كثيراً ما تتعارض مع واقع ممارسات الإناث في المهن التعليمية والطبية، فإن شرف هاتين المهنتين لا يلغى ثوابت الشريعة وأخلاقياتها المرعية.
سابعاً: الضابط الحاجي لمشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة.
ويُقصد بهذا الضابط: وجود حاجة قائمة بين المرأة والعمل، فلا يكون إشغالها للوظيفة لغير حاجة متبادلة بينها وبين الوظيفة، وهذا يظهر فيما يلي :
1-عدم الاعتماد على العمالة النسائية في قيام النهضة الاقتصادية، وذلك لأن النهضة الاقتصادية لا تقوم على أكتاف النساء خاصة إذا عجز عن ذلك الرجال، وقد شهد التاريخ الإنساني نهضات كبرى، ولاسيما في التاريخ الإسلامي، كانت فيها المرأة بعيدة عن الحياة المهنية العامة، قد انشغلت بوظائفها الفطرية التي دعمت النهضة من خلال تربية وإعداد الرجال، مما يدل على أن التفوق في التنمية الاقتصادية لا علاقة له بزيادة العنصر النسائي في المهن العامة.
2-تجنب تأثير عمل النساء على زيادة البطالة بين الرجال، فلا يكون عملهن سبباً في تعطيل الرجال عن الكسب؛ لكونهم مكلفين شرعاً بأُسر ينفقون عليها، والنساء مكفولات شرعاً بأوليائهن، وقد ثبت أن الدور الأكبر في أزمة البطالة المعاصرة يُعزى إلى التوسع في تشغيل النساء، مما دفع بعض الدول إلى التقليل من فرص أعمالهن حتى في بعض الميادين التي تخصُّهن رغبة في توفير مهن للرجال المكلفين فطرياً وشرعياً بالنفقة على الأسر، فالرجل بالفطرة وبإلزام الشرع يُوزِّع ثروته ويفتتها بصورة دائمة، والمرأة بحكم الشرع تجمع ولا تفتت ثروتها بالنفقة، ومن المعلوم أن توزيع الثروة مطلب اقتصادي مرغوب فيه. وللقارئ أن يتأمل ما هو موقف الشرع حين يتقدم الرجل وزوجته إلى وظيفة ما، فتقبل الزوجة للوظيفة ويُرد الرجل، فهل يكون من المنطق الشرعي إلزامها بالنفقة عليه، وإسقاط وجوب النفقة عنه، فتتغيَّر - بناء على هذا الوضع الشاذ- ثوابت الشريعة.
3-التأكيد على حاجة الفتاة الاقتصادية للعمل، بحيث يكون عملها عن حاجة مالية، أو حاجة اجتماعية دون الحاجات المتوهمة، أو غير المعتبرة شرعاً؛ فإن نسبة كبيرة من النساء العاملات ليس لهن غرض من العمل سوى التسلية، وإثبات الذات.
ثامناً: الضابط الأنثوي لمشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة.
المقصود بهذا الضابط: ما يمنع المرأة عن العمل بسبب الأنوثة، بحيث يكون الجنس سبباً كافياً لمنعها من العمل، أو إعفائها من القيام به، وهذا يظهر في النقاط الآتية:
1-تعارض الأنوثة الاجتماعي مع نمط البروز السياسي، الذي تتطلبه الممارسة السياسية في مواجهة الجماهير، ومخالطتهم، وتربيتهم، وقيادتهم، وهذا لا يتناسب مع طبيعة المرأة المأمورة بالحجاب والستر، وخروج السيدة عائشة رضي الله عنها يوم الجمل مذهب قديم لها، قد تواترت الأخبار عنها بالتوبة منه، فلا يصح أن يكون دليلاً، ثم هي لم تخرج من باب حقها في المشاركة السياسية وإنما خرجت رغبة في الإصلاح بين فئتين من المسلمين باعتبارها أماً لهم، وإلا فأين باقي النساء لم يشاركن، إضافة إلى أنها حين خرجت كانت في هودج من حديد لا يُرى من شخصها شيء.
2-تعارض الأنوثة الفطري مع طبيعة السلوك السياسي من جهة الطبيعة العقلية، والطبيعة العاطفية، والطبيعة النفسية، التي لا تتوافق في جملتها مع نوع المسؤولية السياسية، التي يتقاصر عنها غالب الرجال فضلاً عن النساء.
3-تعارض الأنوثة مع الولايات السياسية العامة من الناحية الواقعية التي تدل على ندرة وجودهن في المواقع السياسية المؤثرة، وما يُنقل تاريخياً وواقعياً عن نساء برزن في ميادين سياسية، وقتالية لا تتعدى الندرة والشذوذ، الذي لا يغير من الحقائق شيئاً، وهي حين تريد أن تصنع شيئاً في الميدان السياسي تحتاج إلى أن تتخلص مما هي به أنثى من الطبائع والأخلاق والأعمال، وتتصف بما يجعلها ذكراً، من الأفعال والممارسات المختلفة؛ ولهذا أعرضت بلقيس ملكة سبأ عن الزواج، وتناولت "تاتشر" رئيسة وزراء بريطانيا السابقة صفة من عالم الرجال - المرأة الحديدية - لتتخلص بها مما هي به أنثى.
4-تعارض الأنوثة مع عضوية أهل الحل والعقد، فلا يصح أن تكون عضواً فيهم، وإنما تستشار المرأة الخبيرة فيما يتصل بالشؤون النسائية، مما تحتاجه الأمة، ولا يطلع عليه غيرهن، هذا هو الثابت في تاريخ الأمة السياسي دون حالات الشذوذ التي مرت بها الأمة زمن ضعفها وتخلفها، فالسيدة فاطمة والسيدة عائشة رضي الله عنهما رغم فضلهما ومكانتهما لم تكونا موضع استشارة سياسية من أحد الخلفاء، ولم تبايع امرأة خليفة للمسلمين، وإنما هن وعامة الناس تبعاً لأهل الحل والعقد من أفذاذ الأمة، الذين يُعرفون بعلمهم وجهدهم وجهادهم، ممن لا يحتاج أصلاً إلى من يزكيهم ويُعرِّف بهم من العامة أو النساء، فإن الأصل أن المرأة لا تعرف شؤون الرجال الأجانب، فكيف لها أن تزكي أحداً منهم؛ ولهذا لا يوجد في كتب الرجال كلام في الجرح والتعديل للنساء، وما حصل من أم سلمة رضي الله عنها يوم الحديبية من المشورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بطريقة عفوية، ومع ذلك لم يتوقف امتثال الصحابة على مشورتها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يذبح ويحلق بكل حال، سواء أشارت أم سلمة أو لم تشر، وهذا عين ما حدث في حجة الوداع حين تباطأ الصحابة بعد طوافهم وسعيهم من التحلل بالحلق وجعلها عمرة حين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتمتع لمن لم يكن منهم قد ساق الهدي، فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم من تباطئهم، ودخل على عائشة رضي الله عنها وهو مُغضب وقد علمت الخبر، ومع ذلك فقد حلق الصحابة في نهاية الأمر وجعلوها عمرة متمتعين بها إلى الحج، رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لم يحلق لكونه قارناً قد ساق الهدي، فالأمر حاصل حاصل بمشورة أم سلمة وبغير مشورتها، ثم هل فهمت أم سلمة رضي الله عنها ما فهمه المحللون من حادثة الحديبية أنها دليل لمشاركة المرأة السياسية، فإن واقعها مخالف لذلك تماماً فقد كانت أشد الناس إنكاراً على عائشة رضي الله عنها حين خرجت إلى البصرة، وثبتت عنها نصوص تدل على أنها لا ترى نفسها أهلاً - بسبب الأنوثة - للمشاركة السياسية ومع ذلك فإن الموقف يوم الحديبية موقف تشريع في مسألة حكم المُحْصر، وليس موقفاً سياسياً.
5-تعارض الأنوثة مع المسؤولية العسكرية، فلا تكلف المرأة بالجهاد، ولا تقود الجيوش، ولا تكون جندية، وإنما تدافع عن نفسها عند الضرورة، وهذا من رحمة الله بالنساء، ولطبيعة أدوارهن المهمة في تكثير النوع، فإن كثرة النسل تتوقف على وفرة العنصر النسائي، إضافة إلى حاجتهن إلى السكون، فهن كالقوارير في سرعة تكسرهن كما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم، وما ثبت عن بعضهن من القتال كان ضمن الضرورة، وهذا واجب المرأة، أما في غير ضرورة فلا يصح منها القتال، ومشاركة الرجال لما فيه من الفتنة، ولاسيما من الشواب، وأما التدريب على السلاح الخفيف، فهذا يحصل إذا عاشت الأمة المسلمة حالة الجهاد، وكانت الأسلحة الخفيفة ضمن متاع البيوت، تعاينها المرأة وتتدرب عليها مع محارمها، والواقع يشهد بتخلف الرجال عن هذه المهمة وهم المكلفون بها شرعاً، فكيف يفرض ذلك على النساء، ويُطالبن بالتدريب والرجال في عزلة عن السلاح ؟.
لاشك أن هذه الضوابط كثيرة، وتحمل في طياتها التعجيز عن مشاركة المرأة في ميادين التنمية الاقتصادية العامة، وهذا حق فإن مخالفة الفطرة والشرع أمر عسير وشاق، يشبه محاولة توجيه النهر الجاري في غير اتجاهه، ومع هذا فقد يحتاج المجتمع، وقد تحتاج المرأة - في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية القائمة - إلى العمل خارج المنزل مع مخالفة شيء من هذه الضوابط ضمن حدِّ الضرورة الشرعية، والحاجة الاجتماعية الملحة، إلا أنه لابد أن يعرف أن الضرورة تُقدَّر بقدرها، وما أبيح لضرورة يزول بزوالها.