الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية العقلية @ 8ـ إعادة بناء أهداف التربية في البلاد الإسلامية


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 2073
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

تعيش الأمة الإسلامية اليوم في حالة من التَّمزُّق التربوي بين القديم والحديث، وكأن التجديد يعني الانفلات العقدي والخلقي، والأصالة تعني الجمود والتقوقع، في حين أن القديم بالنسبة للأمة " جزء من حياتها، والحديث ضرورة من ضروريات وجودها، وشرط لتحقيق آمالها المنشودة "، فالأمة بقدر ما تحتاج إلى التجديد التربوي لمراعاة ظروف الزمان، وطبيعة الأحوال القائمة والمُسْتجدة: تحتاج إلى التأصيل الذي يضفي على توجهاتها التربوية الصبغة الإسلامية التي تُميزها عن باقي الأمم، كما قال الله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الَّلهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة:138]، "لقد آن الأوان لأن يكون للمسلمين نظامهم الأصيل الذي ينبثق من ثقافتهم، وينطلق بهم إلى الحضارة الحقيقية الصحيحة، ويحقق لهم الآمال التي يتطلعون إليها، إلا أنه ستظل بين الأنظمة التربوية المختلفة عناصر مشتركة، ولكن لا بد أن يبقى لكل منها خصوصياتها النابعة من وجدان الأمة، وضمائر أبنائها"، فالإفادة من تجارب الآخرين أمر مهم، ولكن الإبداع والابتكار الصادر عن الأمة، ومن واقعها وظروفها، وبوحي من معاييرها وخصائصها الروحية والأخلاقية: أكثر أهمية وأشد إلحاحاً ".

والتربية الإسلامية - رغم جمودها وتخلفها في هذا العصر - لا تعوزها المقومات الأساسية للتربية والتعليم بمفاهيمها الحديثة؛ بل لا تزال - برعاية الله تعالى - محتفظة بأصالتها وقدرتها الكاملة على الانبعاث من جديد متى توافرت المقاصد الحسنة، والمساعي الجادة من واضعي سياسات التربية والتعليم في البلاد الإسلامية، فإن تفوقها على غيرها، وتميزها على ما سواها من مناهج التربية: من القضايا البيِّنة الواضحة التي لا تخفى على من طلبها؛ وبحث عنها.

إن أهم ما يُميِّز أهداف التربية في التصور الإسلامي: أنها نابعة من عقيدة المجتمع، ومفاهيمه الإيمانية، وتصوراته الفكرية الأساسية، فهي أهداف منبعثة من فلسفة اجتماعية واضحة المعالم؛ إذ لا تربية بغير فلسفة تستقي منها أهدافها، ومعالم منهجها، وطرق تدريسها؛ فإن " التربية في أي مجتمع إنساني تتحدد طبيعتها وأهدافها في ضوء طبيعة وأهداف المجتمع الذي تُوجد فيه ".

ومن هنا فإن هدف التربية والتعليم في المجتمع الإسلامي هو المحافظة على الدين، عقيدة وسلوكاً، بحيث يصبح التعليم أداة للمحافظة على الشخصية الإسلامية، تماماً كما يستعمل اليهود التعليم كأداة للمحافظة على الشخصية اليهودية، فتنبعث الأهداف التربوية العامة والخاصة من التحليل التفصيلي لمصدري التشريع الإسلامي: الكتاب والسنة لتصب في هذا المعنى، فتُصْبغ بهما محتويات المناهج، وأساليب التدريس، ووسائل التقويم، ويستبعد عنها كل مبدأ، أواتجاه، أو فكر يتعارض مع هذه الأهداف وغاياتها المنشودة.