الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاقتصادية @ 8ـ دور التربية الإسلامية في التنمية الاقتصادية
يمكن تلخيص ما يجب على الأنظمة التربوية في العالم الإسلامي في سبيل النهوض بالتنمية الشاملة للأمة لمواجهة التحديات المعاصرة فيما يلي:
1-إن على التربية في المنطقة الإسلامية دوراً مهماً لحل مشكلة الفقر والجوع التي تعيشها المنطقة الإسلامية، ودوراً كبيراً في النهوض بالتنمية، وتكوين القاعدة الاجتماعية العريضة المتعلمة، وضمان الحد الأدنى من الثقافة والتعليم لكل فرد، إلى جانب حب العمل وطلب الكسب والمعاش وتقدير العمل اليدوي. وتأهيل القوى البشرية للعمل وإعدادها إعداداً جيداً، وتزويدها بالمهارات اللازمة والمعارف.
2-يجب على التربية أن تستغل الطبيعة التي ينفرد بها المسلمون عن غيرهم حيث يعتقد المسلمون أن أي عمل يقوم به الفرد بنية صالحة فإن له عند الله ثواباً فوق ما يستمتع به في الحياة الدنيا من الإنتاج والكسب، وهذا بناء على تصور الإسلام الشامل لمفهوم العبادة، وهذه بلا شك طاقة معنوية كبيرة وضرورة للتنظيم الاقتصادي، إذ إن هناك فرقاً كبيراً بين شخص ينتج بنية النفع مستجيباً لله، ومجاهداً في خدمة المجتمع، وبين شخص لا يرى سوى النفع المادي العاجل، وربما ضر غيره وجر عليه الخراب والدمار. وهذا عنصر مهم من عناصر الإنتاج في المجتمع الإسلامي فيجب على التربية أن تستغله استغلالاً جيداً.
3-يجب على التربية أن تأخذ بعين الاعتبار تفاوت البشر في الفهم والإدراك والميول؛ فإن " طبيعة هذه الحياة البشرية قائمة على أساس التفاوت في مواهب الأفراد، والتفاوت فيما يمكن أن يؤديه كل فرد من عمل، والتفاوت في مدى إتقان هذا العمل. وهذا التفاوت ضروري لتنوع الأدوار المطلوبة للخلافة في الأرض. ولو كان جميع الناس نسخاً مكرورة ما أمكن أن تقوم الحياة في هذه الأرض بهذه الصورة، ولبقيت أعمال كثيرة جداً لا تجد لها مقابلاً من الكفايات ولا تجد من يقوم بها، والذي خلق الحياة وأراد لها البقاء والنمو، خلق الكفايات والاستعدادات متفاوتة تفاوت الأدوار المطلوب أداؤها "، فعلى التربية أن تدرك هذا وتعمل له، فليس هناك إنسان يُعتبر وسطاً حسابياً بين البشر، ولا يمكن أن نطلب من كل فرد أن يؤدي عملاً بنفس الإتقان الذي يستطيعه غيره، وهنا تظهر عملية تفاوت الحصيلة النهائية للإنتاج وفقاً لهذه المعايير الطبيعية.
4-يجب على التربية أن تُعد الأفراد إعداداً جيداً للعمل والوظيفة المطلوبة بحيث تهتم بإعداد الفرد للحياة العملية، ففي المجتمع قبل الصناعي مثلاً يتعلم الجيل الجديد الحاجات الأساسية، ويتعرف على الموارد المتاحة له والحرف الأساسية كالزراعة وقطع الغابات والعمل في المناجم، ويمكن أن يُعد برنامج تربوي واحد ليكفي المجتمع البسيط البدائي، حيث إن معظم أفراد المجتمع يقومون بعمل واحد تقريباً. أما وقد تنوعت حاجات الناس، واحتياجات المجتمع، فلا بد للتربية أن تراعي هذه الاحتياجات، وتبني خططها التنموية بناء عليها حتى تسير التربية مع حاجات المجتمع ومتطلباته.
5-يجب أن يؤخذ في الاعتبار إنسانية الإنسان وأنه ليس بآلة للإنتاج وأنه ليس جزءاً من آلة يمكن استبداله، فإن البعض يرى أن تقدم الشعوب وتحضرها يُقاس بالكمية المنتجة فيُستغل الإنسان بهذا المفهوم المنحرف استغلال الآلة دون الاهتمام بأحاسيسه وشعوره وميوله.
6-يجب أن تأخذ التربية في الاعتبار احتياجات المجتمع فتبني عليها اختيار المهنة والتخصص لا أن تترك لرغبات الأفراد وميولهم بل تكون حاجة المجتمع العامة مقدمة على رغبات الأفراد وميولهم، مع مراعاة قدرات الأفراد وميولهم نحو التخصصات بما لا يضر بالمصلحة العامة للأمة.
7-يجب على التربية أن لا تفصل التربية الدينية عن العلم، فالعالم اليهودي الذي اخترع المادة المتفجرة من واقع تخصصه يتمتع في نفس الوقت بثقافة توراتية خاصة توجهه وتقوده لنفع الشعب اليهودي.
8-يجب على التربية إعادة بناء العقلية المبرمجة والتخطيط والدراسة ومحاولة إعادة الكرة بعد الكرة حتى نظفر بالمطلوب فهو الطريق الأمثل للخروج من الأزمة والتخلف الذي نعيشه؛ فإن الأمة الإسلامية في حاجة إلى الإرادة والقدرة كي يتولد عنهما العمل المنتج المفيد الذي يأمر به الإسلام.
9-يجب على التربية أن تضم في برنامجها تنمية كل القوى البشرية الموجودة، فلا تقتصر على الكبار مثلاً دون الصغار، فإن الصغار في المجتمع يعتبرون قوى بشرية كامنة تنتظر وقتها للإنتاج والبناء.
10-يجب على التربية أن تهدف إلى تنمية الإنسان ككل، بجميع جوانبه الروحية والنفسية والجسمية والعقلية، ولا تقتصر على جانب دون جانب.
وينبغي أن يُفهم أن عمل التربية ليس عملاً سحرياً خيالياً، بل هو عمل طبيعي يخضع لإرادة الله U أولاً، ثم للقدرات البشرية المتاحة، إلى جانب أنه يحتاج إلى صبر وجهد متواصل دون ملل، مع عدم استبطاء النتائج، والعمل على النفس الطويل.