الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية الاقتصادية @ 1ـ مدخل إلى التربية الاقتصادية في الإسلام


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 2218
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

علم الاقتصاد يبحث في الظواهر الاقتصادية، وقوانينها المختلفة، التي تحكم سلوك الفرد المالي " بوصفه علاقة بين الغايات من جهة والموارد من جهة أخرى "، وذلك في ضوء القواعد والأحكام التي تنظم كسبه، وإنفاقه بما يحقق سعادة الفرد والجماعة.

ولما كان المال عنصراً مهماً لقوام الحياة الإنسانية، وضرورةً من ضروريات الدين، التي تؤثر بصورة قوية في " مسار التطور الاجتماعي والسياسي، وما يرتبط به من قيم واتجاهات ": اعتنى الشارع الحكيم بضبط أحكام كسبه، وشروط امتلاكه، وطرق إنفاقه، ووسائل تنميته، بحيث لا يخرج شيء من ذلك عن عموم مفاهيم الإسلام الاقتصادية كنظام متكامل " يشمل مجموعة الأصول والمبادئ والقواعد الاقتصادية العامة المستخرجة من القرآن الكريم، والسنة النبوية "، التي توجِّه في مجملها نشاط الإنسان المالي، وتحكم أساليب تداوله بين الناس، ضمن معنى القصْد المتضمن للعدل والاعتدال، من خلال تربية الأفراد اقتصادياً: كيف يكتسبون ثرواتهم، وكيف يُنمُّونها، وكيف ينفقونها ؟ بهدف تحقيق العبودية لله تعالى بعمارة الأرض، والاستخلاف فيها، ومن ثمَّ قيام الحضارة الإسلامية الخيِّرة، والمتفوقة في جميع مناحي الحياة الإنسانية.

ومن هنا يُعلم أن المال - وهو قضية الاقتصاد - لا يعدو أن يكون وسيلة لغايات أشرف وأكمل، وأن المسألة الاقتصادية ككل: خاصية إنسانية من الدرجة الأولى، ينفرد بها بنو آدم، دون سائر المخلوقات، فالاقتصاد " ليس عملية إنشاء بنك، أو تشييد مصنع، أو تنفيذ مشروعات اقتصادية فحسب؛ بل هو قبل هذا أو ذاك تشييد حياة الإنسان وتشكيلها "، بأبعادها المختلفة، بصورة شاملة ومتكاملة، ضمن مفهوم التنمية الشامل، بحيث لا تقتصر حسابات معدلات النمو الاقتصادي على النواحي المادية فحسب؛ بل تتعداها إلى كل ماهو إنساني، لتشمل: الجانب الاعتقادي بأبعاده الروحية، والجانب الأخلاقي بأبعاده السلوكية، والجانب الاجتماعي بأبعاده الأمنية، والجانب العقلي بأبعاده الفكرية، والجانب النفسي بأبعاده الصحية، ويكون تقدم الأمة - في كل هذا - منضبطاً بقاعدتي الأصالة والمعاصرة، ضمن الثوابت الاقتصادية، والمتغيرات الاجتهادية؛ بحيث تقطع مبدأ الوهم في احتمال فصل الدين عن الدنيا في نظام الإسلام العام، فالوحي الرباني - بكل فعالياته - إنما " جاء ليلج الحياة الحضارية القائمة على التطور البشري، ويخوض نموها الاجتماعي بكل ما فيه من علاقات وارتباطات وتناقضات؛ ليعطي فعاليَّة لمبادئه وتصوراته، ويساعد الإنسانية في نقلتها الحضارية الكبرى حتى تحقق سعادتها دون أن تتعرض لعثرات تعوق نموها وتقدمها الحضاري ".