الصفحة الرئيسة @ المقالات التربوية @ التربية العقلية @ 5ـ الغارة على التعليم الديني في بلاد المسلمين


معلومات
تاريخ الإضافة: 24/8/1427
عدد القراء: 1702
خدمات
نسخة للطباعة     إرسال لصديق

إنَّ أيَّ أمَّة من الأمم لا يمكن أن تبني حضارتها، وتزدهر علومها بعيداً عن تراثها الخاص، وأهدافها العليا، وأيُّ محاولة للتلفيق المنهجي لن تثمر إلا مزيداً من التخلف والتبعية، وواقع مناهج التعليم في العالم الإسلامي يؤكِّد أنها تعاني اغتراباً عن جذورها الإسلامية، ومبادئها الإيمانية، وتمثل في واقعها صورة مكرورة للفكر الغربي، ونهجه التربوي، وحتى مناهج المواد الدينية التي يصعب استيرادها من الغرب لاقت من أعدائها حرباً شرسة، وعانت من بعض أبنائها نقداً لاذعاً، وعند التطبيق أهملت، وفُصلت عن باقي المواد، وحُوصرت في زوايا ضيقة لا تأثير لها.

كل هذا يتم في بلاد المسلمين في الوقت الذي ترى فيه أمة اليهود أن: " التربية اليهودية الحقيقية هي تلك التي تُعلِّم اليهودية الكاملة الشاملة المتكاملة … من رياض الأطفال، وحتى الجامعة "، وفي الوقت أيضاً الذي يرى فيه الأمريكان ضرورة إعلان الحرب على من يفرض عليهم منهجاً تربوياً غير أمريكي، وتبقى أمة الإسلام في الوسط العالمي نهباً مشاعاً بين الأمم المعتزَّة بمناهجها، وأنظمتها التربوية.

ورغم أن المناهج المعاصرة بوضعها الحالي لا تخدم الأمة بصورة صحيحة، فإن الخطر الأكبر أن تبقى مناهج الإصلاح والتطوير غريبة النزعة والأصول في أساليبها، وتوجهاتها، وطرق تدريسها، وأنواع تقويمها، فتخرج الأمة من تقليد إلى تقليد، ومن إخفاق إلى إخفاق، مما يجعلها تدور في حلقة مفرغة من التجديد المعاكس لمصالحها، والتطوير الذي لا يزيدها إلا تخلُّفاً.

إن هذا الوضع المنهجي لا يسمح بخروج جيل من الفتيان والفتيات صالحاً متنوِّر الفكر، صحيح العقيدة، قوي الخلق، ناجحاً في استغلال طاقاته الفكرية، ومواهبه الربانية؛ وإنما يُخرِّج أجيالاً ممسوخة الفكر، مشوهة الصورة، عاجزة عن نفع نفسها بالخير، وقاصرة عن تطوير أمتها، وخدمة مجتمعها.