الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاقتصادية @ 15ـ أهمية الدعم الاقتصادي للمتزوجين الجدد


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 1688
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

يتطلع الإنسان إلى إشباع حاجاته الفطرية، وتحقيق مطالبه الضرورية، التي تُسكِّن أشواقه، وتحقق له - في الوقت نفسه - مرتبة من الكفاية المرْضية له ولأسرته، فهو- بالفطرة - مُندفع نحو إشباع حاجاته، وتحقيق مطالبه، سواء كان ذلك بالطريق المشروع أو بغيره؛ لذا فإن من الضروري إعطاء الشباب المتزوج ما يكفيه وأسرته؛ بحيث تُدرُّ عليه مهنته المباحة - مهما كانت وضيعة - أجراً يحقق له ولأسرته على الأقل وبصورة دائمة أدنى مراتب الحياة الكريمة، فيُراعى - بالدرجة الأولى- في عطائه المالي حاجته وكفايته بما يتناسب مع مستوى الحياة المعيشية في كل عصر، بحيث يكون الزواج ­- في حد ذاته - سبباً كافياً لمضاعفة أجره المالي، ومن ثمَّ تُراعى بعد ذلك منزلته الاجتماعية والعلمية، وموقعه من العمل، وفي الحديث قال عليه الصلاة والسلام: "من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً "، وكان عمر رضي الله عنه عند توزيع فيء المسلمين يقول: "… الرجل وعياله، والرجل وحاجته".

ولا يخرج العاطل عن هذا العطاء ما لم يكن خاملاً كسولاً، فقد لا يجد عملاً يناسبه، أو يُقعده المرض، أو تمنعه الإعاقة الجسمية، أو لا يجد الأجر الكافي للإنفاق على أسرته، لاسيما في ظروف الحياة الاقتصادية المعاصرة التي تعتبر عمل الإنسان سلعة من السلع، قابلة للعرض والطلب، ولو أدَّى ذلك إلى انخفاض الأجر إلى ما دون حدِّ الكفاف، مما قد يُحرج الأجير، ويخرجه عن حدِّ العيش الكريم، وربما اندفع تحت ضغط الحاجة إلى الجريمة؛ فقد لُوحظ أن غالب المسجونين من الشباب في بعض الدول العربية من ذوي الدخول المالية المنخفضة.  فكل هؤلاء ومن في حكمهم يكفلهم بيت مال المسلمين بما يكفيهم ويغنيهم، من خلال المشروعات الاقتصادية المختلفة، ولاسيما الصغيرة منها، وصناديق الإعانات المتنوعة، والوحدات السكنية المناسبة، كما هو معروف من تاريخ الحضارة الإسلامية، وقائم منذ زمن في أنظمة المجتمعات الغربية الاقتصادية، وبعض المجتمعات الخليجية المعاصرة .

وبناء على ما تقدم يتحقق للشباب ومن هم تحت أيديهم من الزوجات والذرية الأمن الاقتصادي، والسكن الأسري اللذان ينشدهما الإسلام، إلى جانب الاستقرار الاجتماعي الذي تتطلع إليه المجتمعات، في عصر عمَّ فيه التوتر والعنف على جميع المستويات، ولاسيما في أوساط الشباب الحائر، في ظروف الحياة الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة، وتصبح المسألة أكثر تعقيداً وخطراً حين يشكل الشباب الغالبية العظمى من فئات المجتمع، ولاسيما المجتمعات العربية والخليجية، مما يحتم بالضرورة إمعان الفكر والنظر في واقعهم، واتخاذ السبل الكفيلة لحل أزماتهم، وتلبية حاجاتهم بصورة مناسبة وكافية، وما لم تؤخذ قضايا الشباب بالجدية الكافية : فإن مزيداً من التوتر والعنف والغلو والجريمة والانحراف سوف يعاني منه المجتمع، ويذوق من ويلات تفريطه في رعايته لأوسع وأهم فئاته الاجتماعية.