الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاقتصادية @ 14ـ محاربة البطالة في حياة الشباب
تتحقق محاربة البطالة من خلال إسهام الجميع بما فيهم الشباب - كل حسب طاقته - في الإنتاج الاقتصادي العام، ومن ثمَّ يستمتع مع الجميع أيضاً بمغانم الكسب؛ فإن البطالة في الشباب مع كونها عبئاً اقتصادياً يضر بمستوى الإنتاج العام، ويستهلك قوى المنتجين العاملين : فإنها مع ذلك من أوثق العوامل الاقتصادية صلة بالجريمة عند الشباب إضافة إلى أنه من أشد العوامل الاجتماعية تأثيراً في مبدأ الزواج والعلاقات الأسرية، ومن أعظم العوامل ضرراً على الناحيتين الصحيَّتين العقلية والنفسية؛ ولهذا حاربها الإسلام في كل صورها ولو كانت بحجة العبادة، حتى إن عروة بن الزبير رضي الله عنهما لما سُئل عن أشرِّ ما في الدنيا لم يجده في أمر أكثر منه في البطالة؛ ولهذا يكرهها الشباب عموماً ويعانون من أزماتها ضيقاً وشدة، حتى إنهم من فرط بغضهم لها، وأليم معاناتهم منها يفضلون - في كثير من الحالات - العمل أياً كانت صفته ومشقته على البطالة والخمول، خاصة المتزوجون منهم، فإن وجود الزوجة في حياة الشاب من أعظم أسباب انطلاقته الاقتصادية، وحسن أدائه في عمله؛ فقد لُوحظ أن ولاء الموظفين المتزوجين لعملهم أكبر من ولاء غير المتزوجين، ثم إن الزوجة في قدر الله تعالى- مع ما يظهر من كونها عنصراً اجتماعياً مستهلكاً - فإنها مع ذلك من أعظم أسباب الرزق التي يجنيها الشباب، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "تزوجوا النساء فإنهن يأتينكم بالمال".
وقد مارس رسول الله r بالفعل - باعتباره قائداً للأمة - مسؤولية توفير العمل المنتج للمحتاجين، وذلك حين أتاه رجل يسأل، فوجَّهه الرسول r لبيع بعض متاع بيته، وأعانه على ذلك، ثم أمره أن ينفق بعض ذلك المال على أهله، ويشتري بالبعض الآخر فأساً يحتطب بها، ففعل الرجل، وجعل يحتطب ويبيع حتى فتح الله عليه. وفي هذه الممارسة الواقعية من رسول الله r دلالة على وجوب تحمل الدولة مسؤولية توفير العمل للمحتاجين القادرين؛ فإن غالب الشباب لا يعرفون سبل توفير العمل، مما قد يوقعهم في سوء اختيار المهن، أو الانخراط في عمل غير مشروع، أو البطالة والفراغ، فهم - في كل الأحوال- في حاجة إلى الإرشاد المهني السليم، حتى يتمكنوا من القيام بأنفسهم، وإعالة أسرهم.